هبة القواس في دار الأوبرا السلطانية

ساعتان شدا صوتها خلالهما بأشعار أنسي الحاج وعبد العزيز خوجه

TT

عند الساعة السابعة بتوقيت مسقط من مساء الخميس 22 نوفمبر (تشرين الثاني)، فتحت أبواب مسرح دار الأوبرا السلطانية، لتستقبل لليلة واحدة فقط المؤلفة الموسيقية السوبرانو هبة القواس.

بدأ الناس يتوافدون ليدخلوا المكان ويعيشوا توهج اللحظات، حتى امتلأت المقاعد والمقصورات كاملة وتأهبت الحواس في صمت وترقب أمام الأوركسترا السيمفونية الوطنية الأوكرانية بقيادة النمساوي كارل سولاك. وقد افتتح العزف بـ«لحظات في كراكوف»، قبل أن تطل مؤلفتها القواس على القاعة بلباسها الأزرق مغطية وجهها بغلالة رقيقة، لتؤدي «عمان يا أغنية» للمرة الأولى، وهي من كلمات الكاتب حسان الزين وتأليف القواس. ارتوى المستمعون من صوت القواس المحلق بين أجنحة هذا المسرح الذي يبدو طالعا من أساطير «ألف ليلة وليلة». بين الحلم والواقع ثمة حقيقة واحدة تكمن في الإبداع، في الموسيقى التي تتجلى من المطلق. ها هي الأصوات ترق وتلين بين أصابع الموسيقيين، وخاصة عازف الغيتار العالمي خوسيه ماريا غياردو ديل ري، الذي أدى للمرة الأولى كونشرتو للغيتار والأوركسترا «تقاسيم على إشبيلية» من تأليف القواس التي مزجت بين الحداثة والنغم الأندلسي، بين الشجن الشرقي والميلوديا الغربية. ثمة مزج يعكس التلاقي الحضاري في موسيقى القواس وفي سعيها إلى الربط بين الثقافات والإيقاعات الموسيقية. ثمة حنين ما إلى الماضي وتوق إلى المستقبل تحت مخمل الحاضر. تلك هي الموسيقى التي غمرتنا بموجاتها الأثيرية والعميقة وحلقت بنا.

ساعتان امتزجت فيهما أشعار أنسي الحاج والحلاج وعبد العزيز خوجه وكمال جنبلاط وهدى النعماني وزاهي وهبي وندى الحاج بمنمنمات دار الأوبرا، حيث سافرت موجات صوت القواس إلى الجمهور المصغي بعمق وانجذاب. في ذاك المساء توحدت القواس مع كلمات كمال جنبلاط في أغنية «أنت أنا» التي أدتها بطرب تارة وخشوع أقرب إلى صلاة القلب طورا، فاكتشفنا هبة قواس جديدة ومختلفة، كأنها في تلك الأغنية التي ألفتها وحدت المسافة بينها وبين المتلقي وبين الأنماط الموسيقية مع بعضها البعض، فدخلت حالة الوجد الصوفي واكتملت الحلقة في القلب بين الكلمة والموسيقى والصوت.. «كأن كل شيء قد شق من نغم الوجود».