اللبنانية جاهدة وهبي: الغناء العربي تحكمه القدرة على التمايل أمام الكاميرا

في زمن المرئي بامتياز

TT

من البقاع اللبناني خرجت المطربة اللبنانية جاهدة وهبي لتقف على المسارح العربية والعالمية في العديد من المهرجانات والحفلات، ولفتت الأسماع إلى صوتها وأغانيها الشرقية التي تختلف عن معظم ما نسمعه هذه الأيام.

خلال الأسبوع الماضي قدمت جاهدة ليلة عراقية على دار الأوبرا المصرية بجانب فتيات عراقيات في لوحة من الفولكلور العراقي.

«الشرق الأوسط» التقت جاهدة خلال زيارتها لمصر وأجرت معها الحوار التالي.

في البداية قالت جاهدة إن سبب مشاركتها في حفل عراقي، هو أن الشاعرة العراقية أمل جبوري «اتصلت بي للمشاركة في إحياء الليلة العراقية التي تنظمها دار الأوبرا بمناسبة رمضان، وذلك بعد اعتذار مطربة عراقية عن إحيائها ووافقت على الفور منطلق أنني فنانة عربية قبل أن أكون لبنانية، وسبق لي أن غنيت للشعب العراقي، وكذلك الفلسطيني، وقدمت الكثير من الحفلات في عدد من البلدان العربية والأوروبية يخصص عائدها لصالح ضحايا الحرب والمعتقلين في لبنان».

> لاحظت أن أغانيك محددة في قالب واحد لا يساير الوضع الغنائي الموجود على الساحة العربية الآن؟

ـ وجدت نفسي في هذا القالب دون أن أشعر وكأن هذا النهج هو الذي اختارني ولست أنا التي اخترته، وأعتقد أن هذا يرجع للبيئة التي نشأت بها في عائلة تحب الطرب الشرقي الأصيل، وبدأ تعلقي بهذا اللون والتغني به منذ كان عمري 9 سنوات ودرست الموسيقى وطرق الغناء المختلفة، والآن أصبح لي موقف مما يحدث على الساحة الغنائية ومن الإسفاف الذي نراه في الوسط الغنائي، وأردت أن أقاومه بكل ما لي من جهد حتى يأتي الوقت الذي ينتهي فيه هذا الإسفاف وتظل فقط الأعمال الفنية المحترمة والمعبرة عن هويتنا العربية.

> لماذا لم تقومي بتصوير أي من أغنياتك بطريقة الفيديو كليب؟

ـ قمت بالفعل بعمل فيديو كليب عنوانه «الشهيد» لأغنية وطنية من كلمات وألحان إيلي شويري وقمت بإخراج هذا العمل بالتعاون مع وزارة الدفاع الوطني اللبناني والجيش اللبناني، وأستطيع تنفيذ فيديو كليب متكامل من إخراجي لأنني قمت بعمل دراسات عليا في التمثيل والإخراج، وليست المشكلة في صناعة الفيديو كليب وإنما المشكلة فيما أريد تقديمه من خلال هذه الصناعة، فأنا الآن أقوم بتسجيل ثاني ألبوم لي ويتضمن أغنيات لشعراء مثل لميعة عباس عمارة وهي شاعرة عراقية، والشاعر الحلاج وأبو فراس الحمداني وعمر الخيام، والشاعر والأديب الألماني العالمي جونتر جراس، والشاعرة العراقية أمل جبوري والجزائرية أحلام مستغانمي، وسيكون من إنتاجي الخاص.

> ألا تجدين غناءك لهذه الأعمال مخاطرة كبيرة في هذا الوقت؟

ـ نعم، هو بالتأكيد مخاطرة لكن دعينا نتأمل في السوق الفني العربي سنجد أنه لا توجد شركة إنتاج يمكنها أو لديها القدرة للتحمس لإنتاج شريط كاسيت من هذا النوع، ولكن الوضع السليم والصحي أن الكل يغني الغناء الشرقي الذي يعبر عن هويتنا، لكن المعايير اختلفت عن السابق، ففي زمن الطرب الشرقي كانت معايير الفنان هي الأداء الأصيل والصوت الجميل والحضور القوي، لكن المعيار الذي يحكم الوسط الغنائي العربي الآن هو قدرة من يقف أمام الكاميرا على التمايل والغنج ولا يهم الصوت الجميل ولا الحضور القوي.

