سماح أنور: اكتشفت أسباب فشل أعمالي بعد دراستي الإخراج

الفنانة المصرية تحلم بعمل أمام أحمد زكي ويحيى الفخراني

TT

بعد 34 عملية جراحية وسنوات من الترقب والانتظار تعود سماح أنور الى ستديوهات السينما لتقف وراء الكاميرا وتقول انا مخرجة. سماح التي تركت كرسيها المتحرك مؤخرا وعاشت تفاصيل ازمة صحية مريرة، تتمنى ان تخرج السينما المصرية من طابور الموضوعات المكررة وان تتعامل مع عمالقة الفن، ولم تنس في حوارها مع «الشرق الأوسط»، ان تعترف بانها اكتشفت عيوبها كممثلة عندما درست الاخراج، وانها استفادت كثيرا من افلامها الفاشلة.

فارق كبير بين الممثلة المصرية سماح أنور قبل 3 سنوات والآن، فارق كبير بين الفتاة البسيطة الشقية التي كانت تملأ الدنيا ضحكا وصخبا وترتدي بنطلون جينز وتي شيرت وبين سماح أنور التي تعود بعد 3 سنوات من السكون فوق كرسي متحرك، تتابع احلامها المكسورة وطموحاتها المؤجلة، ونظرات الدهشة والاشفاق في عيون الآخرين.

وعن تجربتها الاخيرة وأزمتها الصحية قالت سماح أنور: تجربتي كانت مفيدة من جميع النواحي، حتى بعد انتهائها، فقد اعطتني قوة لم اكن اتخيلها بنفسي واظهرت حب الناس لي، ناس لم اكن اعرفهم يدعون لي ويتمنون لي الشفاء، حتى في الوسط الفني استغربت جدا من اهتمام فنانين لم يكونوا مطالبين بالسؤال عني، حيث لم تجمعني بهم ظروف العمل ومع ذلك وقفوا بجانبي أذكر منهم نبيلة عبيد ونور الشريف، كل هذا السند سواء كان من الوسط الفني أو خارجه اعطاني قيمة حقيقية لنفسي وزاد الاصرار بداخلي انه لا بد ان اكون اقوى واكثر قدرة على التحمل.

* لحظة وقوفك على قدميك لأول مرة بعد الجلوس على كرسي متحرك لمدة 3 سنوات كيف عشتها؟

ـ كان مزيجا عجيبا من الدهشة والسعادة ولم تكن مفاجأة بالنسبة لي لأن ايماني بالله قوي، ولكن لحظة تحقق الحلم امام عيني كانت صعبة.

* هل كنت متابعة للحركة الفنية والتغيرات التي حدثت خلال الفترة الماضية؟

ـ نعم من خلال مشاهدات كثيرة كنت متتبعة للحركة الفنية سواء في الاعمال السينمائية أو التلفزيونية وشاهدت ميلاد الكثير من النجوم الشباب الذين اسعدني وجودهم على الساحة والتغيرات الفنية على مدار الثلاث سنوات الاخيرة، تغيرات طبيعية لأن الفن ليس به ثبات على شيء محدد، والتجدد من أهم العناصر اللازمة للاستمرارية.

* هل تخططين للتعامل مع شخصيات فنية معينة بعد عودتك؟

ـ ليست لدي خطة معينة للعمل حاليا، انما لي احلام اتمنى ان تتحقق، اريد ان اقدم عملا فنيا يكون له مضمون وأريد ان اعمل مع ممثلين عمالقة «جامدين» لم يسعفني الحظ بالعمل معهم من قبل، احب التحدي والاستفزاز لموهبتي، ومن احلام حياتي ايضا ان أعمل وأمثل امام أحمد زكي ويحيى الفخراني تحديدا.

