المخرج اللبناني رفيق الحجار: الأعمال السعودية لا تزال محدودة وكميتها ضئيلة رغم وجود عدد من المخرجين المبدعين

TT

رفيق الحجار المخرج اللبناني المعروف عمل في المجال السينمائي وهو في مرحلة مبكرة من حياته، حيث قرر أن يصقل موهبته أكاديميا بكتابة فن السيناريو في جامعة بيروت ليحصل من بعدها على منحة دراسية إلى المانيا.. انطلق الحجار ليمارس مهنته الفنية في أوروبا ليصل بذلك نحو العالمية في وقت قصير.. مخرجاً ما يقارب 42 فيلما أجنبياً نال من خلالها 14 جائزة وأوسكاراً دوليا.

وكان المخرج الحجار الذي غاب عن الساحة الفنية مدة طويلة قد أطل أخيراً على جمهوره عبر إنتاج درامي سعودي عرض في شهر رمضان الماضي واصفا اياه بأنه فاتحة لأعمال تلفزيونية سعودية مقبلة. «الشرق الأوسط» التقت المخرج رفيق الحجار أثناء عمله وأجرت معه هذا الحوار:

* ما هي آخر أعمالك الدرامية السعودية؟

ـ يعتبر مسلسل «خلف خلاف» الذي عرض في شهر رمضان على شاشة التلفزيون السعودي هو أول أعمالي التي قمت بها مؤخراً إلى جانب مشروعين آخرين سوف ينجزان قريباً.

* حدثنا عن بدايتك في عالم الفن السينمائي؟

ـ بدأت هوايتي في تعلم الفن السينمائي تتنامى منذ أن كنت في العاشرة من عمري حيث حظيت بتشجيع كبير من والدي رحمه الله، وعندما أنهيت دراستي الثانوية صقلت موهبتي بتعلم فن كتابة السيناريو في جامعة بيروت وحصلت منها على منحة دراسية الى إتمامها في المانيا بالإخراج السينمائي، وبقيت هناك ما يقارب 12 عاما بين دراسات وافلام حيث عملت 42 فيلماً المانياً، وذلك منذ عام 1975، بعدها نلت 14 جائزة دولية على الافلام التي أخرجتها في عدة مهرجانات سينمائية عالمية منها جائزة مهرجان موسكو لفيلم «الملجأ» وجائزة براين وطشقند وقرطاج ومهرجان برلين، كما شاركت عضواً في لجان التحكيم بعدة مهرجانات كانت جميعها بين كوبا وكوريا.

* كيف تقارن الإنتاجية العربية بالسينما الغربية كونك أمضيت في الخارج شوطا زمنيا لا بأس به من حياتك؟

ـ السينما هي صناعة وفن.. ورغم ما نملكه من كبار الفنانين والممثلين إلا أننا نجد أن صناعتنا العربية تنقصها التكنولوجيا والتخصصات البارعة.. بداية من السينما وبما تحتاجه من أجهزة متطورة حديثة لتواكب التطورات الحاصلة وصولاً إلى الإمكانات الإنتاجية وضعف الكوادر الفنية في المختبرات الفنية من نواحي التصوير والإخراج. واعتبر أن الفرق كبير جداً بيننا وبين الغرب إذا ما وضعنا ذلك في وجه المقارنة، إضافة إلى ذلك فن كتابة السيناريو فنحن ومع الاسف رغم توفر عدد جيد من الكتاب العرب لكنهم يفتقرون إلى التخصص في كتابة الفن الدرامي وعدد قليل ممن احترف المهنة بالطريقة الصحيحة والبعض الآخر اكتسبها بالخبرة.

* ما سبب انقطاعك المفاجئ عن العمل قبل سنوات؟

ـ السبب في انقطاعي عن العمل منذ فترة كانت الظروف الإنتاجية فقط.. حيث أني ما زلت أملك الكثير من الأفكار والسيناريوهات التي يمكنني تنفيذها في ما بعد.

* كيف تنتقي أعمالك الدرامية؟

ـ حسب الضرورة، فأنا مراقب دقيق جدا للقضايا الاجتماعية بشكل يومي لا سيما ما يختص بالمجتمع العربي من نواحيه الإنسانية والاقتصادية والسياسية. وبوجه عام من خلال رصدي للظواهر التي أشاهدها والتي بإمكاني معالجتها بالشكل الصحيح. واعتبر نفسي من الأشخاص الذين لا يتناولون أي ظاهرة بمنظورها السطحي إطلاقا بل اعمل نوعا من البحث لاستيعاب خلفياتها ومسبباتها وكيفية معالجتها الى حد ما.. ومن ثم طرح حلول تقريبية لها.. وإلا لما اصبحت للفن وظيفة اجتماعية.

* من المخرجين العرب الذين تجذبك أعمالهم؟

ـ من المخرجون العرب صديقي الحميم والمخرج الكبير يوسف شاهين وصباح ابو سيف وتوفيق صالح وخيري بشارة وأجد أن أفلامهم لا تزال تحوي البعد السينمائي والعمق الثقافي.

* كيف وجدت الأداء السعودي للدراما؟

ـ تتوفر في بلد مثل السعودية الامكانيات الجيدة والتقنية إلى جانب الخبرات المتوسطة من الممثلين الرجال ولاحظت افتقارهم للعنصر النسائي كثيراً.. الأمر الذي حتم علينا الاستعانة بممثلات خليجيات لتعويض النقص من الكادر النسائي، كما حاولنا فتح المجال أمام الممثلات السعوديات لكي ينطلقن.. وشاركت معنا في الأدوار فتيات مقيمات في السعودية يعتبرن وجوهاً فنية جديدة.

