شباب يسعون لتحقيق سعادتهم المستحيلة في أحياء دمشق

المخرجة هند ميداني : «البحث عن المستحيل» مسلسل يبحث في الهم اليومي لشرائح مجتمعية

TT

قالوا في القديم ان المستحيلات ثلاثة: الغول والعنقاء والخل الوفي. لكن ان يصبح في يوم من الايام نيل السعادة طموحا يسعى اليه المرء او قد يشكل هاجسا له، فربما تكون مصاعب الحياة ومشاقها سببا في هذه النتيجة او ما وصلت اليه البشرية، خاصة في ظل هذا التطور الذي شهده العالم في القرن الماضي.

والحب هو من احدى مفردات هذه السعادة، طبعا الحب بكل اشكاله سواء كان بين شاب وفتاة او بين الجيران او الاقارب. هذا ما تحاول ان تقدمه المخرجة هند ميداني في عملها الجديد «البحث عن المستحيل» بعد ان قدمت لنا اخيرا عملا اجتماعيا بعنوان «حب تحت اسم آخر» الذي عالجت فيه هموم الشباب وطموحاتهم.

في «البحث عن المستحيل» تدخلنا هند ميداني في احلام شباب ينتمون لشريحة اجتماعية كبيرة ويسعون لتحقيق او نيل السعادة.

ومن هؤلاء الشباب المشاركين معها في العمل باسل خياط وعبد المنعم عماري وباسم عيسى ورامي حنا، بالاضافة للشخصيات الاخرى التي مثلها المخرج علاء كوكش، يارا صبري ونورا مراد وعصام عبه جي ونجاح عبد الله واماني الحكيم وعزة البحرة وغسان سلمان وفيلدا سمور وحسين ابو سعدة ونسيمة ظاهر وصبحي الرفاعي ونبال جزائري.

وللوقوف عند تفاصيل العمل سألنا المخرجة ميداني عن نص العمل وما يقدمه من جديد فقالت: لقد اعيدت كتابة نص العمل بالاتفاق مع الكاتبتين ريم وامل حنا، ومسألة المستحيل تقابلها السعادة التي من الصعوبة جدا الحصول عليها.

وقصة العمل تبدأ مع طبيب اختار احدى مناطق دمشق للسكن والعمل فيها هربا من قصة حب فاشلة مر بها. يتعرف الطبيب على ثلاثة شبان من اهل الحارة يعيشون احلاما مختلفة فواحدهم يحلم بالحصول على المال، والآخر بالانتصار على ذاته والثالث يحلم بالحب. وقد عملنا على عدم الاعتماد على السرد في طرح هذه الاحلام، اذ ندخل في عمق هذه الحالات والتفتيش عما يجري في نفوسهم ووجدانهم لنصل في النهاية ونرى من حقق السعادة ووصل اليها ومن اخفق في ذلك.

* من الملاحظ في تجربتك التركيز على الجانب الحياتي في العمل؟

ـ هناك ميل شديد لخياراتي نحو الهم اليومي والحياتي لشرائح مجتمعنا، احاول دوما ازاحة الستار عنها، وهنا في هذا المسلسل عملت على تسليط الضوء على الجيل الجديد وكيف ينظرون الى مستقبلهم في هذا الواقع وما هو مطلوب منهم وحتى ان خياراتهم تبدو عسيرة الوصول لأهدافها بسبب معاناتهم الكبيرة وبعض هؤلاء يستسهل العيش وآخرون اكثر واقعية وفهم لظروف الحياة.

* في عملك السابق «حب تحت اسم آخر» عالجت موضوع الحب واليوم تقدمينه كجزء مهم في حياة ابطالك؟

ـ نعم، هو جزء في حياة شخصيات اعمالي، فالحب هو تماما كالحياة لا نستطيع الفصل بينهما. هما حالة واحدة ومتداخلة وبمجرد ارادتنا الدخول في اعماق اي شخصية لا يمكننا ان نحيده جانبا، كالمال مثلا فهو جزء من حياتنا وواقعنا.

اعمل دوما على اغناء الحب كما كان في المسلسل «حب تحت اسم آخر» بالرغم من انني قد لا اكون مع شكل الحب الرومانسي، خاصة في ظل تغير مفهومه فكثيرة هي الهموم التي طغت على المشاعر والعواطف التي تعيش طويلا في داخل النفس البشرية، والانسان متغير مع تغير الزمن والعواطف هي جزء من هذا التغير.

* تتحدثين عن خياراتك الفنية فهل هي مرتبطة بك كامرأة؟

ـ قد يكون ذلك ممكنا، لكن لا اشعر ان كوني امرأة يعني أنني متأثرة بخياري الفني واتقصد طرق أي فكرة او موضوع، لأنه مرتبط بالمرأة انما هو نابع من حياتنا وهو جزء منها.

