الفنانون المغاربة ينشرون خلافاتهم الشخصية على أعمدة الصحف

حالة استثنائية قد تتحول إلى ظاهرة

TT

ظلت الخلافات الشخصية للفنانين المغاربة بعيدة عن أعين الصحافة لسنوات عديدة، ذلك ان غالبية الفنانين والفنانات يفضلون ان تبقى حياتهم الخاصة بعيدة عن الاضواء، خلافا لما هو شائع في مصر على سبيل المثال، او كما يحصل بالنسبة للفنانين العالميين الذين تترصد الصحافة اخبار زواجهم وانفصالهم، وخياناتهم، وصداقاتهم الجديدة، وتعيش على تتبع حركاتهم وسكناتهم وفضائحهم.

تكسير قاعدة التحفظ على الحياة الخاصة والخلافات الزوجية بالنسبة للفنانين المغاربة، ربما جاء نتيجة التأثر بوسائل الإعلام العربية التي تسلط الضوء على تلك الخلافات وتثير ضجة واسعة بشأنها، كان آخرها تجدد الخلاف بين المطربة السورية أصالة وزوجها أيمن الذهبي، وهو الخلاف الذي أدى إلى «كشف المستور».

ولقد تناولت الصحافة المغربية اخيرا، وعلى غير العادة، قصة انفصال زوجين من الوسط الفني، هما الممثلة المعروفة منى فتو عن زوجها المخرج السينمائي سعد الشرايبي، واللذان لاذا إلى الصحافة لنشر تفاصيل خلافاتهما التي أدت إلى انفصالهما، وقام كل واحد منهما بالكشف إما بالحديث المباشر او بإلايحاء، خصوصيات حميمية بينهما، وهي أمور لم يألفها الوسط الفني المغربي.

وفي اعترافاتها الصحافية قالت الممثلة منى فتو إن «هناك عدة أسباب تقف وراء قرار طلب الطلاق، وهي أسباب خاصة وحساسة أفضل ألا أثيرها في الوقت الحاضر حفاظا على كرامة زوجي الذي قضيت معه سنين من عمري، كما انني حريصة على سمعة ابني»، إلا أن الصحافة أشارت استنادا إلى وثائق رسمية، أن سبب الانفصال يرجع إلى تقدم سن زوجها الذي يكبرها بـ 18 عاما.

وأعلنت فتو عن وجود ملف كتبه الشرايبي بخط يده، حاول من خلاله تشويه سمعتها، إذ تضمن معلومات قالت عنها انها «لا أساس لها من الصحة». وقد وزع الشرايبي صاحب الفيلم الناجح «نساء ونساء» الذي يدافع فيه عن حقوق المراة، بالفعل الملف المذكور على أقاربه وأصدقائه الفنانين، ويتضمن الملف الذي يحمل عنوان «الوجه الخفي» تفاصيل الخلافات التي وقعت بينهما مرفقة بصور وتقارير عن المكالمات الهاتفية التي كانت تتلقاها زوجته، ونوع الكتب التي كانت تقرأها، مشيرا إلى أن أسباب تدهور علاقتهما تعود إلى ما وصفه بأنه «تحول سلبي ونزوة غيرة مدمرة لامرأة».

«الشرق الأوسط» سألت عددا من الفنانين المغاربة عن موقفهم من فضح الخلافات الشخصية على أعمدة الصحف، وعن الدوافع الكامنة وراء ذلك.

يقول المنتج الفني حميد العلوي، الزوج الأسبق للمطربة المغربية لطيفة رأفت، واللذان كانت علاقتهما من أشهر الزيجات الفنية التي انتهت بالطلاق، بعد خلافات طويلة إن «الخلافات أمر طبيعي يحصل داخل كل البيوت وليس بيوت الفنانين فقط، إلا أني ألوم من يعلن هذه الخلافات في وسائل الإعلام، لأنها تضر الطرفين معا، ويبقى المستفيد الوحيد هو الصحافة التي تتغذى من هذا النوع من الأخبار، وتساهم في إذكائها في بعض الأحيان».

وأضاف العلوي ان خلافاته مع لطيفة رأفت، كانت أكبر وأهم من قصة فتو والشرايبي، و«كان بالإمكان أن تنشر في كتاب، إلا أني أحجمت وقتها عن الحديث إلى الصحافة، بشأن تفاصيل الخلاف الذي نشأ بيني وبين رأفت التي أعلنت من جهتها، عن تلك الخلافات في أحاديثها الصحافية».

وقال العلوي انه لا يجد أي مبرر لتشويه سمعة انسانة لم يتوافق معها في علاقته الزوجية، ويرى انه من الأفضل حل الخلافات بطرق سلمية بعيدا عن أضواء الصحافة. وأوضح العلوي أن الشهرة تلعب دورا في إذكاء نار الخلافات، التي تؤدي الى الطلاق بين الزوجين اللذين ينتميان للوسط الفني، لأن شهرة أحدهما قد تغطى على شهرة الآخر، ونتيجة لذلك تبرز العديد من الخلافات التي يصعب السيطرة عليها أو إيجاد حلول ترضي الطرفين. وأكد العلوي ان الخلافات العميقة التي حصلت بينه ولطيفة، لم تمنع بعد ذلك، من الحفاظ على علاقة صداقة بينهما.

