غادة عيسى: لماذا التشكيك دائما بقدرات المذيعات العربيات؟

المذيعة اللبنانية تنافس نفسها في قراءة الأخبار وترفض فكرة تفوق الرجل في الإعلام

TT

يلبي مجال الاخبار تطلعات الاعلامية اللبنانية غادة عيسى لأن شخصيتها تتوافق مع المتابعة الدائمة لمجريات الاحداث.

وتقدم غادة النشرات الاخبارية في «تلفزيون المستقبل» مفضلة البقاء في المجال الاعلامي السياسي، وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «اتنافس مع نفسي فقط، لأن قناعتي ان لكل ميزاته الشخصية التي تميزه مهنياً عن سواه، كما ان تحدي الذات في سبيل الافضل يشكل اكبر منافسة مستديمة وفعالة يمكن ان يخوضها الانسان ليتطور في المهنة».

والمتابع لنشرة الاخبار التي تقدمها غادة عيسى يلاحظ سمة الهدوء التي تتميز بها، واذا اضطرها الحدث الى ابراز انفعالها فهو لا يخرج عن نطاق التهذيب والهدوء البعيدين عن المبالغة او افتعال الانفعال بالخبر.

وفي ما يلي نص الحوار:

* بعد سنوات من العمل في المجال الاخباري، هل تغيرت نظرتك تجاه هذا العالم؟

ـ ليس العمل في المجال الاخباري او سواه وحده هو الذي يغير نظرة الانسان في الحياة، بل ان تطور الحياة والظروف والمعطيات والتجارب، تنضج لدى الانسان كل فترة حالة انسانية فكرية معينة تختلف عن التي سبقتها.

* هل تؤيدين النظرية التي تقول ان مقدمة النشرة الاخبارية عملها محدود لا يتطور؟

ـ اذا اعتبرنا مقدمة الاخبار مجرد قارئة، طبعاً لا تطور في عملها، لكن احد مقاييس النجاح في اي مهنة هو الاداء. وكلما قدم الاداء صورة ومضموناً وحضوراً له معناه، ابتعد تقديم الاخبار عن مجرد القراءة، ليعكس صورة عن وعي وفهم مقدم النشرة لمجريات وخلفيات الاحداث.

* هل صحيح انه ليس بالضرورة لمقدمة النشرة ان تكون ذات ثقافة سياسية واسعة؟

ـ الثقافة السياسية ضرورية جداً للابتعاد عن مجرد القراءة في تقديم النشرات والمتابعة الدائمة نتيجة العمل عموماً وبمبادرة شخصية خصوصاً، توسع هذه الثقافة، وتوفر خلفية ثقافية سياسية تعطي الاداء حضوراً ومعنى ومغزى اعمق.

* لماذا لا نشاهدك في برنامج من اعدادك وتقديمك؟

ـ ظروف عديدة تفرض نفسها على امكانية تقديمي أي برنامج من اعدادي وتقديمي في تلفزيون المستقبل، افضل عدم الخوض فيها، الا انني حالياً اتجه من خارج اطار التلفزيون الى محطات مهنية ترضي طموحاتي على المدى البعيد.

* هل تؤيدين مبدأ الانفعال مع الخبر ام تفضلين قراءة النشرة بتجرد؟

ـ الانفعال مع الخبر مطلوب احياناً، بحسب طبيعة الخبر، بمعنى اذا كان انسانياً مثلاً. تبقى ان القراءة المجردة تختلف عن القراءة بتجرد. فالثانية تعكس حضوراً وادراكاً من المقدم لخلفية الخبر، بعيداً عن صبغه برأيه الشخصي بالموضوع.

* ما هو التغيير الذي تشعرين به مع انتقال «المستقبل» من صف المعارضة الى الموالاة؟

ـ تلفزيون المستقبل محطة تتبع اصول الاعلام بكل قواعده وقوانينه. فبغض النظر عما اذا كانت في صف المعارضة او السلطة، فهي تضيء على الايجابيات كما السلبيات، بحسب المعطيات المتوفرة لها.

