دراما وتمثيل: مشكلة «الإيفيه»

محمد رضا

TT

اعتاد الكثير من ممثلي المسرح والسينما والتلفزيون العرب على ممارسة اعتقاد خاطئ أكثر مما هو مصيب بخصوص ما يسمونه في مصر بـ«الأفيه» المشتقة من الكلمة الفرنسية والإنجليزية (تكتبان بنفس الأحرف) effect.

الكلمة الأصلية تعني التأثير المنوي إحداثه من فعل مظهري. تشارلي تشابلن حين مثل شخصية الصعلوك شارلو كان يمشي بطريقة معينة.. هذا «تأثير» (أو «إيفيه»). الكوميدي بستر كيتون كان له وجه جامد يضحك ولا يضحك.. هذا «تأثير».

في وسائل الترفيه العربية (مسرح، تلفزيون، سينما) يقدم ممثلون عديدون ما يرونه تأثيرا صحيحا يضيفونه على الشخصية وتشخيصها. وهناك نوعان من هذا التأثير الممارس: استخدام كلمة أو عبارة تتكرر مثل «وشرف أمي»، كما كان يرددها فريد شوقي، ومثل «يا همبكة» التي كان يرددها توفيق الدقن (رحمهما الله). النوع الثاني هو استخدام كل الحوار بطريقة معينة كالتأتأة أو اللدغ بأحد الأحرف.. إلخ.

من ناحية تأتي الكلمات أو العبارات المحددة لتدغدغ الجمهور الذي ضحك وتسلى حين تم استخدام العبارة في المرات الأولى وأخذ يتوقع استخدامها في كل مرة. لكن الفادح هنا الثمن المدفوع من خامة الدراما وصلبها، وذلك لسببين على الأقل:

- قيام الممثل باستخدام تأثير صوتي (من أي نوع) هو كسر للرغبة في التعمق في الشخصية وإعلاء من شأن الرغبة في عرضها خفيفة ومباشرة. قد يكون هذا ما يريده تماما، لكن ما دام الممثل في مهنة اسمها التمثيل، فإن من واجباته حيال فن المهنة أن يسلك طريق الاستكشاف والتجديد وإحياء المخفي من الشخصية وليس الظاهر منها.

- حين يتكرر استخدام الممثل لهذا التعبير الصوتي من عمل لآخر يكون بمثابة من يأخذ حماما من دون تغيير ملابسه. لقد استبدل بشخصية اسمها (مثلا) أدهم، شخصية رجل اسمه كمال، لكن كمال ما زال يتصرف كأدهم. ربما أدهم في العمل الأول كان أستاذ مدرسة مما يعني أنه على درجة من الثقافة وعلى درجة أخرى من الوضع الاقتصادي، بينما كمال سائق شاحنة عليه العمل ليلا ونهارا لتدبير شؤون حياته. الربط بينهما بأداء واحد وتحديدا بعبارات متكررة يعني عدم اعتراف الممثل (والعمل بأسره) بأهمية تلك الاختلافات.

معظم مستخدمي «الإيفيات» كوميديون يجدونها وسيلة ناجحة لـ«شبك» الجمهور في شخصيته التي قلّما تتغير. لكن هل كان الوضع مختلفا في السابق؟ أو بكلمات أخرى، لماذا نقبلها من تشارلي تشابلن وبستر كيتون ولا نقبلها من الممثل الكوميدي العربي؟ السبب بسيط جدا: التأثير الناتج عن حركة بصرية التفعيل هو أسلم من تلك الصوتية. لكنها في النهاية تؤدي الوظيفة نفسها وتقع في التكرار باستثناء إذا ما كانت الشخصية لا تتغير من فيلم إلى فيلم. الصعلوك شارلو لم يظهر في فيلم واحد بل في عشرات الأفلام، وبالتالي من الخطأ أن يظهر على نحو معين هنا وعلى نحو معين آخر في ما بعد. لا بد من المواصلة. كذلك الحال بالنسبة لبستر كيتون: هذه هي شخصيته وقد أدّاها صامتة. في المقابل، فإن الكوميدي جيري لويس سقط في تكرار «التأثير» الكلامي والتعبيري تماما كسواه عندنا.