* ماذا ينقص المخرج السعودي برأيك؟

ـ الأعمال السعودية لا تزال محدودة وكميتها ضئيلة رغم وجود عدد من المخرجين المبدعين.. وباعتقادي انهم سيتمكنون مستقبلا من تحقيق الأفضل إذا منحوا إمكانيات كبيرة وضخمة تساعدهم لدراسة كفاءاتهم الفنية.. فالمخرج السعودي يحتاج الى إضافة مزيد من الخبرات والتجارب التي تعينه على تطوير إنتاجه.

* بالنسبة لما تقوم به من اعمال درامية في الوقت الحاضر، هل لك أي ملاحظات بناءة على الانتاج؟

ـ المشكلة الرئيسية هي كيفية معالجة الموضوع من الناحية الدرامية، فالمعالجة تتضمن العمق في التحليل والفائدة والعبرة التي من الممكن الاستفادة منها من خلال الشاشة وتقديم المتعة الفنية للمشاهد.. وهذه العناصر اذا توفرت اتوقع ان يكون العمل الفني متكاملا ويظهر بالمستوى المطلوب.

* من هم الممثلون الذين شجعتهم وانطلقوا فنيا على يدك؟

ـ يوجد الكثير من الفنانين والفنانات الذين كانوا ولأول مرة يدخلون مجال الفن وشجعتهم وانطلقوا للتمثيل كالفنانة مادلين طبر التي أخذتها كوجه فني جديد لبطولة فيلم من إخراجي في بيروت كان بعنوان «الانفجار»، بالإضافة إلى الممثلة اللبنانية ورد الخال والممثل فادي إبراهيم ومحمد إبراهيم ومجموعة كبيرة من الذين اصبحوا أخيراً نجوما فنية معروفة، بالإضافة إلى فنانين ومخرجين من دبي والسعودية.

* ماذا يوجد في أرشيفك السينمائي من الأعمال التي تفخر بها؟

ـ أفلام «الملجأ» و«الانفجار» و«بيوت من ورق» و«المخطوف» و«مائة وجه ليوم واحد»، كما توجد مجموعة من الأفلام التي سايرت جميعها عشية الحرب اللبنانية الاهليه في بيروت سنة 75، من حيث محاكاتها للواقع الدماري وانعكاسه السلبي على الجوانب النفسية والاجتماعية.

* أخرجت مجموعة كبيرة من المسلسلات التاريخية، هل لك أن تذكرنا بأشهرها؟

ـ في السابق أخرجت ما يقارب من 32 مسلسلا تاريخيا من اضخم المسلسلات التي نفذت على المستوى العربي، منها مسلسل «الفاتحون» كأحد اضخم الإنتاجات التي بلغت تكلفته 800 ألف دولار.. الى جانب مسلسل «السهام الجارحة» كذلك «الندم» والتي اعدها من أبرز ما أخرجته وأفخر به.

* ما مفهومك للمرأة؟

ـ المرأة فكر وعطاء ولا يمكن أن يكون استمرار للحياة بدونها.. فأنا من أنصار حرية المرأة واعتبرها كيانا مكملا للرجل تماما ولا تختلف عنه حيث أنها تملك القدرات العقلية والذهنية والإنسانية ومن الضروري إزالة ما يمكن أن يعيقها من القيود الاجتماعية كي تبرز كفاءاتها وقدراتها.

* ما هي الصفات المراد توفرها في من ترغب بالالتحاق بالتمثيل؟

ـ من الضروري أن تكون الممثلة على قدر من الثقافة والوعي لا سيما من حيث موهبتها الإبداعية والفكرية ولا انظر اليها كشكل خارجي بل كمضمون.. وهناك نماذج مختلفة في الحياة بشكل عام والأهم انها تملك الهم الفني وتريد ان تظهره.. ومن خلاله تستطيع ان تعكس امام الكاميرا قضايا كثيرة، وهنا انظر اليها بعين الاحترام والتقدير فالجمال ليس كل شيء.

* هل تعتبر أن الفن في العالم العربي لم يحقق ذروته ويصل الى المستوى العالمي؟

ـ لا بالتأكيد فالاعمال التي قمت بها على الرغم من امكانياتها الانتاجية أجدها ضئيلة جداً.. فالبعض منها نال جوائز عالمية وانتشر بالتوزيع وما اقصده هنا الافلام العربية، وأعزو انقطاعي عن العمل منذ فترة للظروف الانتاجية فقط.. حيث أني ما زلت أملك الكثير من الافكار والسيناريوهات التي أستطيع تنفيذها.

* ما هو مستوى طموحك الذي تسعى لتحقيقه؟

ـ اعتبر نفسي إلى الآن أن بداياتي كانت جيدة لأنها كانت حافلة بالنجاحات والجوائز. والآن وبعيدا عن السينما أصبحت اخرج مسلسلات تلفزيونية، لذا أجد أن طموحاتي لم تأخذ حقها بعد لا سيما وضعنا في عالمنا العربي ولغاية الآن وللأسف أتمنى أن أخرج عملا سينمائيا كما احلم بأن يكون ذا مستوى عال.

* لديك ابنة وحيدة من أم المانية، هل ترحب بدخولها مجال الفن السينمائي مستقبلا؟

ـ ابنتي صغيرة وعمرها 11 سنة لكنها تملك الموهبة الفنية البارعة في الإخراج حيث كنت آخذها معي اثناء التصوير وشعرت بامتلاكها الحس السينمائي، وأعتبرها طفلة ذكية لكني لا أتدخل في ما تختاره من تخصص مستقبلا، وأعتقد أنها سوف تحقق ما لم استطع إنجازه في عالم الفن إذا رغبت به.