* من الملاحظ ان الحضور النسائي في العمل كبير؟

ـ ان الجانب الوجداني يحتاج للمشاعر والعواطف وهذه الصفات تمتلكها المرأة وتعيشها اكثر من الرجل، وهذا ما يدفعني لاختيار العمل مع المرأة. طبعا النتائج نترك الحكم عليها للجمهور، ولا اعلم ما اذا كانت تلقى القبول لدى المشاهدين. وما من شك ان النساء يتعاطفن مع اعمالي، اذ يشعرن انها تتحدث عنهن، اضافة الى مجموعة كبيرة من الرجال ايضا يشعرون بهذه الحالة، ايضا هناك في الطرف المقابل اناس لا تعنيهم هذه المواضيع حتى انهم لا يفضلون التطرق للجوانب الوجدانية لدى الانسان.

يشارك في بطولة العمل الفنان الشاب باسل خياط حيث تحدث عن طبيعة دوره في العمل، وعن البحث عن المستحيل الذي يقابله البحث عن السعادة. وشخصيات المسلسل هي في حالة بحث عن السعادة، حتى ان صفة البحث تأخذ حالة الديمومة للتحول الى سؤال يطرح نفسه، انه حتى لو وجد الانسان السعادة فهل هي خيار بالنسبة له ام هي تحصيل حاصل؟

اما عن دوري فانني أمثل شخصية الدكتور سامر الذي يرتئي الانتقال من بيئته الاجتماعية والمادية التي عاشها خارج بلده ليختار العيش في حارة شعبية هربا من واقع قصة حب فاشلة مع احدى الفتيات، ومن خلال انتقاله للعيش في الحارة الشعبية تنشأ مجموعة علاقات مع شباب الحارة تتطور انطلاقا من التقارب العمري بينهم.

* ما التقاطع الذي يجمع بين شخصيتك والشخصيات الاخرى، خاصة الشبابية؟

ـ عند الحديث عن جانب التقاطع بين الشخصيات وضمن مفهوم عام نجد ان جميع الشخصيات لها هموم واحدة، بمعنى ان الدكتور لا يختلف في بحثه عن السعادة عن هم الخباز في بحثه عن نفس الهدف، انما كما يقولون لكل شيخ طريقته، وبالتالي هذا هو طموح الشباب في بحثهم عن الافضل والملائم لحياتهم.

كما تشارك الفنانة نورا مراد بدور هبة بنت الحارة التي تمثل اخلاقيات هذه الحارة القديمة والتي ترتبط بعادات غير منغلقة ومنفتحة بعقلانية.

وتقول نورا عن دورها في العمل: تنتمي هبة الى عائلة متوسطة الدخل، وتتميز هبة بأنها ذات اخلاق عالية وتعتز بكرامتها.

وفي الخط الدرامي للشخصية نجدها تتعرض لموقف من صالح، الشاب الشرير «الازعر» مدلل عائلته الذي يستغل معرفته عندما يعلم بوجود علاقة بين هبة وشاب يحاول ملاحقتها، وينشر خبرا في حارته والمنطقة انه على علاقة غرامية معها. ولكن هبة تتعامل بفوقية وتعال مع اهل الحارة، خاصة النساء، الذين لا يتركون الامر على حاله، فيتدخلون ويقومون بتزويجها من صالح.

تتغير حياتها وتدخل في حالة صراع مع صالح، محاولة ترويضه عندما ترى الجانب الداخلي عنده وتراهن على تغييره. صالح بدوره يقاوم هذا التغير، ويتحول الزواج الى حالة من الصراع بينهما سعيا في فوز احدهما على اخضاع الآخر، حتى يصل الامر لأن تنهار هبة وتصاب بصدمة عصبية تتولد عنها ردة فعل مرضية تجبرها على ملازمة الفراش.

هنا تبدأ مرحلة ثالثة في تاريخ العلاقة بينهما تفقدها حملها الاول، مما يشكل حالة استفاقة لصالح ليقف ويعيد النظر في سلوكه تجاه ما يجري حوله ولتبدأ علاقة حب جديدة بينهما تؤدي الى انتصار الجانب الداخلي والوجداني الذي راهنت عليه.

* هذه التجربة الرابعة مع المخرجة ميداني، فماذا عن خصوصية العمل معها؟

ـ عندما تتكرر العلاقة بين أي ممثل ومخرج فمن المؤكد ان اللغة المشتركة بينهما تتدعم، وذلك لمعرفة كل منهم بأسلوب الآخر وكيف يمكن ان يأخذ منه. والمخرجة هند تتميز باشتغالها على الممثل وتوجيهه بدقة وبنفس الوقت تترك له مساحة للعمل على الشخصية وقابليتها لسماعه رأيه، أي الشغل المشترك للوصول الى صيغة مشتركة حول الشخصية.