المخرجة د. زينب زمزم: يجب اتخاذ أول خطوة نحو عالمية الإنتاج والتوزيع في العالم العربي

الطفل العربي محروم من إنتاج فيلم روائي طويل .. لماذا؟

TT

«تيمون» و«بومبا»، الملك الأسد، و«سنو وايت» كلها أفلام كارتونية عاشت في أذهان أطفال العالم بعد أن أنتجتها لهم شركة والت ديزني، وترجمتها إلى لغات عدة، فكان لها تأثير واضح على الصغار والكبار في العالم العربي! وامتد تأثير شركات الانتاج الأميركية لتقدم أفلاماً روائية طويلة للأطفال، اقتربت فيها من عالمهم. إلا أننا وفي عالمنا العربي وعلى الرغم من قدم المشروع السينمائي لدينا مازلنا نعاني من تأخر الانتاج السينمائي العربي وانشغال العاملين فيه عن انتاج فيلم سينمائي طويل، قد يفتتح به في يوم من الأيام المهرجان الدولي لسينما الأطفال.

هذه القضية وقضايا أخرى كانت مرتكز حوارنا في القاهرة مع الدكتورة زينب زمزم صاحبة ابداعات أفلام الصلصال والتي بدأت حديثها معنا قائلة «للأسف لم يواكب انتاج أفلام الرسوم المتحركة تطور انتاج أفلام سينما الطفل في مصر على وجه خاص والوطن العربي بشكل عام، فقد دخلت سينما الرسوم المتحركة في مصر في أوائل الثلاثينات حيث بدأت أولى الدراسات الأكاديمية وسبق ذلك محاولات تجريبية في بداية القرن».

وتضيف الدكتورة زينب زمزم «إن خروج أول فيلم للأطفال من انتاج عربي إلى النور سيكون قفزة نحو السينما العالمية دون أدنى شك وهكذا تتضح الصورة بأن التحدي القائم لدينا ليس فقط انتاج فيلم طويل من أفلام التحريك، بل محاولة اتخاذ خطوة نحو عالمية الانتاج والتوزيع، وهي ليست خطوة بسيطة وانما فرضتها ظروف تأخر في الانتاج استمر عشرات السنين».

> وبعد سنوات الاستقرار والانفتاح والتقدم التكنولوجي ماهو سبب عدم تقديم فيلم طويل للرسوم المتحركة أو الصلصال؟

ـ الحقيقة أن انتاج مثل هذه الأفلام يتطلب ميزانية انتاج كبيرة تعادل ميزانية اخراج أي فيلم «لايف» آخر، هذا أمر يعرفه جميع المهتمين بالانتاج وقبل أن يقدموا على عمل فيلم طويل للرسوم المتحركة أو الصلصال يجب أن تنجح دراسة الجدوى الخاصة بالفيلم، بحيث يحقق الربح والنجاح المرجو من الانتاج فهو في هذه الحالة مثله مثل أي مشروع تجاري خاضع لآليات السوق.

> ما رأيك في اندماج أطفالنا وتفاعلهم مع الأفلام المتحركة الأجنبية، رغم اختلاف الثقافات؟

ـ ان تاريخ انتاج الأفلام في الدول الأخرى يسبق بكثير التجربة العربية، كما أن التقدم في مجال الرسوم المتحركة لديهم أخذ في التدرج الطبيعي المتزن، والطفل لا يلفت نظره أي فيلم إذا لم يتوفر فيه كم هائل من الخيال، ولكننا في المنطقة العربية مازلنا ندور حول مشكلة ونبحث عن إجابة لسؤال، هو ماذا يريد الطفل العربي أن نقدمه له؟! رغم أن الاجابة معروفة وهي توفر عنصر الخيال الذي يتم تنفيذه فنياً بشكل جيد في الخارج.

إنني أرى بوجه خاص أن نمو الكوادر الشابة التي تتفاعل مع أجهزة الكومبيوتر سوف يساعد في مثل هذه المجالات، هذا التخصص تم الاهتمام به بالفعل من خلال الأكاديمية الدولية للسينما، فمنذ خمس سنوات أو أكثر غزت أجهزة الكومبيوتر المنازل وهذا الجيل مؤهل بالفعل للتحلي بالكفاءة والقدرة على تنفيذ انتاج مثل هذه الأفلام في الخارج، وتبقى الموهبة وهنا تصبح هذه الموهبة هدفنا الذي نسعى إلى تنميته وتنظيم الأفكار وتعزيز الأدوات التي يستطيع بها الفنان التعبير عن خياله.

