الغيرة من المذيعات تدفع بعض السعوديات إلى إلغاء بعض القنوات اللبنانية

الحاج متولي سيطر على أحاديث النساء في المجالس وشجع على تعدد الزوجات

TT

شاع أخيراً بين السعوديات الغاء قناتي المستقبل والـLBC اللبنانية من بيوتهن مرددات أعذارا وحججا بأن وجودهما يؤدي الى انحراف الأبناء من نواح أخلاقية كعرضها لمسلسلات مكسيكية تتنافى مع المبادئ والقيم العربية عدا عن قولهن بأن مذيعاتها وفناناتها متألقات لدرجة أن أزواجهن أصبحوا مدمني تلك القنوات أكثر من أي شيء آخر. وأظهر استقصاء قامت به «الشرق الأوسط» بين عدد من العائلات السعودية أن هناك أكثر من 50 في المائة من السيدات يلجأن الى الغاء القنوات اللبنانية المعروفة بحجة حرصهن على أخلاقيات الأبناء الصغار من النظر الى التبرج الزائد الذي تبديه المذيعات. ولكن الحقيقة والواقع ينفيان ذلك، اذ اوضح الاستقصاء ان الغيرة تدفع الزوجات الى الغاء المحطات كي يحافظن على استمرارية الحياة الزوجية. لكن الحديث عن مسلسل «الحاج متولي» سيطر أخيراً على مجالس النساء وخوفهن المتزايد من العودة الى موضة تعدد الزوجات مرة أخرى. «الشرق الاوسط» نقلت آراء زوجات سعوديات حول ظاهرة الغاء المحطتين الفضائيتين من تلفزيون المنزل، وسيرة الحاج متولي التي انتقدتها الكثيرات. وذكرت مسكة باوزير (تعمل في مجال الاعلانات) أن غيرة النساء السعوديات من مذيعات المحطات اللبنانية تدفعهن لاتخاذ قرار الغاء القناة من تلفزيون المنزل، مشيرة الى أن الرجل هو من يدفع زوجته لهذا السلوك، وقالت ان طبيعة الزوج السعودي وتربيته البيئية التي جعلتاه لا يشاهد سوى امرأته التي ربما لم يتزوجها عن قناعة تامة، عدا عن الظروف الاجتماعية التي تحتم عليها المكوث لفترة طويلة داخل البيت، وكل هذا يؤدي الى عدم اهتمامها بمظهرها بالشكل الزائد مما دفع بعدد كبير من الأزواج الى التطلع نحو متابعة القنوات اللبنانية أكثر من غيرها، الأمر الذي جعلهم أيضا يضعون وجه المقارنة بين زوجاتهم بالمذيعات اللبنانيات ويسمعها انتقادات فورية مثل «شوفي الجسم» و«يا سلام على الحلوين»، بمعنى ان الزوج طوال جلسته يقارن بين التي تعيش معه في البيت وبين المذيعات لا سيما اللبنانيات اللاتي يهتمن بأنفسهن ومظهرهن كثيراً وفوق العادة. وأضافت «لكني أعتبر أن الغاء المحطة الفضائية من المنزل ليس هو الحل الأجدى، وذلك لوجود قنوات أوروبية مشفرة تعرض الاغراء بطريقة مبتذلة وغير أخلاقية». وعن مسلسل «الحاج متولي» قالت «شجع «الحاج متولي» الكثير من الأزواج في الآونة الأخيرة على الاقبال على فكرة تعدد الزوجات»، مستشهدة بجارتها التي تزوج زوجها من امرأة أخرى بعد نهاية شهر رمضان مباشرة وأنه كان ينتظر من يدفع به قدماً الى الأمام وأن المسلسل حقق له ذلك.