* ايهما افضل برأيك ان تكون المحطة في صف المعارضة وتضع اصبعها على الجرح ام تصفق للسلطة حتى عند ارتكاب الاخطاء؟

ـ المحطة الموضوعية هي التي يكتب لها الاستمرارية، سواء كانت في المعارضة ام في السلطة، المستقبل محطة شعبية تنطلق وتنطق بما يعانيه الشعب، في قضايا حياته اليومية، وهي حيثما تجد خطأ او جرحاً لا تتوانى عن وضع الاصبع عليه، فاذا تمكنت من اصلاحه كان به، والا فهي تقوم بواجبها المهني والوطني وهو ما اثبتته خلال سنوات عملها.

* البعد عن الحالات النفسية التي تمر بها المذيعة امر هام ورئيسي في مهنتكم، كيف تتعاملين مع تقلباتك المزاجية اثناء العمل؟

ـ ان هذه المهنة هي من اهم الوسائل التي تعلم كيف يسيطر الانسان على انفعالاته ويخفي ما يدور في ذهنه اذا تقصّد ذلك. تشكل قوة الارادة عاملاً اساسياً، تدعمها عوامل اخرى متفرقة لتصبح في النهاية السيطرة روتينياً ومهنياً واوتوماتيكياً، مع كل لحظة مسؤولية مهنية واخلاقية تجاه المشاهد وما تقدمه له.

* الا تكون المقدمة معرضة لنفور الجمهور منها في حال اظهرت تفاعلها مع الخبر؟

ـ تكون معرضة لنفور الجمهور اذا لم تظهر، حيث يلزم ذلك، تفاعلها مع الخبر. وتكون معرضة لنفور الجمهور ان هي فرضت عليه من خلال تعابير وجهها، وجهة نظرها في الخبر السياسي مثلاً، حيث واجبها ان تكون ناقلة مدركة للخبر ومغزاه وخلفيته.

* هل تعتقدين ان الاعلامي الرجل اظهر كفاءته اكثر من المرأة في البلدان العربية؟

ـ لو كان صحيحاً لما سمعنا بكل هذه الاسماء الاعلامية في العالم العربي. وفي كل حال، فان استمرار هذا الطرح هو نوع من الانتقاص من طاقة المرأة على التفكير والتركيز والعطاء الذهني والمهني، وهو طرح نفت الوقائع صحته. وسواء كانت المرأة عربية ام غربية فالامر سيان، فلم دوماً الاشادة بالسيدات غير العربيات اللواتي تمكن من اثبات حضورهن المهني بموازاة الرجل، فيما نشكك او نتساءل عن قدرات المرأة العربية؟

* هل تتصورين نفسك مقدمة لبرنامج فني، وماذا يلفتك في هذا المجال؟

ـ قد اتصور نفسي مقدمة لهذا النوع من البرامج، لكنني لا اسعى اليه لاني افضل نفسي حيث انا. ومع تحفظي عن ابداء رأي مفصل لعدم متابعتي الدورية لهذا النوع من البرامج اعتبر ان لكل مقدم برامج فنية ومنوعات خصائص في شخصيته تميزه عن سواه وتعطيه صورته الخاصة.

* يقال ان بعض المذيعات اللبنانيات يسئن الى صورة المرأة اللبنانية عبرالفضائيات، ما هو تعليقك؟

ـ بعض البرامج يتطلب اسلوباً معيناً في التقديم، تترجمه كل زميلة بطريقتها واسلوبها وقناعتها ورؤيتها. اعتقد ان المشاهد العربي يعي هذا الامر، وآمل انه لن يسيء في حكمه على احد.

* هل شهدت المرأة العربية تطوراً على الصعيد العملي وتحررت من قيود وسيطرة الرجل؟

ـ طبعاً، فقد تمكنت المرأة العربية من الوصول الى اعلى مراكز القيادة في المجالات الخاصة والرسمية، وان لم يكن الامر منتشراً بكثرة. بعض اسباب هذا التطور يعود الى الحركات التي تسعى الى توعيتها الى حقوقها على هذا الصعيد، اضافة الى انطلاقتها العلمية التي بلغت اقصى الدرجات في مختلف بلاد العالم العربي، ووسعت قدراتها الانتاجية. لكن احد وجوه التحرر التي لم تبلغ ذروتها المطلوبة بعد، هي تحرر الرجل الشرقي من عقلية الفوقية والسيطرة وتقبل المنافسة الفكرية والعملية مع المرأة بشكل طبيعي منطقي.