> ولكن متى يتجاوب أطفالنا مع أفلام نصنعها نحن له؟

ـ هذا بالضبط ما أريد أن أوضحه من خلال فكرة تنمية الأدوات المعبرة عن الخيال، يجب على الفنان أن يتعرف على أكثر القضايا التي تهم هذه الفئة العمرية، فمن عوامل نجاح الأفلام الأجنبية أنها تقع على عناصر الخيال التي تلاقي احتياجات الطفل في التعبير عن نفسه، وتستخدم الأدوات بمنتهى المهارة فمن سمات هذه الأفلام أنها ذات مضمون يلمس الاحتياجات النفسية والوجدانية، وهما من عناصر أعمال الخيال ونحن بشكل خاص في الوطن العربي لنا مشكلاتنا التي تحمل لجيل المستقبل الكثير من السلبيات، التي يجب أن يتعرف عليها مع بداية تعرفه على المجتمع الذي يعيش فيه، فإذا علمنا أن عدد الأطفال في الوطن العربي دون سن الثانية عشرة يمثلون نصف التعداد، ألا يوضح ذلك حجم المشكلات التي سوف يواجهها أطفالنا؟ وإذا لم يكن للأطفال أدنى فكرة عن واقع المستقبل فكيف سيواجهون المشاكل التي تنجم عن زيادة التعداد، ونقص فرص العمل والظروف الاجتماعية الصعبة لشرائح خاصة في المجتمع، وكيف سيساهمون بدورهم إذا عاشوا خيال الآخر وليس خيالهم، وإن جدية التنازل والبراعة الفنية لابد أن يتلازما، وألا يطغى عنصر على الآخر، وفي مجالنا العربي حدثت محاولات كثيرة ولكنها ظلت متعلقة بالتقدم السطحي، إما للقصة أو باستخدام مدلولات فنية منقولة عن الغير، وليست نابعة من جذورنا فيخرج العمل كأنه ناقص التكوين وفي بعض الأحيان مشوه.

> ماهي وصفة النجاح التي يفترض أن تحقق الهدف؟

ـ بالرغم من أن «روشتة» النجاح بسيطة جداً نجد أن طرح الأفكار المعاصرة التي تخدم خطة المستقبل الذي نرجوه لأولادنا هو الحل، ماذا يريد أطفالنا؟ وماذا نريد نحن لأطفالنا؟ هم يريدون الترفيه إذن فلنقدم لهم ما يتجاوبون معه ويناسب سمات عصر الكومبيوتر وينمي لهم معرفتهم فلنقدم لهم ما نعلم نحن، إنه مادة مهمة تساعدهم على التعرف على مشكلات، نعلم جيداً أنها سوف تواجههم في المستقبل، وإذا قدمنا لهم برامج وأفلام المجتمعات الأخرى فقط، فنحن نقول لهم إن حياتكم وردية وستظل الحقائق غائبة، ليصدموا بها حينما يأتي دورهم في تحمل المسؤولية، وتظهر فيما بعد معهم مشكلة هجرة العقول من أوطانها إلى أرض الأحلام والخيال التي نعموا في أجوائها وهم صغار، فلاشك من أننا كلنا نحقق ونحن كبار أحلاماً قد راودتنا في المراحل الأولى من العمر، فلنفرض أحلامنا الخاصة ونعبر بها بأدواتنا الخاصة، ولتكن الاستعانة بالانتاج الغربي فقط من خلال التقنيات.

> ماذا تقدم زينب زمزم من خلال تجربتها الشخصية؟

ـ لقد قمت بتطبيق هذه الأفكار من خلال تقديم حلقات للصلصال تتحدث عن العلاقات الانسانية من وجهة نظر دينية، في حلقات عرضت في رمضان الحالي بعنوان أسباب النزول، تناولت خلالها البعد الاجتماعي لأسباب نزول بعض الآيات القرآنية، مثل رعاية حق اليتيم وحق الأسرة وفضائل الكرم، أداء الواجب للوطن والمجتمع، كما أقدم حالياً الجزء الثالث من مسلسل هنادي والذي سيتحدث عن أهم مشكلات الأطفال والبيئة، عبر عدة محاور رئيسية مثل تلوث البيئة كما أقدم التعريفات المستخدمة في الاعلام السياسي مثل الديمقراطية وغيرها.