* هل ستعود سماح الى الفن بنفس صورتها الفنية السابقة، الفتاة العملية، البسيطة التي يقولون عنها احيانا انها اقرب الى الولد الشقي؟

ـ الحياة العصرية لم تعد تحتمل التفاصيل الصغيرة واصبح طابع العصر الحركة والملابس العملية التي تساعد ولا تعيق، وكلما اسرع ايقاع الحياة اصبح من اللازم علينا ان نكون اكثر بساطة.

* اتجاهك للاخراج ودراسته، هل ساعدك على الخروج من ازمتك الصحية؟

ـ جاءت لي فكرة الاخراج ودراسته خلال أزمتي الصحية حتى لا يضيع الوقت بلا فائدة بالاضافة الى ان المخرج يكون وراء الكاميرا وانا في ذلك الوقت كنت على كرسي متحرك، وقد انتهت من مخيلتي فكرة التمثيل مرة اخرى تماما واخترت دراسة الاخراج على وجه الدقة لاني اساسا خريجة الجامعة الاميركية قسم مسرح.

* هل دراسة الاخراج جعلتك تعيدين النظر عند تقييم تجربتك كممثلة؟

ـ دراسة الاخراج جعلتني أحس أني أتنفس مرة أخرى ولقد درسته في معهد هوليوود للفيلم في اميركا، وهذه التجربة لم يكن عائدها دراسة فن الاخراج فقط بل افادتني جداً كممثلة في تقييمي لأعمالي وكيف كنت مقصرة في حق عملي لأني لم أكن أعلم أشياء كثيرة، كنت معتقدة ان التمثيل موهبة فقط، لكن مع هذه التجربة رأيت انه من الرائع جداً ان تكون دارساً، لان هذا سيفيدك بشكل مباشر.

* هل دراستك للاخراج مرحلة وقتية ارتبطت بحدث معين؟

ـ لا أبدا، الاخراج بداخلي وسأكمل دراستي له ان شاء الله لاني أطمح لاخراج افلام أحب أن أراها على الشاشة.

* هل نعتبر هذا تحولا فنياً؟

ـ لا، لان الفنان ليس له وظيفة محددة، أنا أحب أن أعرف خصوصاً اذا كان شيء يفيدني في موهبتي الاساسية وهي التمثيل، ومع دراستي للاخراج ادركت اني كنت ممثلة غير مجتهدة لاني كنت اقرأ دوري فقط مثلا في الفيلم وعملت مع مخرجين ممتازين ومخرجين سيئين جداً ولم أكن ادرك لماذا يفشل العمل، إلا بعد دراستي، فأدركت طبيعة دور الممثل ودور المخرج في العمل، وأنا شاكرة جداً للأعمال السيئة التي قدمتها لانها أعطتني الاشارة لأهمية الاجادة والفهم ومعرفة أسباب الفشل.

* تجاربك القادمة في الاخراج هل ستمثلين فيها مثل فيلمي «أحسن فرح في مصر» و«قصة حب حقيقية»؟

ـ لن أمثل في أي منهما لاني لم أجد الدور الذي يناسبني فيهما، بالاضافة الى اني من النوعيات التي لا تستطيع عمل شيئين في وقت واحد، فالاجادة تتطلب التفرغ والتركيز وجاءت عودتي للفن من خلال الاخراج أولا لأن هذه الأعمال كنت أعد لها قبل الشفاء، وكانت البداية بعد عودتي من اميركا، تلقيت مكالمة من الفنانة نجلاء فتحي تقول لي: «تخرجي لي فيلم؟»، وكان لهذه المكالمة أثر كبير على نفسي، فقد اعادت الروح لي مرة أخرى، أحسست بعدها بالثقة والمسؤولية الكبيرة. وكانت المكالمة اقرب الى العلاج الناجح لحالتي الصحية.

* هل تجربتك في التمثيل ستساعدك هذه المرة في الاخراج؟

ـ مما لا شك، لاني ممثلة في الاساس والمخرج الناجح هو الذي يحس الممثل جيداً ويترجم ذلك من خلال حركة الكاميرا، فنجاح المخرج يتمثل في اخراج فيلم لا تشعر للحظة بأنه حالة تمثيلية بل هو قطعة من الحقيقة.

