«تمر حنة».. مسلسل تاريخي يحمل عبق دمشق القديمة

مخرجه محمد الأتاسي: أحاول أن أعيد الناس إلى الخمسينات من خلال مشكلاتهم الصغيرة والكبيرة

TT

العودة إلى حقبة الخمسينات في دمشق القديمة والعريقة، أمر يستحق التوقف عنده، بل يدعونا إلى شيء من التأمل، حيث عادات الأهالي تجمعهم الحميمية والود والمحبة على خلفية بعض الاحداث السياسية.

«تمر حنة»، المسلسل الذي يجري تصويره هذه الأيام، ينقلنا إلى تلك الفترة بكل تفاصيلها الحياتية وهو من إنتاج شركة «قارة»، ويعد من الانتاجات الضخمة والتكاليف الكبيرة، فيه المعارك والمظاهرات، ومن تأليف أحمد حامد وإخراج محمد فردوس الأتاسي، بمشاركة العديد من النجوم السوريين، اضافة إلى العديد من الفنانين العرب من قطر ولبنان والجزائر وتونس.

وكان لـ «الشرق الأوسط» هذا اللقاء مع المخرج وبعض القائمين على المشروع.

* لنتحدث عن فكرة العمل وماذا أعجبك فيه؟

ـ أكثر ما يستهوي المخرج هو فكرة جديدة غير مطروقة، تحمل في طياتها المفاجآت الجميلة ذات البعد الدرامي المهم، وعندما يحمل مسلسل ما هذه المواصفات وتكون له خلفية «بانوراما» سياسية يصبح مهما. فكرة هذا العمل جديدة وتتحدث عن فترة مهمة في تاريخ سورية والوطن العربي، عام 1957 عام الحسّ الوطني والقومي لدى الشعب العربي، إذ كنا قد خرجنا من العدوان الثلاثي، نضال الجزائر والتحرير، الدعوة إلى الوحدة العربية وعبد الناصر، والتحضير لأجواء الوحدة التي تمت في عام 1958. ما يميز العمل كيفية العيش بين الناس، ومحبتهم لبعضهم، واهتمامهم بمشاكلهم الصغيرة والكبيرة، وكيف يعيشون أفراح بعضهم أيضا.

* لا بد من رؤية خاصة لإخراج مثل هذا العمل الذي يرصد العادات والتقاليد العريقة، على خلفية أحداث سياسية مهمة، على ماذا تعتمد في رؤيتك الإخراجية؟

ـ أحاول أن أعيد الناس إلى فترة الخمسينات، وأضعهم في هذا الجو من خلال موسيقى وأغاني الخمسينات وعلاقة الناس في تلك الفترة، وإذا استطعت أن أصل إلى هذه النقطة، أي أن يشعر الناس بذلك، أكون قد قدمت شيئاً جميلاً.

وفي أحد مواقع التصوير، حيث كان البيت الدمشقي يحتل ركناً مهماً من مفاصل العمل، التقينا الفنانة فاديا خطاب التي حدثتنا عن دورها قائلة: ألعب دور سيدة من سيدات دمشق المعروفة قديما، المحافظة، الوفية الجميلة، وليس المقصود هنا الجمال في الشكل الخارجي، إنما جميلة في جوهرها وأخلاقها وتفانيها ومحبتها لبيتها وزوجها.

* ماذا يضيف إليك هذا الدور من جديد؟

ـ لا شك أن كل عمل يضيف للفنان شيئا جديدا، خاصة إذا كان يتعامل مع مجموعة رائعة من الفنانين الكبار، اضافة إلى المخرج المتميز فردوس أتاسي. نعمل في بيئة شعبية وهي البيئة التي أحبها والمتأصلة بالعراقة والعادات والتقاليد، هذا ما جعلني أوافق على لعب دور في هذا العمل. الدور يمر بمراحل درامية كبيرة، ومع أن «أم عثمان» لا علاقة لها بالاحداث السياسية، لكنها تمر بمواقف درامية صعبة، وأنا أحب المرأة الإيجابية الحنونة المثالية التي تحب زوجها وأسرتها وكل الناس.

* في الآونة الأخيرة قدمت عدة أدوار تحمل في طياتها المرأة الارستقراطية التي تحب المظاهر، والآن نراك في دور شعبي بحت، هل يمكن القول إنك قد اشتقت إلى لعب هكذا أدوار؟

ـ أنا مع الفنان الذي يجدد أدواره، وعملت مثل هذه الأدوار قديما، لكن منذ فترة ليست بالقصيرة أديت أدواراً فيها شيء من الشياكة والفخامة، لذلك حان الوقت للخروج من هذا الثوب، بمعنى آخر حان وقت التجديد.

الفنان الكبير خالد تاجا، الذي يؤدي دور الباشا، كان هناك وسألناه عن الأمر الذي أغراه بلعب شخصيته، فقال: هناك أمران، أولاهما أن المسلسل يحكي عن فترة عشناها وهي مرحلة الصحوة العربية، الشعور القومي الهائل الذي كان في تلك الفترة، وتعنيني هذه الفترة لأنني ابنها، ورغم أنني اجسد شخصية سلبية، لكنها في الوقت ذاته من مخلفات الماضي. أما الأمر الآخر، فإن الشخصية بحد ذاتها مغرية بتركيبها السايكولوجي وبنائها الدرامي السليم.

وتقوم الفنانة مرح جبر بدور تمر حنة، الفتاة المعجبة بالمناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، لكن إعجاب أحد الأثرياء بها يحول مسرى حياتها. التقينا بها وتكلمت عن عملها مع المخرج: هذه المرة الثانية التي أعمل فيها مع فردوس بعد «اللوحة السوداء»، وقد اختارني لهذا الدور بعد أن رأى عملي في المسلسل.

ولم ننس أن نلتقي الطفلة زهرية، التي تألقت في «الخوالي» واسمها يُمنى الحلبي، وحدثتنا عن دورها وقالت: ألعب دور أخت تمر حنة الصغيرة، التي تعمل على التخفيف من معاناة أختها الكبيرة، وأعطي رأيي في ما يحصل. والأجمل أنهم يأخذون به، بمعنى آخر (يعاملونني مثل الزلمة)، أعجبت بهذا الدور لأن فيه شيئا من مقاومة الأهل. (وهنا يناديها المخرج للتصوير، ونتابع ما تؤديه هذه الطفلة ونرى كيف يمكن أن تنتقل من الحالة النشيطة المرحة وبثوان إلى الحالة المحزنة).

أهمية الملابس في هكذا أعمال، تلعب الدور الأساسي من أجل مصداقية العمل، كما أن المشهد البصري اللوني يجب أن يكون مدروساً، وقد استعان المخرج أتاسي بالفنانة التشكيلية عتاب حريب، لتكون المسؤولة عن الملابس.

وقالت عتاب: كانت الألوان فاتحة جداً بالنسبة للنساء كألوان الزهري والباستيل (الفستقي)، وايضا نمط الكاروهات في القمصان والجاكيتات والتنانير، لم تكن الألوان قوية وصريحة، إنما كانت تعتمد على البني والرمادي والبيج، بمعنى آخر كانت ألواناً تاريخية ترابية، اضافة إلى الفساتين الطويلة والمانطويات الطويلة، ويمكن ملاحظة الندرة في ارتداء الملاءة أو تغطية الوجه، كان الاعتماد على الإيشارب أو من دونه، بمعنى آخر كانت هناك مرحلة تعبر عن تحرر النساء بشكل آخر.

=