إننا الآن في زمن المرئي بامتياز وأيضاً للأسف من ضمن العوامل التي أدت لانحدار مستوى الغناء العربي بدلاً من خدمته والارتقاء به جهاز الكومبيوتر داخل الاستديو، فمن خلال تقنيات الكومبيوتر نستطيع تقديم صوت نشاز وكأنه صوت قادم من السماء، وللأسف المستمع لا يستطيع تمييز ما إذا كان هذا الصوت جيداً أم لا، وهذا يفسر غناء معظم المغنين بطريقة الـ «بلاي باك» وليس «لايف» على المسرح وليس لدي القدرة على الحضور بهذه الطريقة، ولن أكون إلا نفسي وأفضل تقديم أعمال تشبهني وتشبه قناعتي وأحاول تمديد جسر مع تراثنا العربي والشرقي لعلني أستطيع أن أكون ضمن الثابتين على هويتنا الثقافية وإبراز مخزوننا الثقافي، الغني بالإيقاعات المختلفة والشعر ولا أدعي أنني أقاوم الوضع الغنائي كله لكن أفعل ما أؤمن به، وهي محاولات وحياتنا ما هي إلا محاولة.

> هل تقومين بتلحين أعمالك الغنائية؟

ـ قدمت ألحاناً عديدة لي ولغيري من المطربين وأقوم الآن بتلحين قصيدة من كلمات الشاعر الألماني جونتر جراس، الذي قمت بتلحين وغناء 5 قصائد له من قبل وهذه القصيدة من ترجمة الشاعرة العراقية أمل جبوري، لكنني لا أعتبر نفسي ملحنة وإنما «مدندنة» وأعتقد أن الإنسان يعتبر نفسه هاوياً حتى يظل في سعي دائم ويصل للصفوف الأولى، لذلك أفضل أن أكون في مصاف الهاويات حتى أصبح أكثر احترافاً، فالاحتراف يفقد التواضع الجميل للهاوي الذي يظل في حالة بحث ودراسة طوال الوقت كما أفعل الآن.

> ماذا درست؟

ـ درست التمثيل والإخراج كما قلت من قبل كما درست الغناء الأوبرالي باللغة العربية، وهذا منهج وضع في لبنان حديثاً، بالإضافة لدراستي العزف على آلة العود والإنشاد البيزنطي والسرياني ولدي شهادة في دراسة علم النفس الذي وضح لي من دراسته فداحة الوضع الذي نعيشه، وكم يلزمنا ككائنات من نظريات نفسية للتواصل مع المجتمع، خاصة بالنسبة لي كفنانة يلزمني الكثير من تلك النظريات والحكمة وطول البال حتى أستطيع خوض غمار عالم الفن الذي تحكمه الآن مافيا يجب أن نواجهها بأخلاق ومبادئ افتقدناها من الزمن السابق.

> ماذا عن أعمالك السينمائية وهل ستقومين بالتمثيل بجانب الغناء؟

ـ أعمالي الفنية في المسرح، عشقي الأكبر. ولقد قمت بعمل 7 مسرحيات تقريباً بالإضافة لمسرحيات قدمتها ضمن أطر أكاديمية، وأواظب على عمل أمسيات شعرية بأداء درامي. وكذلك قمت بالتمثيل في أعمال درامية وبالنسبة للسينما قمت بالتمثيل في أكثر من فيلم روائي قصير مع شباب الجامعات، ومن ضمنها فيلم «العريشة» الذي حصل على الجائزة الثانية في مهرجان بيروت الدولي للسينما. كما قمت بكتابة وإخراج فيلم روائي قصير بعنوان «رصاصة فارغة» يحكي عن الإعدام وحصل على جائزة من الجامعة اللبنانية، وشاركت به في عدد من المهرجانات الدولية ولا يوجد لدي أي موانع بأن أعمل في فيلم سينمائي أو أن أقوم بالتمثيل، لكن في النهاية الحكم الرئيسي في هذا الموضوع هو النص والخوف من الوقوع في الفخ الإنتاجي، لذلك أتوجه بشكل أكبر للغناء والتمثيل المسرحي.