ريتا حايك: دوري في مسرحية «كعب عالي» الأصعب في مسيرتي التمثيلية

الممثلة اللبنانية قدمت مشاهد جريئة لأول مرة على خشبة المسرح

ريتا حايك
TT

استطاعت الممثلة اللبنانية ريتا حايك أن تحدث فرقا بأدوارها التمثيلية حيث لا يجرؤ الآخرون. فجسدت دور الفتاة المثيرة والمتصالحة مع نفسها «جيورجي» في مسرحية «كعب عالي» التي يشاركها بطولتها كل من الممثلين عمار شلق وطلال الجردي. هذا الدور الذي تطلب منها القيام بمشاهد جريئة لم يسبق لنا أن شاهدناها على خشبة المسرح، وضعها على قائمة الممثلات اللاتي أحدثن اختلافا في المجال التمثيلي.

وعن سبب قبولها القيام بهذا الدور قالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا أدري لماذا كان علي ألا أقبل به كما يتخيل كثيرون، فهو شكل إضافة لي أو بالأحرى علامة فارقة في عملي التمثيلي لما تتطلب الشخصية التي أجسدها من دقة وعفوية في الأداء مما جعله أحد أصعب الأدوار التي قمت بها». وتضيف: «التعليقات التي تلقيتها حول الدور جاءت بغالبيتها إيجابية وهذا ما لم أتوقعه من جمهور المسرح في لبنان، لأنه أعجب بشفافية الدور وحقيقته اللتين تعكسان واقعا نعيشه، ولكننا عادة ما لا نتطرق إلى هذا النوع من المواضيع لكونه يندرج في قائمة المحرمات».

وعن شعورها بالوقوف على المسرح إلى جانب ممثلين رائدين في هذا المجال قالت: «عمار شلق وطلال الجردي هما وحشا مسرح ومن يقف أمامهما لا شك سيشعر بمسؤولية كبيرة تدفعه لتقديم الأفضل ليتمكن من ملامسة مستواهما التمثيلي». وأضافت: «لقد زوداني بثقة بالنفس وبطاقة إيجابية أنا ممتنة لهما عليها».

وعن تفاعل جمهور المسرحية مع بعض المشاهد الساخنة التي تتضمنها، كتبادلها القبل مع بطل المسرحية أو ظهورها باللباس الداخلي ردت موضحة: «هي مشاهد تطلبها الدور، وهي تمثيل في النهاية ولكل طريقته في التعبير أو في التفاعل مع مشاهد معينة. ولكن يمكنني القول إن الجمهور تفاعل معي بإيجابية وتقبل هذه المشاهد بانفتاح. فالأيام تغيرت من عشر سنوات حتى الآن، وجيل اليوم غير جيل البارحة، لقد أصبح يستوعب الأمور ويتفهمها برحابة صدر. فهناك من ضحك وهناك من صفق، وكل تقبل الأمر على طريقته. وخلال ثلاثين ليلة عرض هناك شخص واحد علق بطريقة مبتذلة ثم ما لبث أن انسجم في الأداء وسكت».

ورأت ريتا حايك أن لكل مسرح لونه ومواضيعه فلا يمكن أن نخلط الأمور ببعضها، وأن ما يقدمه الرحابنة لا يشبه أبدا ما يقدمه جورج خباز، كما أنه يختلف عما نشاهده على مسرح لينا خوري أو نضال الأشقر. وقالت: «أراد مخرج المسرحية جاك مارون نقل واقع لم يسبق أن تطرقنا إليه على خشبة المسرح، وهذا ما شدني في النص. فنحن موجودون لتجسيد الواقع وأرى أننا كممثلين صرنا حاضرين لكسر هذا الروتين والتقاليد البالية فتحررنا بشكل أو بآخر منها لنكون حقيقيين، فلا نضحك على أنفسنا ونحشر أنفسنا في مواضيع كلاسيكية فقط».

ووصفت ما تقوم به على المسرح بأنه ينقل الواقع كما هو، لأن الفن في رأيها هو مرآته. فكما هناك مواضيع كوميدية وأخرى تراجيدية هناك أيضا مواضيع اجتماعية وإنسانية يجب التطرق إليها.

أما عن مشاهد القبل الجريئة وغيرها التي تتضمنها المسرحية فقالت: «جميل أن نقدم المشهد كما هو من دون زيادة أو نقصان، ونحن لا نضع الأقنعة أو نستخدم بهارات ونكهات لا تخدم المشاهد وتضيعه، فنتعرى بذلك معنويا من أي شوائب قد تعوق إيصال فكرتنا له».