وإذا كان العلوي يرى أن المستفيد الأول من نشر الخلافات الشخصية للفنانين هي الصحافة، فللممثلة عالية الركاب رأي مغاير، حيث تقول إن الفنانين الذين يلجأون إلى نشر غسيلهم في الصحافة، يفعلون ذلك عن وعي وإصرار بهدف إثارة الانتباه إليهم بطريقة أو بأخرى، لأن علاقتهم بالصحافة تتحول إلى إدمان، ولا يتقبلون غياب الحديث عنهم في الصحف، خصوصا إذا لم تكن لديهم أعمال تلفزيونية أو سينمائية جديدة يفرضون بها وجودهم على الساحة، مضيفة ان هذا الأمر ينطبق أكثر على الفنانين المشارقة، الذين تتصدر أخبارهم عناوين الصحافة المكتوبة وبرامج القنوات التلفزيونية، بل منهم من يسرب عن نفسه أخبارا تتعلق إما بالطلاق اوالزواج او الخطوبة او الاعتزال، ليضمن لنفسه اهتماما إعلاميا.

وقالت الركاب التي مرت بدورها بتجربة طلاق، إنها لا تؤيد الحديث عن تفاصيل الحياة الخاصة في وسائل الإعلام، لأن ذلك لا يؤدي إلى الحصول على تعاطف الناس كما يعتقد البعض، بل في أغلب الأحيان يثير الأمر التشفي ولوم الآخرين وكثرة الأقاويل لا غير.

بدورها، قالت الممثلة مجيدة بنكيران انها مبدئيا ضد نشر تفاصيل الخلافات الخاصة في الصحف، وتفضل أن يتم حل النزاعات الشخصية بالطرق الودية، بيد أنها تعطي لكل شخص الحق في التصرف بالشكل الذي يراه مناسبا «لأنه قد تكون لديه مبررات قوية دفعته لذلك نجهلها نحن، وقد يكون واقعا تحت ضغط نفسي، أو محاولة منه لرد الاعتبار»، مضيفة ان ما حصل بين فتو وزوجها حالة استثنائية، في الوسط الفني المغربي وليست ظاهرة.

وقالت بنكيران: «إن الحياة الخاصة للفنانين والحديث عنها في وسائل الاعلام، قد تكون ذات أهمية بالنسبة للنجوم العالميين، أما في الوسط الفني المغربي، فحتى الأخبار الفنية للممثلين والممثلات لا توليها الصحافة الاهتمام المطلوب، فما أهمية أن تطغى خلافاتنا الخاصة على أخبارنا الفنية؟».

من جهته، قال الممثل هشام بهلول: «إن إعلان الخلافات الشخصية وفضحها في الصحف، وسيلة يلجأ إليها أحد الطرفين أو كلاهما معا، سواء أكان كلاهما ينتميان إلى الوسط الفني أو أحدهما فقط، من أجل توضيح الحقيقة من وجهة نظره الخاصة، دفاعا عن صورته أمام الجمهور والرأي العام، وحماية اسمه وتاريخه الفني الذي قد يعمد الاخر، الزوج أو الخطيب لتشويهه، أو إبراز الجوانب الخفية من شخصيته التي لا تظهر لعموم الناس، وهي صورة تعني الكثير بالنسبة لفنان رصيده هو جمهوره، كما أن حياته الفنية، وحتى الخاصة، ليست ملكا له فقط، بل يعد الجمهور احد أطرافها».

وأضاف بهلول بأن شهرة الفنان المغربي لا تخضع للمقاييس العالمية، حتى يصبح الحديث عن خصوصياته في وسائل الإعلام ذا أهمية، ويفضل أن يتم ترسيخ وجوده عن طريق الأعمال الفنية الجيدة.

وترى الممثلة أمينة رشيد، وهي من الجيل الأول من الممثلات المغربيات، أن المراة قديما كانت تتحلى بالصبر، الأمر الذي يفسر من وجهة نظرها، استمرار الزيجات سواء بين فنانين أو أشخاص عاديين «أما حاليا، فقد أصبح الانفصال سيفا يشهره الطرفان معا في وجه بعضهما البعض في كل وقت وكل حين. الخلافات الزوجية لا يمكن أن تحل إلا بالتراضي، أما اللجوء إلى التشهير وكشف العيوب في الصحافة، فلن يزيد إلا في تأجيج الخلافات وبث الكراهية والحقد بين الطرفين».

وأوضحت رشيد أن على الطرفين مراعاة مشاعر أطفالهما إذا كان بينهما أطفال، وإذا كان لا بد من الانفصال فليتم في صمت، ومن العيب كما قالت فضح الأسرار الخاصة، و«ليتأكد الزوجان أن لا أحد سيتعاطف معه ضد الآخر، لأن الحقيقة ستبقى ضائعة بينهما».