«زهر الرمان» فيلم افتتاح مهرجان دمشق السينمائي الثاني عشر

أربعة أفلام دفعة واحدة بعد توقف مؤسسة السينما السورية أربع سنوات

TT

هل انتهت ازمة الانتاج في القطاع العام السينمائي السوري بعد توقف اربع سنوات كانت خلالها المؤسسة العامة للسينما شبه مشلولة؟.

تؤكد المؤشرات الراهنة ان الازمة بدأت تتجه نحو الانفراج بعد ان كادت تصبح مستعصية على الحل، وبعد سلسلة من الحوارات الحادة بين السينمائيين السوريين ووزارة الثقافة المتمثلة بالمؤسسة، وكان الحل ان اصدرت وزيرة الثقافة الجديدة الدكتورة مها قنوت سلسلة من القرارات، بناء على قرارات اللجنة الوزارية التي شكلت لانهاض السينما من كبوتها، وذلك بانتاج اربعة افلام روائية دفعة واحدة، اصبح احدها جاهزا وهو في المراحل الاخيرة من المونتاج، وهو فيلم «زهر الرمان» للمخرج غسان شميط، ومن المتوقع ان يكون فيلم الافتتاح للدورة الثانية عشرة لمهرجان دمشق السينمائي الذي سيقام في اواخر الخريف المقبل، كما يقوم المخرج اسامة محمد بإخراج فيلمه الجديد «صندوق الدنيا» والمخرج عبد اللطيف عبد الحميد بإخراج فيمله الجديد «قمران وزيتون».. وتعد المخرجة واحة الراهب فيلمها الجديد «رؤى حالمة».

زهر الرمان رافقنا عددا من مراحل تصوير فيلم «زهر الرمان» ومراحل المونتاج فيه مع المخرج غسان شميط، وكانت لنا معه سلسلة من الحوارات نجملها في ما يلي:

* ماذا عن هذا الفيلم، ولماذا تأخر تحقيقه؟

ـ تدور احداث الفيلم في الفترة التي اعقبت استقلال سورية، وهي من اهم مراحل تاريخنا القريب، اذ حدثت فيها تغييرات كثيرة وشاملة على الصعد السياسية والاجتماعية كافة، كما حدثت خلالها معظم الانقلابات العسكرية (ثلاثة انقلابات في عام واحد هو 1949) وكانت فترة غير مستقرة سياسيا واجتماعيا، كما كانت الفترة التي اغتصبت فيها فلسطين وشرد اهلها.

تدور احداث الفيلم في قرية من قرى جنوب سورية، وعلى ارضها تتوالى الاحداث، وعلى الرغم من ان مسرح الاحداث لم يتعد تلك القرية الا انها كانت تعيش هذه الاحداث من حيث موقعها، وكان المحرك الاساسي لشخصيات العمل هو البيئة التي تدور فيها الاحداث بالاضافة الى المعتقدات التي تكونت لدى اهلها، ومنها الموروثات الشعبية، ولهذا نجد ان البيئة طبعت اهالي القرية بطبيعة قاسية، وصلبة، لكن هذا لم يؤثر في طيبتهم وتعلقهم بأرضهم وحبهم لوطنهم، وقد سبق لهم ان قارعوا المستعمر الفرنسي ايام الاحتلال، بالاضافة الى معاناتهم من القهر الاجتماعي والاقتصادي، ولهذا نراهم يدافعون بشراسة عن حقوقهم التي يحاول الاقطاعي سلبها، وبيك الضيعة، المتربع على مقاليد الامور صغيرها وكبيرها.

ويتصدى شرفاء القرية والمناضلون من ابنائها الذين دافعوا عنها ايام الاحتلال الاجنبي للاقطاعي والبيك، لكن الظروف لا تساعدهم، خاصة ان الظلم الاجتماعي متجسد في حياتهم، ومع هذا لم يفقدوا الامل في الوصول يوما الى حقوقهم.

اما عن التأخر في تحقيق الفيلم الذي استمر التحضير له اكثر من ثلاث سنوات فيعود الى الظروف المادية التي كانت تعيشها (المؤسسة) والتي بدأت تتجه نحو الانفراج بعد ان اوعزت السيدة الوزيرة بالمباشرة الفورية وقدمت الامكانات اللازمة لانجاز الفيلم، كما تابع الناقد محمد الاحمد، بعد ان اصبح مديرا عاما لمؤسسة السينما، مراحل انجاز الفيلم، كذلك العقبات التي جابهتها، ومن المقرر ان يصبح الفيلم جاهزا للعرض في مهرجان دمشق السينمائي المقبل.

نتوقعه مهرجانا مختلفا

* على ذكر مهرجان دمشق السينمائي، الا ترى انه اصبح في دوراته الاخيرة يعاني نوعا من المراوحة في المكان؟

ـ هذا صحيح، لكننا نتوقع ان تكون الدورة الجديدة للمهرجان هذا العام، وهي الدورة الثانية عشرة، مختلفة ومتميزة، لأن الاعداد للمهرجان بدأ في مرحلة مبكرة بقيادة مدير المهرجان الناقد محمد الاحمد الذي هو المدير العام للمؤسسة، فقد وضع مع اللجان المتخصصة منذ البداية خطة لتفعيل دور المهرجان حتى لا يظل مجرد تظاهرة عروض تنتهي مع انتهاء ايامه.