من جهتها قالت هبة كلكتاوي (ادارية في مدرسة) أنها تبدي رضاها التام عن الفضائيتين اللبنانيتين، وقالت «لا بد من الاشادة بما تقدمه المحطتين من برامج اجتماعية وصحية خاصة بالمرأة وهادفة من نواح عدة». وعن الغاء تلك القنوات قالت كلكتاوي «لا أغالط بعض السيدات في رأيهن حول المحطات اللبنانية وغيرتهن منها» مشيرة الى ان ما يلفت انتباهها هو التحول التام في مظهر السعوديات وتردد عدد كبير من السيدات على زيارة الصالونات النسائية (الكوافير) في الآونة الأخيرة. وقالت حاولت المرأة أن تقلد أناقة المذيعات اللبنانيات لا سيما ما يفعلنه الكبيرات في السن للتزين أيضاً، فالشعر الأصفر الفاقع والماكياج الثقيل لا يليق بسيدة بعمر ما فوق الخمسين، وكل ذلك من أجل جذب زوجها. ومضت هبة تقول «ما تبثه الفضائيات اللبنانية من مسلسلات مكسيكية منافية لتقاليدنا وحياتنا الاجتماعية لا ينحصر فقط في المحطات اللبنانية فحسب بل هناك محطة mbc وغيرها من المحطات التي تعرض نفس المشاهد وأن المحافظة على الأبناء من متابعة ما يخالف نشأتنا الدينية ربما يستطيع البعض أن يسيطر على سلوكه ويمنعهم من استخدام التلفاز الا تحت اشرافه لكن البعض الآخر يجد بها صعوبة لذا يعمد الى الغائها وحجبها عنهم أو حتى من أجل الحد من كثرة المشاكل التي تحصل بين الزوجين فتقرر الزوجة بتر القناة أصلاً». وعن المسلسلات الكويتية أكدت كلكتاوي بأنها مسلسلات اجتماعية واقعية مأخوذة قصصها من الحياة الخليجية كونها تعالج مشكلات اجتماعية أو ظواهر منتشرة كلعب القمار والفساد وقضية الزواج من الخادمات وتعرض البعض لمرض الايدز وهو من الاحتمالات الواردة من الزواج من أجنبية أو خادمة على وجه الخصوص. وعن المسلسل المصري «الحاج متولي» فهي تقول «من متابعتي للحاج متولي لم اخرج بفائدة تذكر لأن المسلسل احتوى على المبالغة رغم نجاح العمل وتفوقه لكن الناس في مجتمعنا يريدون ان يطبقوا ما يرونه وهذا يعود الى جهل بعض الطبقات الموجودة لدينا وأن ما ساعد «الحاج متولي» على التوفيق بين زوجاته هو مقدرته المادية التي وفرت لهن كل ما تحتاجه تلك الزوجات وعدله الواضح بينهن. وتعتبر سلوى رضوان سيدة الأعمال أن التربية الأسرية للأبناء هي في الدرجة الأولى لخلق جيل واع ومهذب. وأضافت: نحن من العائلات التي تسافر الى الخارج دوما فأبنائي يرون كل ما يعرضه التلفاز من مشاهد سواء في القنوات اللبنانية أم غيرها من المحطات العربية، فلماذا أحرم زوجي وأطفالي وامنعهم ما دمت أني سأسافر بهم الى الخارج وسيرون المرأة هناك بحليها وزينتها بل انها ستكون على مقربة منهم، مشددة في حديثها على ضرورة غرس المفاهيم الصحيحة في الابناء وعدم وضع اللوم على القنوات العربية بل لا بد من مواجهة أنفسنا قبل كل شيء، موضحة «لا يمكننا أن نعيب المحطات اللبنانية بينما تعرض المحطات الأخرى نفس المشاهد والمسلسلات الغربية والأفلام. وعن مسلسل «الحاج متولي» أشارت الى أن تأليف النص كان نابعا من حلم المؤلف وان الواقع لا يتقبل وجود انسان غريب مثل شخصية متولي مستدلة بقول نور الشريف «أنا لا اتمنى لابنتي ان تتزوج من رجل متعدد الزوجات»، مضيفة أن الزوج لا يستطيع