دريد لحام: «آباء صغار» عمل وطني واغتيال الحريري مؤامرة

في حوار تنقل ما بين الفن والسياسة

TT

يحمل بين ضلوعه قلب طفل بنقائه وعفويته وبداخل عقله أفكار سياسي من الطراز الأول احترف صناعة السخرية على الشاشتين. تميز بمواقفه السياسية والوطنية في أعماله الدرامية دائما مهموم بقضايا أمته.. «دريد لحام» النجم العربي السوري يعود للسينما بعد سنوات من الغياب من خلال فيلم «آباء صغار» الذي يعتبره فيلم وطني جدا.. التقت به «الشرق الأوسط» خلال زيارته الأخيرة للقاهرة فكان هذا الحوار:

> ماذا تقصد بالآباء الصغار؟

ـ قال وابتسامته الساخرة تملأ وجهه ..هذا موضوع الفيلم.. كوميديا إنسانية بسيطة أتحدث من خلالها عن أطفال يمكن أن يتحملوا مسؤولية ليست مطلوبة منهم أصلا ولكن دافعهم الأساسي هو المحافظة على أسرهم وعائلاتهم.. هنا يتحول الأطفال إلى «آباء صغار» فالفيلم يتناول مجموعة من الأطفال قرروا أن يعملوا حتى يتمكن الأب من استكمال تعليمه مع انه من المفترض أن يحدث العكس.

> وماذا تريد أن تطرح في الفيلم؟

ـ اطرح قضية العائلة.. والأطفال الذين هم أهم عنصر فيها، كما أناقش قضية عمالة الأطفال في الوطن العربي ممن يضطرون أن يتركوا المدرسة من اجل العمل. طبعا الأطفال في الفيلم لم يتركوا الدراسة وأنا كنت حريص على ذلك في السيناريو لان اتفاقية حقوق الأطفال في اليونيسيف لا تمنع عمالة الأطفال بشرط ألا يتركوا المدرسة، وهناك الكثير من العائلات في الوطن العربي يحتاجون إلى جهود أبنائهم للعمل وخاصة في الريف.

> يقال أن هذا الفيلم مستوحي من طفولتك هل هذا حقيقي؟! ـ بالفعل هذه الفكرة تسكن دفاتري منذ 35 عاما فقد كنت في يوم من الأيام طفلا نزل سوق العمل لكي يساعد أسرته وعملت في عدة مهن مثل «الحداد، والترزي، والمكوجي» وكانت اسعد لحظات حياتي عندما أعود لمنزلي ومعي خمسة قروش لمساعدة عائلتي.

> الملاحظ أن أفلامك التي تكتبها بنفسك تعيش جزءا من تفاصيلها.. هل هذا صحيح؟

ـ نعم، فمثلا فيلم «الحدود» عشت التجربة وفقدت أوراقي على الحدود بين سورية ولبنان بسبب حادث سيارة ولولا معرفة حرس الحدود لشخصي لكنت أصبحت مثل بطل الحدود.. وكتبت الفكرة وقتها وظلت معي 15 عاما حتي جاء الوقت المناسب لتقديمها.. وعموما أنا لست مؤلفا ولا أجيد اختراع الشخصيات لذلك فأفلامي جزء من حياتي.

> الفيلم إنتاج مصري والبطلة مصرية «حنان ترك» لماذا؟

ـ الإنتاج مصري لان صديقي «يوسف الديب» صاحب الشركة وسألني أن كان عندي موضوع يصلح للسينما فقلت له عندي «آباء صغار» فقرأه واعجب به وتم التصوير.. اما البطلة المصرية فالسيناريو فيه بنت مصرية وحنان ترك فنانة متعددة المواهب واراها ظاهرة فنية وفيها صفات نادرة في فنان واحد.

فهي فنانة استعراضية تشبه الفراشة وكوميديانة تشبه «شارلي شابلن» وتراجيدية تستطيع أن تنزع الدموع من عيونك.. بالإضافة إلى إنها انسانة في المقام الأول تحبها بمجرد أن تراها.

> في ظل التيار السينمائي السائد.. تقدم سينما اجتماعية إنسانية.. ألا تخشى عدم إقبال الجماهير عليها؟! ـ فيلم «آباء صغار» من نوعية الأفلام التي تمس القلب وتجعلنا نشعر بحنين أن نرى عائلة بهذا الشكل.. واعتقد أن الجمهور مشتاق أن يشاهد شيئ إنساني وسط زحمة الكوميديا والاكشن.

> ولماذا ابتعدت عن نوعية أفلامك السياسية الساخرة؟! ـ هذا الفيلم اعتبره من الاعمال الوطنية مثل «الحدود» لان الوطن السليم يعتمد على العائلة السليمة المتماسكة. وهناك فكرة خاطئة أن الاعمال الوطنية هي الاعمال السياسية ولكن أرى أن عملا عن الحداد أو الخباز أو حتى الذي يتناول قصة حب صادقة بين شاب وفتاة هي اعمال وطنية.

> بمناسبة الوطن.. ما رأيك فيما يحدث الان من ضغوط ؟! ـ ما يحدث مؤامرة على سورية ـ المسألة بدأت باغتيال رفيق الحريري ـ وهو قامة كبيرة وباغتيال هذه القامة تكون المؤامرة قد بدأت لان الحريري ليس شخص عادي والمؤامرة هي عبارة عن تنظيف كل ما حول إسرائيل من قوة رادعة وخاصة المقاومة اللبنانية المتمثلة في «حزب الله»، وسورية كانت تدعم المقاومة لذلك لا بد أن تكون مستهدفة.. فبدأت المؤامرة باغتيال الحريري حتى يحدث الشقاق والأزمة بين البلدين بعدها تمارس ضغوط دولية ويحدث حصار اقتصادي رغم أنني كمواطن أتمنى أن يحدث هذا الحصار حتى نصبح أقوى ونعتمد على أنفسنا.. الحصار سوف يجعلنا نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع وبالتالي نصير أقوياء.. مشكلتنا كأمة عربية إننا تحولنا إلى أمة مستهلكة نستورد كل شيئ من خبزنا ولبسنا إلى أفكارنا.

> وماذا عن موقفك أنت من الأزمة السياسية بين سورية ولبنان؟

ـ أهم ما يشغلني في هذه الأزمة ألا تتحول إلى أزمة بين شعبين وان تظل أزمة سياسية فقط وان كنت أتمنى حلها ولكن الأهم أن يظل الشعبان السوري واللبناني على نفس حالة الحب والتوافق الذي يعيشان فيه.

> عودة للفن.. طال انتظار المشروع السينمائي الذي يجمعك بعادل إمام متى نرى الحلم؟

ـ عندما التقيت بعادل إمام في دبي مؤخرا سألني ضاحكا «إيه أخبار الفيلم اللي مش هنعمله مع بعض..» وقد قررت بعد الاطمئنان على عرض فيلم «آباء صغار» أن ابدأ مباشرة في كتابة السيناريو والحوار، خاصة ان الفكرة كتبتها منذ سنوات بعنوان «وطن في السماء» وأتمني أن يشهد عام 2007 خروج هذا العمل للنور.