ومؤشرات هذا التفعيل تتجسد في التظاهرات السينمائية النوعية التي ستقام في المهرجان وفي التنظيم والاعتماد على التطوير التقني والعملي والدعوة المبكرة لعدد كبير من الدول للمشاركة في المهرجان، واشراك مجموعة من اشهر الافلام العالمية ودعوة شخصيات سينمائية عالمية واقامة جلسات وندوات وحوارات، بحيث يستطيع مهرجان دمشق ان يضاهي ويوازي المهرجانات السينمائية العالمية واعتماد سياسة الرقابة التي تعتمدها ادارات المهرجانات السينمائية في العالم.

المعادلة المطلوبة

* هناك آراء تطرح عادة حول جماهيرية افلامنا السورية وجميعها افلام للقطاع العام بعد موت القطاع الخاص منذ اكثر من عشر سنوات، والتهمة الموجهة الى افلام المؤسسة انها افلام ذات مستوى جيد، لكنها تنتج للمهرجانات ولنخبة من المشاهدين، ما رأيك في هذا الطرح؟

ـ الحديث عن جماهيرية او عدم جماهيرية هذا الفيلم او ذاك له علاقة بعدة امور اساسية، اولها بنية الفيلم ومستوى اللغة السينمائية التي يخاطب بها المشاهد، والى اي درجة تستطيع هذه اللغة النفاذ الى عقل المشاهد وتجعله يتفاعل مع الاحداث ويظل مبهورا محبوس الانفاس طيلة فترة الفيلم. اما الناحية الثانية والمهمة فهي التقنيات التي يمكن للمخرج ان يعتمد عليها ليستطيع من خلالها النفاذ الى نظر وقلب هذا المشاهد، اي درجة الابهار الصناعي التي يستطيع من خلالها الاخذ بزمام المبادرة.

اما الحديث عن موضوع جماهيري او غير جماهيري، او ما يسمونه بالمعادلة المطلوبة بين مستوى الفيلم وجماهيريته، فهذا حديث لا نسمعه الا عندنا، كوننا لا نملك صناعة سينمائية بالمعنى الدقيق للكلمة، فنحن ننتج افلاما ونحاول الابتعاد قدر الامكان عن المواضيع التي تحتاج الى تقنيات عالية، كوننا لا نمتلك مثل هذه الامكانات، نحن نعتمد بالدرجة الاولى على مواضيع اجتماعية وانسانية، فإذا عدنا الى ارشيف السينما (في حال وجود ارشيف) فلن نجد فيلما واحدا لموضوعه علاقة بالفضاء او بالخيال العلمي او باستخدام التقنيات المتطورة، لأننا ـ وبكل بساطة ـ لا نستطيع تقديم مثل هذا الموضوع، حتى الحيل السينمائية لا نحاول تقديمها في افلامنا، لأن امكانات تحقيقها غير متوفرة، ويأتي بعد هذا من يتساءل عن جماهيرية او عدم جماهيرية هذا الفيلم او ذاك.

والافلام العربية، بصورة عامة، لا تستطيع منافسة الافلام الغربية، الاوروبية والاميركية، في مثل هذا المجال.

في هذا الواقع الذي يعيشه السينمائيون السوريون، وفي حال انتظار كل مخرج سنوات حتى يتسنى له تحقيق مشروعه، يصل الامر في معظم الاحيان الى درجة الاحباط، كما ان المواضيع التي تهم المخرج فيها الكثير من الاشكاليات، حتى الرقابية، وفيها ما يثير الاسئلة التي تحتمل الاخذ والرد، وبالتالي فيها تساؤلات صعبة يعيشها الفرد في المجتمع ويعاني منها أي مواطن، ومن هنا لم تعد مهمتنا البحث عن المستحدث بقدر البحث عن الراهن المؤسسي، ولا اخفيك انني لست من المخرجين الطامحين الى انجاز ما يسمى (الاعمال الكثيرة)، بل احاول تلخيص مقولتي في اعمال محددة العدد، تعبر عما في داخلي، فكان قبل هذا الفيلم فيلمي الروائي الاول «شيء ما يحترق» الذي رصدت فيه احوال النازحين من الجولان وما خلفته نكسة حزيران (يونيو) 1967، وقدمت البطل (المواطن) الذي يشده الحنين الى ارضه المحتلة والبادية امامه وهو يقول «بيني وبين بيتي رمية حجر»، لكن الاسلاك الشائكة تمنعه من التقدم.

بطاقة الفيلم ـ اسم الفيلم: زهر الرمان ـ انتاج: المؤسسة العامة للسينما ـ سورية ـ سيناريو واخراج: غسان شميط ـ تعاون فني: غسان الجباعي ـ مدير الانتاج: حسن رمال ـ مدير التصوير: عبده حمزة ـ مهندس الديكور: موفق قات ـ مصممة الازياء: ليديا يوشينكو ـ ماكياج: ستيلا خليل ـ مونتاج: زهير داية بطولة: اسعد فضة، مها الصالح، عبد الرحمن ابو القاسم، فيلدا سمور، مانيا نبواني، رافي وهبة، حسين ابو سعدة، رغدة الشعراني، نضال السيجري، منى العبد الله، معن دويعر، منصور نصر، واصف الحلي، ممدوح الاطرش.

الاطفال: مازن الفقيه، رواد البربور، رامي البربور، لانا شميط، وئام البدعيش.

بطاقة المخرج ـ غسان شميط ـ مخرج سينمائي ـ من افلامه الروائية: شيء ما يحترق ـ عام 1993 ـ من افلامه الوثائقية: ـ بصرى 83 ـ معا على الطريق ـ البراعم ـ يوميات جولانية