لورا خباز: أطفال الشوارع أذكياء والدراما اللبنانية ينقصها التوليفة الصحيحة

شاركت في كتابة مسلسل «شوارع الذل» وتلعب دور البطولة فيه

لورا خباز
TT

قالت الممثلة اللبنانية لورا خباز بأن الدراما اللبنانية لا ينقصها العناصر التي توفّر لها النجاح بل التوليفة الصحيحة التي تضعها في المسار المطلوب. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نلاحظ في المسلسلات العربية كالسورية مثلا مشاركة عدة نجوم من الصف الأول في عمل واحد منها وهذا ما نفتقده في أعمالنا اللبنانية». وتابعت: «من شأن هذا النوع من الأعمال أن يستقطب أكبر عدد من المشاهدين كما أنه يضفي على المسلسل طابع الضخامة فيكون غنيّا بأسماء نجوم يملك كل واحد منهم ركيزة شعبية لا يستهان بها». وختمت بالقول: «مع الأسف نجومنا في لبنان يعتذرون عن هذا النوع من الأعمال مخافة أن لا يرد اسمهم في المكان المناسب حسب رأيهم من تيتر المسلسل وهو أمر مخز».

أما عن العناصر الأخرى التي تفتقدها الدراما اللبنانية حسب رأيها فتقول: «أعتقد أن أكثر ما ينقصنا هو عنصر الإنتاج والماديات بشكل عام، فنحن لدينا كل العناصر البشرية الأخرى».

وتلعب لورا خبّاز حاليا دور البطولة في مسلسل «شوارع الذلّ» الذي يتناول واقع أطفال الشوارع الذين نلتقي بهم على الطرقات يمارسون مهنة التسوّل أو بيع علب العلكة والورود وغيرها من الأشياء الخفيفة الحمل، فبات انتشارهم هنا وهناك وجها من وجوه لبنان السيئة. ويلقي المسلسل الضوء على المعاناة التي يشهدها هؤلاء الأطفال في يومياتهم والسبل التي يتبعونها للعيش. أما النص فقد تشاركت وزميلتها فيفيان أنطونيوس في كتابته، وكان سبق لهما أن قاما بتجربة أخرى في هذا الصدد من خلال مسلسل «إلى يارا» الذي عرض على شاشات التلفزة منذ فترة. وتقول عن هذا التعاون: «في الحقيقة نتفّق فيفيان وأنا في هذا الموضوع ونكمّل بعضنا بأفكارنا، وعادة ما نتواجد سويا أثناء الكتابة حتى تبقى أفكارنا متصّلة ببعضها البعض».

وعما إذا اضطرها دورها الذي تؤدي فيه شخصية واحدة من فتيات الشارع التي تمارس التسوّل الالتقاء بمتسولين حقيقيين قالت: «لا يمكن أن تقومي بهذا الدور دون أن تحتكي بهم شخصيا، ولذلك اطلعت عن كثب على أسلوب حياة عدد من هؤلاء الأطفال الذين كنت ألاحظ وجودهم كغيري من اللبنانيين في الشوارع وعلى الطرقات، فجلست معهم وتناولنا الطعام سويا، وحدثوني عن مشاكلهم. واللافت في الموضوع أنهم كانوا لا يوافقون على التكلّم معي إلا بعد أن أعطيهم مبلغا من المال، فلقاءاتهم معي هي بمثابة مضيعة للوقت حسب رأيهم، لا يجنون منها رزقهم اليومي الذي اعتادوا عليه بالتسوّل، فتأثّرت ببعضهم حتى أنني في المسلسل أحاول تقليد واحد منهم لفتتني شخصيته وطريقة تفكيره». وعما إذا كان هدف تناول هذا الموضوع هو استجداء عطف الناس إليهم ردّت موضحة: «أبدا لأن هؤلاء الأطفال بحاجة إلى رعاية كاملة ونعرف تماما أن دولتنا لا تملك الإمكانيات المطلوبة لذلك. ولكننا أردنا أن نوصل رسالة مباشرة للناشطين الاجتماعيين وكذلك لأصحاب المبادرات الفردية. فكما هناك جمعيات تهتم بالمدمنين على المخدرات وما شابهها علينا أيضا أن نجد من يهتم بجيل من الأطفال قد يتغيّر مسار حياتهم مائة وثمانين درجة فيما لو وجدوا من يرعاهم».