وكانت ريتا حايك قد جذبت جمهورا تلفزيونيا عريضا في الصيف الماضي من خلال مشاركتها في برنامج «سبلاش» على «إل بي سي» ومسلسل «آميليا» على المحطة نفسها.

حققت ريتا شعبية لافتة في الأول نظرا لظهورها على طبيعتها من دون ماكياج وبلباس بسيط، وأوصلت للجمهور حماسها وإصرارها على إتقان القفز من على ارتفاع لامس أحيانا عشرة أمتار (هدف البرنامج دخول المشاهير المشاركين فيه بمسابقة في القفز) فشعر مشاهدها أنها قريبة منه فشجعها وساندها بشكل كبير. وتقول عن هذه التجربة: «لقد أحببتها كثيرا فكانت بمثابة فرصة اقتنصتها في الوقت المناسب. رغم أنها كانت متعبة لكنها حماسية فيها الكثير من التحدي».

أما عن مشاركتها في مسلسل «آميليا» الذي جسدت فيه دور السكرتيرة (نورما) التي تجعل فيه مصلحتها فوق كل اعتبار، مما حولها بين ليلة وضحاها إلى عشيقة مديرها الثري من أجل الوصول إلى أهدافها، قالت: «هو أيضا دور جريء. صحيح أنني لم أكن متحمسة له في البدء، ولكن عندما أصر كل من الكاتب (طارق سويد) والمخرج (سمير حبشي) على ذلك استسلمت للموضوع فلاقى أصداء إيجابية، أنا سعيدة بها».

حاليا تتابع ريتا حايك مشاهدة مسلسل «وأشرقت الشمس» على قناة «إل بي سي» الذي وصفته بالعمل الرائع، عادة أن الدراما اللبنانية قطعت أشواطا طويلة أوصلتها بكفاءة إلى النجاح العربي الذي تحققه اليوم. وقالت: «الشيء الوحيد الذي ينقصنا في رأيي هو كتابة نصوص حقيقية تعكس واقعنا بشكل أفضل، وكذلك إلى مخرجين بارعين في توجيه الممثل لأن هذا الأخير يكون بمثابة طاقة أو أداة طيعة بين يديه في إمكانه أن يخرج منها ما يرغب فيه وفقا لحسه الإخراجي. ولذلك نرى ممثلين يبرعون في أداء أدوارهم تحت إدارة مخرج معين أكثر من غيره». كما أثنت على المسلسلات التي ترتكز على المزج بين الممثلين العرب مما يجعل انتشار العمل أكبر وأجواء التمثيل أجمل.

حاليا تجد ريتا حايك أنها بدأت فعليا تحقيق ما تصبو إليه في مسيرتها التمثيلية التي بدأتها منذ نحو ثماني سنوات، في مسلسل «حلم آذار» لكاتبه مروان نجار، وأنها صعدت السلم درجة درجة، فلم يأتها النجاح على طبق من فضة، بل نتيجة جهد وعمل دؤوبين. وعن مدى سرورها برد فعل الناس، حيث باتت تعدها شريحة كبرى من النساء مثالا للمرأة اللبنانية المنفتحة والقوية في الوقت نفسه، قالت: «سعدت بما يتناقله البعض لكوني صرت مثالا يحتذى به لدى الفتاة أو المرأة اللبنانية بشكل عام، وأعتقد أن عفويتي وتقديمي الأدوار بشكل طبيعي وحقيقي هما سلاحي في عملي، وعلى فتيات اليوم التخلي عن الأقنعة وعدم استخدام الكذب في علاقاتهن الاجتماعية مهما كانت طبيعتها، وأن يأخذن الحقيقة عنوانا لهن، لأن ذلك يشعرهن بالسلام مع أنفسهن ويزودهن بالطمأنينة وراحة البال، وهما شعوران جميلان نحن بحاجة لهما في أيامنا هذه».

وعما إذا كان هناك من شكل لها مثالا في مجال الفن أجابت: «لطالما أحببت أداء الممثلة اللبنانية رلى حمادة منذ تقديمها مسلسل (نساء في العاصفة) على تلفزيون لبنان، وكذلك الممثلة جوليا قصار التي أصبحت في ما بعد أستاذتي في الجامعة، فلم أصدق للوهلة الأولى أنني أراها أمام عيني، وأكن لها الكثير من الحب والاحترام».

أما مشاريعها المستقبلية فهي عديدة ولكنها ما زالت طي الدرس، ولا تفكر حاليا بالتدريس الجامعي لمادتي التمثيل والمسرح لأنها مكتفية كما قالت بورش العمل التطبيقية التي تقدمها لهواة التمثيل في لقاءات خاصة ومخيمات شبابية.