المجد للسيف

أنس زاهد

TT

منذ عصر عمرو بن كلثوم وحتى عصر نزار قباني، لا يزال الشعر العربي يرى ان المجد للسيف، ولا تزال الثقافة العربية ترى ان الحق مرهون بالقوة.

القصائد العربية لا تزال تتغنى بالسيف وتتغزل بحده الكفيل بايجاد الحلول الناجعة لكل المشاكل والازمات التي يمكن ان تواجه المجتمعات البشرية.. وبينهما يتسابق المفاوضون العرب في الحصول على وعد بالجلوس الى شارون بحجز مكان على طاولة المفاوضات، لا يزال الشاعر العربي يروج لمقولة ابي تمام الشهيرة: «السيف اصدق انباء من الكتب، في حده الحد بين الجد واللعب».

اما الاسد والنمر وحتى الذئب، فهي الحيوانات المثالية في ثقافتنا.. واذا ما شبّه شاعر ما احد الناس بالسبع او النمر او الذئب، فهذا يعني انه بلغ ذروة المديح لهذا الشخص.. وهو ما ينطبق ايضا على عامة الناس الذين يمثلون ما يسمى بالعقل الجمعي.

الثقافة العربية لا تزال تنظر الى القوة كفضيلة، والمصيبة انها تحصر الفضيلة في القوة الغاشمة، فالحيوانات المفترسة تستحق كل الاحترام الذي يصل الى حدود التبجيل، بينما لا يحظى حيوان قوي كالفيل باحترام كبير، ربما لانه نباتي ومسالم ولا يستخدم قوته الهائلة في افتراس الحيوانات الاخرى! شريعة الغاب هذه اكتسبت صفة الشرعية في نظرنا، واعتقد ان هذا هو السبب في الاعجاب بنموذج صدام حسين الذي لم يتوقف احد من مناصريه في الوطن العربي ليتساءل عن مشروعية احتلاله للكويت، او عن جدوى استمراره في محاولات التسلح بعد كل ما جرى.

مشكلتنا في الاساس مشكلة ثقافة، واي محاولة اصلاحية تتجاوز الثقافة لن يكتب لها النجاح.