وعما لفتها في هؤلاء الأطفال قالت: «هم أطفال أذكياء جدا، محنّكون، دعكتهم الحياة كما نقول في لبنان، فصار لديهم القدرة الكبيرة على تحمّل المصاعب». وتتابع: «بعضهم صاروا من عداد أصدقائي أسأل عن أحوالهم باستمرار ويصيبني القلق إذا ما لاحظت غياب أحد منهم عن الطريق لفترة طويلة». وتؤكد لورا في سياق حديثها بأن بعضهم كان صادقا إلى آخر حدود فيما غيرهم كان يكذب فتشعر بالأمر بسرعة. وعما إذا لمست نيّة لدى هؤلاء الأطفال لتغيير حياتهم أو أسلوب عيشهم أجابت: «عضهم رفض الفكرة معتبرا أنه في وضعه الحالي يعيش في حرية وفوضى لا يمكن أن يستغني عنهما لأنها تشعره بأنه فوق القانون».

وعما إذا كانت الشخصية التي تجسّدها تشبهها في مكان ما قالت: «لقد كنت (شيطانة) في صغري أحب اللعب على الطريق وأراقب وأخطط، وأحيانا كثيرة أحفظ لكنة شخص ما تأثّرت بها، وأنا اليوم جمّعت كل هذه الصور في رأسي واستعنت بها في هذا الدور على الشاشة الصغيرة».

وعن رأيها بطريقة إخراج العمل إذ انتقد البعض كلاسيكية حركته وإيقاعه قالت: «أحترم رأي الآخرين ولكني أجد أن المخرج إيلي معلوف أبدع في عملية إخراجه ونقل الواقع الذي نعيشه كما هو تماما». وتابعت: «لكلّ مدرسته في هذا المضمار، فروبرت دي نيرو مثلا عندما يمثّل يذهب مع الشخصية التي يجسّدها، بينما آل باتشينو يجلب هذه الشخصية لعنده والاثنان ناجحان».

وعما إذا صارت تعتبر نفسها اليوم ملمّة في أمور التمثيل قالت: «هذا الأمر يعود إلى تقييم المشاهد لتمثيلي، ولكني عادة ما أشاهد أعمالي وأنتقد نفسي وأحيانا كثيرة أعرف تماما ما هي أخطائي». ما هي طبيعة هذه الأخطاء؟ تردّ بسرعة: «مرات كثيرة لا أستطيع الفصل بين حياتي الشخصية والدور الذي ألعبه بما معناه أنني عندما أشاهد نفسي ألاحظ بسرعة الخلل الذي تتسببه لي هذه المشكلة وعبثا أحاول تداركه».

ولكن هل لورا خباز المعروفة أيضا بنجاحاتها على خشبة المسرح تشعر بأن الكاميرا ثانوية لها؟ تجيب: «للمسرح وقعه الأهم عند أي ممثل كونه يضعه على تفاعل مباشر مع الناس كما أنه يحمّله مسؤولية كبيرة إذ لا يستطيع أن يعيد المشهد فيما لو أخطأ، أما الكاميرا فلها أيضا جماليتها ولكني أعتبرها تزيّف الحقائق إلى حدّ ما، لأن الأعمال التي تقدّم من خلالها تخضع للمونتاج أو لإعادات متكررة للمشهد فتغطي أي شائبة أو غلطة يمكن أن يرتكبها الممثل».

وعما إذا كان موضوع مسلسل «شوارع الذلّ» من شأنه أن يلاقي انتشارا على التلفزيونات العربية قالت: «أعتقد أن هذه المشكلة موجودة في جميع البلدان حتى الغربية منها ولكننا في لبنان نعاني من تضخمها، والموضوع ككلّ إنساني ويخاطب الجميع».

أما عن مشهد الاغتصاب الذي يتضمنه المسلسل قالت: «لقد فكّرنا كفريق عمل بأن هذا المشهد من الممكن أن يتسبب في الأذية أو بإعادة ذكرى قاسية لأشخاص مرّوا بنفس الظرف، فارتأينا أن نشغل أذن المشاهد في هذه اللقطة بدلا من عينه فاعتمدنا أكثر على الصوت من خلال الصراخ، حتى لا نخدش شعور أحد».

وعن مشاريعها المستقبلية قالت: «حاليا أعيش فترة استراحة لأن المسلسل تطلّب مني جهدا كبيرا، كما أنني أشارك في مسرحية (ناطرينو) لكاتبها ومخرجها جورج خباز (شقيقها) مما يجعلني أتفرغ لها حاليا».