فيلم «السلم والثعبان»: «ثعبان» يلدغ «سلم» القيم السائدة!

بروفة لفيلم سينمائي يتناول علاقات طبقة خاصة تتجاوز الأعراف والتقاليد

TT

يراهن الفيلم على جمهور الشباب بأبطاله هاني سلامة وحلا شيحة واحمد حلمي، وأيضاً بفكرة الفيلم التي تتناول الحب عند الشباب، ويستمر الرهان على الشباب بأجواء الفيلم حيث يجري التصوير في النوادي والديسكو، وباسلوب المخرج طارق العريان الذي يحمل نبضاً عصرياً، ولكن الخطأ الذي وقع فيه الفيلم هو انه لم يحدد على وجه الدقة نقطة الانطلاق وهي السيناريو ولم يستطع طارق العريان الذي اشترك في كتابة السيناريو ان يقدم رؤية سينمائية متماسكة، ورغم ذلك فان فيلم «السلم والثعبان» بروفة لفيلم سينمائي يحاول ان يصل للطريق الصحيح لتقديم فيلم سينمائي.

جمهور السينما طبقاً للاحصائيات العلمية حالياً وفي أشهر الصيف تلك يشكل ثمانية في المائة من رواده من هم دون سن العشرين، ولكن الفيلم لا يقدم العلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع المصري أو العربي باسلوبه وقانونه الاجتماعي التقليدي، انه يقدم علاقات لطبقة خاصة في هذا المجتمع تتجاوز الأعراف والتقاليد بمفهوم أوروبي يتيح حرية أوسع للفتى والفتاة، وهو للحقيقة يعبر عن طبقة ما في المجتمع بدأت تمارس ذلك لكنها لا تستكمل القيم السائدة بل انها تحظى بدرجة عالية من الرفض في مجتمع مصري وعربي يميل أكثر للمحافظة على القيم.

بطلا الفيلم هاني سلامة واحمد حلمي صديقان يعملان في شركة اعلانات يملكها مدير التصوير الذي يؤدي هذه الشخصية طارق التلمساني، وهاني سلامة من أسرة ثرية له تجربة زواج سابقة اثمرت طفلة وهو ينتقل من فتاة الى أخرى، يعشق الحرية ويخشى من جدران الزواج، وصديقه احمد حلمي لا يعنيه إلا ان يعيش حياة الانطلاق بين الفتيات. يلتقي هاني سلامة مع حلا شيحة، وبينما هي ترى فيه زوج المستقبل لا يرى هو فيها أكثر من فتاة ينبغي ان يستحوذ عليها بكل الطرق، هي تعمل مدرسة رقص، ويجد طارق العريان ان اعلانا عن مشروب اسمه تانجو يحقق له هذا اللقاء بين مصمم الاعلانات هاني سلامة ومدرسة الرقص حلا شيحة.

ولأن الخط العام للفيلم فقير في الاحداث فإن المخرج لا يجد امامه إلا ان يكرر في أكثر من مشهد، المعلومات التي يقدمها مثل محاولات هاني سلامة للاقتراب من حلا شيحة والاستحواذ عليها بدون زواج ثم رفضها لهذا السلوك وبعد ذلك انقلاب المواقف عندما تبتعد يبدأ هاني في التقرب إليها ويعرض عليها الزواج ثم توافق.

بينما احمد حلمي ترحل والدته التي نشاهدها منذ بداية مشاهد الفيلم وهي تعاني من مرض، واحمد حلمي أيضاً يعاني من ضائقة مالية تهدده في بيته، ولا يحدث تغيير في سلوك احمد حلمي فهو لا يزال عند موقفه في اللهو مع الفتيات.

هذا هو الفيلم الروائي الثالث لطارق العريان بعد «الباشا» و«الامبراطور» حيث ظل 10 سنوات متخصصاً في أغاني الفيديو كليب والاعلانات، ومن الواضح ان احساس اغاني الفيديو كليب ظل مسيطراً على المخرج حيث ان اغنية الفيديو كليب تقدم من خلال حكاية قصيرة تعتمد على الانتقالات السريعة في المواقف مع طرافة وروح مرحة في الانتقال بين لقطة وأخرى، وبدلا من ان يعلم المخرج ان إطالة زمن الحكاية تقف عائقاً أمام استقبال الفيلم وان التكثيف هو القانون الفني، نجد انه يحطم قاعدة اللمحة السريعة في الدراما ويتبعها فقط في تشكيل اللقطة والتقطيع الفني (الديكوباج) الذي ينتقل به فنياً طوال الفيلم.

قدم الفيلم احمد حلمي في مساحة درامية موازية لبطل الفيلم هاني سلامة، وأثبت انه يمتلك تواصلا مع الجمهور بخفة دم وتلقائية وسرعة بديهة حيث تشعر بأن عدداً كبيراً من «الافيهات» التي يقدمها من تأليفه، أما هاني سلامة فإنه يمتلك مواصفات «الجان بريميير» في السينما لكنه لا يزال بحاجة الى مرحلة تدريب في فن الأداء الدرامي، حيث تخونه أحياناً حرفية الأداء.

حلا شيحة في عدد من مشاهد الفيلم تبدو متألقة وممسكة بالشخصية وفي عدد آخر من المشاهد تشعرني بأن على المخرج أن يعيد اللقطة لكنه لا يعيدها، وهذه بالطبع مسؤولية المخرج. ان حلا شيحة لا تزال في بداية المشوار إلا انها واحدة من ثلاث فتيات يراهن عليهن بقوة في السينما المصرية مع كل من منى زكي وحنان ترك، وفيلم «السلم والثعبان» رغم كل شيء يؤكد لها هذه المكانة.

الفيلم بحاجة الى اعادة مونتاج وهي مسؤولية مشتركة بين المونتير خالد مرعي والمخرج طارق العريان لان المونتاج في هذا الفيلم ينبغي ان يبدأ منذ كتابة السيناريو.

والفيلم يقترب كثيراً من عنوانه فان لديه سلما بل أكثر من سلم في أبطاله وفكرته وعلى المقابل لديه ثعبان يلدغ كل ذلك في مقتل وهو ضعف السيناريو، وأجواؤه الغربية وضربه للقيم السائدة، وثعبان واحد يكفي!