* هل ستتعاملين كمخرجة مع الوجوه والمواهب الشابة التي ظهرت في الفترة الأخيرة، وهل ستدخل أعمالك ضمن سينما الشباب السائدة؟

ـ حسب الموضوع، لانه هو الذي يفرض نوعية الوجوه، وأنا لا أعترف بشيء اسمه سينما الشباب فهذا التعبير الشائع غير صحيح، ما معنى كلمة سينما الشباب؟ السينما فيها كل أنماط البشر (رجال ونساء واطفال وشباب وشيوخ)، كل هذا يتبلور حسب الموضوع، فمن غير المعقول ان يفرض عليّ كمشاهدة نوعية معينة من الافلام، فأنا من حقي ان أرى فيلما كوميديا، اجتماعيا، رومانسيا، سياسيا، أو استعراضيا. ومن اوائل السبعينات اصبحت السينما تسير في طابور، فيلم نجح في موضوع معين، اذن كل الافلام القادمة لا بد أن تسير على نفس الخط لمدة 10 ـ 15 سنة الى ان يمل الجمهور، ثم يبحثون عن جديد ليسيروا وراءه مرة أخرى لفترة ليست بالقصيرة. وأنا ضد الموضة في السينما، فلكي يرجع الجمهور للسينما مرة أخرى لا يجب ان نحصر الاعمال في فئة معينة ثم نطلق عليها اسما خاصا بها.

* ما تفسيرك لقلة عدد المخرجات في السينما المصرية والعربية؟

ـ انا نفسي لا أعرف لها سبباً، المرأة كانت لها القدرة على اقتحام أعمال كثيرة والنجاح فيها، فلماذا لا يقتحمن الاخراج؟ لا أعرف،

* هل ستكون عند سماح مفاضلة بين الاخراج والتمثيل؟

ـ اتجاهي للاخراج بعد شفائي وقدرتي على التمثيل مرة أخرى سيكون حفاظاً على مهنتي كممثلة، حتى لا أمثل ما لا أحب أن أمثله، وحتى لا تضطرني الظروف لقبول عمل لست راضية عنه لمجرد اثبات الوجود.

* دراستك للاخراج في هوليوود هل يمكن ان تكشف لنا لماذا لا تصل السينما المصرية والعربية للعالمية، وما الذي ينقصنا؟

ـ لا يوجد تقصير في السينما المصرية أو العربية واعتقد انها تقدم أفضل ما عندها والمهرجانات العالمية التي نتحدث عنها مهرجانات سياسية وليست فنية قائمة على تميزات معينة وتكتلات سياسية ومصالح اقتصادية ونستطيع ان نقول عنصرية. فالاوسكار مثلا مهرجان يهودي، اليهود هم المتحكمون فيه، ولذلك لا يمكن لأي فيلم عربي ان يدخله، حتى الحركة الفنية في اميركا نفسها تخضع لعنصرية معينة والكواليس تخفي الكثير، ثم لماذا نقيم انفسنا من خلال تجربة اميركية ؟ فأميركا ليست مهمة بالنسبة لنا فنياً لأنها لا تتحدث العربية، فما المشكلة اذن؟

هناك تجارب فنية عربية تستأهل مليون اوسكار، مثل تجربة احمد زكي الجديدة مع فيلم «ايام السادات» الذي تحمل كل المجهود الشاق والعناء لمدة 4 سنوات بمفرده، وهذا اعجاز فني عال في التحدي والاصرار لتقديم عمل فني وطني بهذه الكفاءة، انه شيء رائع سيحسب للسينما المصرية والعربية ولكنه لو ذهب للاوسكار فسيرفضونه مليون مرة وطبعا مفهوم ليه؟ فلماذا نقيم أنفسنا من خلال أناس لا يريدوننا أن ننجز شيئاً أصلا.