صلاح الدين الأيوبي يعود ليحرر القدس

المخرج السوري حاتم علي: المشاهد لن يرى صلاح الدين مجرد سيرة تاريخية بل قراءة معاصرة لواقعنا

TT

كانت الحروب الصليبية أول حرب عالمية عرفها التاريخ، إنها قصة صراع بين الشرق والغرب، حاول البعض إلباسها لبوساً دينياً، لكن من المؤكد أن أمراء الحملة الصليبية حين اندفعوا بسياساتهم التوسعية، إنما كانوا يستهدفون غايات دنيوية محضة، إنها أول تجربة في الاستعمار الغربي، الهدف منها تحقيق مكاسب اقتصادية واسعة النطاق، وبدلا من أن يتحد الأمراء المسلمون ضد هذه الهجمات الفرنجية، واجهوها فرادى وفرادى سحقوا الواحد تلو الآخر إلى أن ظهر صلاح الدين.

والذي من المتوقع أن نشاهده في عمل درامي، تنتجه «سورية الدولية» ويجسد بطولته الفنان جمال سليمان بدور صلاح الدين، ويخرجه حاتم علي عن نص للدكتور وليد سيف، بمشاركة عدد من النجوم السوريين والعرب: سوزان نجم الدين وعبد الرحمن آل رشي وورد الخال ورفيق علي أحمد من لبنان، ونجاح سكفوني وسلمى المصري وسلاف فواخرجي ووائل رمضان وعبد الرحمن آل رشي، وعلاء الدين كوكش، وغيرهم مع إمكانية مشاركة ممثلين من الخليج العربي والمغرب العربي ولبنان والأردن.

وفي زيارة لموقع التصوير لمتابعة العمل، التقينا الفنان نجاح سكفوني الذي قال عن دوره: «المسلسل يبدأ بولادة صلاح الدين، أي المشهد الأول يمثل ولادته، وهذا يمثل طرحاً للقضايا السياسية والاجتماعية، وما يحيط بالمنطقة من ملابسات وظروف. وهنا أود القول إن شخصية كصلاح الدين، لا يمكن أن تكون لولا كل الظروف والمناخات المحيطة بها، والعمل يبدأ قبل حركة صلاح كبطل قومي معروف، وله مكانته التاريخية، وأنا من محبي هذا النوع من الكتابة، التي تطرح الارضيات والمناخات وتحلل الواقع بشكل تفصيلي وتعطي صورة ومساحة كبيرة عن هذا الزمن، من هنا أجد أن العمل يتناول صلاح الدين بشكل موضوعي في زمنه مع كل الظروف التي أحاطت به».

* وماذا عن طبيعة دورك في العمل؟

ـ ألعب شخصية نجم الدين أيوب والد صلاح الدين الأيوبي، ومشاركتي تبدأ مع المشهد الأول في العمل، وهي من الشخصيات التي تواكب العمل لمدة طويلة، حيث تبدأ بسن 35 سنة وتنتهي في سن 75، وتمر بمعظم مراحل العمل، وهذا ما يعطي مساحة للاشتغال على الشخصية. وأهم ما يميز ملامح نجم الدين كونه فارسا معروفا يمتلك الحيلة والشجاعة الكبيرة، كما أنه مدرب ومعلم لكل أبنائه ومنهم صلاح الدين.

* شخصية نجم الدين تاريخية، كيف تم العمل عليها؟

ـ بما أن الشخصية موثقة تاريخيا، فالعمل عليها تمثيلا يكون ضمن هذا التوثيق، ذلك بدراسة الخطوات والمرتكزات الأساسية للشخصية، ومدى سيرها وصيرورتها، للحصول على مجموعة من العناصر التي تساعد على إيجاد الملامح الإنسانية والنفسية والسياسية لها، ثم يأتي شغل الممثل بالاتفاق مع المخرج لإكساء هذه الملامح التي تتمثل، كما قلت، في أن نجم الدين شخصية تتأرجح بين الفروسية والعنفوان وبين الحكمة والقوة وهو أساس العمل عليها.

وقال مهندس الديكور ناصر جليلي عن تصميم مواقع التصوير: «سوف يكون الموقع الرئيسي لتصوير العمل في منطقة خان الشيخ، حيث بنينا سوراً طوله 100م بارتفاع 12 م، وسوف نبني عليه بوابات كل من القدس ودمشق وصممنا موكيتات ومجسمات لهذه المدن بطول 7 أمتار، من أجل العمل عليها بالجرافيك، بحيث تدخل كمناطق تصوير من خارج إلى داخل دمشق، القدس، والقاهرة».

* ماذا عن هذه الموكيتات التي تحدثت عنها؟

ـ هي مجسمات للمدن العربية، فمثلا التي ستكون مسرحاً لأحداث العمل شكلنا مدينة دمشق على مساحة طولها 7 أمتار بعرض 6 أمتار، حيث تمثل المدينة في القرن الثاني عشر فترة الحكم الصليبي، لتنتقل إلى ما وراء السور ولتمثل بوابة كيسان، التي دخل منها نور الدين الزنكي إلى دمشق، التي حاصرها الصليبيون، وهذا ما يمثله ما تشاهده أمامك من معسكر للقوات الصليبية التي أقامت في منطقة الغوطة.

كذلك الأمر بالنسبة لمدينة القدس، إذ ستقام المعارك عند دخولها، حيث استخدمنا الأدوات نفسها التي كانت في تلك الفترة من منجنيقات وطلقات أسهم ترمي 20 سهما، وهدمات أبراج.

* ماذا عن مواقع التصوير؟

ـ لدينا مواقع رئيسية في العمل منها في منطقة خان الشيخ، وهناك ميناء بحري، وفي منطقة أم الطيور في اللاذقية، كذلك في قلعة الحصن والمرقب وفي مناطق حلب، حماة وجيرود.

أما المخرج حاتم علي فقال عن طبيعة العمل:

ـ هو محاولة لتقديم سيرة ذاتية لبطل له موقع مهم في التاريخ العربي والإسلامي، ومن الواضح أهمية طرح مثل هذه السيرة في هذه الظروف، فتحرير القدس هو غاية وهدف نضالي نسعى جميعاً لتحقيقه بكل السبل الممكنة، وكما هو واضح فإن الحملات الصليبية التي حاول البعض إلباسها لبوساً دينياً، لم تكن سوى حرب استعمارية، وحتى أنه يمكن اعتبارها أقدم حرب استعمارية عرفها التاريخ، اضافة لذلك هي هجمة شبه استيطانية حاولت أن تتجذر في منطقتنا، وعلى الرغم من كل السنين استطعنا تحرير بيت المقدس وفلسطين، ويكاد التاريخ يعيد نفسه، فالمنطقة تعرضت لهجمات مماثلة لم تستطع أن تجد لنفسها مكاناً في المنطقة، ففي القرن العشرين نعيش حالة مماثلة تبدو أشد شراسة وقوة، لكننا من خلال مسلسل صلاح الدين، سنلقى المصير نفسه، الذي لقيته كل الحملات والغزوات أيا كان شكلها أو هدفها.

* ماذا عن الجانب الإخراجي للعمل؟

ـ عمليا نحن نقدم مسلسلا تاريخيا، ينتمي إلى مرجعية واضحة المعالم، سواء في المكان أو الزمان، بالتالي كل العناصر الإخراجية تحاول أن ترسم لوحة واقعية للفترة من دون فذلكات شكلانية، في محاولة لاحترام عقل المشاهد، أما القراءات المعاصرة، فهي لم تكن خافية على أحد، وسيكون في متناول المشاهد، الذي لن يرى في صلاح الدين مجرد سيرة تاريخية بقدر ما سيرى قراءة معاصرة لواقعنا.

* ما بين عملك السابق «الزير سالم»، وعملك الحالي «صلاح الدين»، هل يمكن أن تكون هناك نقلة نوعية في عملك؟

ـ أنا شخصياً غير معني بهذا الموضوع، فكل اهتمامي منصب على خدمة النص الذي بين يدي والذي يتميز بالدقة في انتمائه لمرحلة محددة.

=