ان يوفر متطلبات زوجاته الا اذا كان مقتدراً وبدرجة كبيرة. من جانبها أثنت خديجة لبني سيدة الاعمال (جدة) على ما تقدمه القنوات اللبنانية من برامج هادفة وقيمة وذات مستوى يشاد به، معتبرة أن الغاء الفضائيات اللبنانية من البيوت تزمت شديد. وقالت ان هذه المحطات هي افضل من الأفلام الأمريكية في القنوات المفتوحة وما يميزها فقط هو الرقص لكننا لا ننسى ما تبثه من برامج مميزة وهامة مثل «سيرة وانفتحت» و«خليك بالبيت» و«حوار العمر»، وغيرها الكثير من البرامج الهادفة وذات المستوى القيم. وتساءلت «لماذا تنظر النساء في بلدنا الى شيء واحد ويتناسين أشياء أخرى؟ لا يمكننا أن نعيب محطة بأكملها من اجل برنامج واحد. فبرامج المحطات اللبنانية اجتماعية وهادفة». واستدركت تقول «علينا أخذ الحرص من القنوات الأجنبية مثل التركية والايطالية والألمانية والفرنسية وهي التي لا بد من حجبها عن المنزل لاحتوائها على ما يخل بالأخلاق. كما أثنت على المجهود المبذول في مسلسل «الحاج متولي»، مشيرة الى أن الكثير من الزوجات لا يرفضن زوجا مثل «الحاج متولي» لانه منصف ويخبرهن قبل زواجه بأنه متزوج من غيرهن ولا يفاجئن عدا عن مساواته بينهن». وقالت «ما شد انتباهي هو براعة تمثيل نور الشريف، وما أوضحته خلاصة الفكرة في الموضوع أن الرجل يريد امرأة واحدة تجتمع فيها خصال زوجات الحاج متولي». وعبر الزوج سلطان محمد موظف (36 عاما) عن ارتياحه لما تبثه القنوات الفضائية عامة وقال ان زوجته لا تمانع في مشاهدة القنوات اللبنانية، واعتبر أناقة المذيعة اللبنانية نابعة من طبيعة حضارتها وأنه لا يحق لنا أن نحكم عليها بما تفرضه علينا عاداتنا وتقاليدنا، موضحا أن الشعب اللبناني مجموعة من الطوائف الدينية والأجناس المتقاربة وما تعرضه القنوات اليوم هو ليس وليد وجود الفضائيات بل كان منذ أن بثت على أرضهم قبل سنوات طويلة. وسلط الضوء في حديثه على مشاهد الفيديو كليب الخاصة يالأغاني والذي يوزع على جميع الفضائيات المجاورة والمنافي أيضا «لقواعدنا ونشأتنا» وقال «هو أكثر ابتذالا وسخرية وإن لبس المذيعة اللبنانية يعد أفضل بكثير أثناء تقديمها للبرنامج وهي في غاية الاحترام والتهذيب. وإن فئة عمرية هي من تعارض وجود تلك القنوات في منزلها كونهن امضين مرحلة من حياتهن، ولا يستطعن أن يعدن أنفسهن الى الوراء، بينما الشابات وفتيات العشرين يتتبعن القنوات وبشغف» وقال «يعود الفضل للقنوات اللبنانية في نقل المرأة الخليجية من ناحية المظهر الخارجي وتغيرها الأخير لمواكبتهن للموضة وهو ما نفخر به كونهن عربيات ويظهرن بشكل لائق». وأشار الى أن هناك عددا كبيرا من العائلات التي وصل بها الحد الى توجيه سفرها الى أي بلد عربي عدا لبنان، مؤكدا أن ذلك التصرف كشف عن الكثير من السلبيات التي يتصف بها البعض من السيدات وأهمها عدم ثقتها بذاتها. وعلى الصعيد نفسه أكد صالح بدرة، أستاذ محاضر للغة الانجليزية في جامعة الملك عبد العزيز ومستشار رئيس تحرير صحيفة «سعودي جازيت» وصاحب مواقع arabesque-sb المتعلق بالثقافة العربية. بقوله «ان السبب وراء ميل البعض من النساء الى الغاء القنوات باعتبارها في منظورهن الشخصي لا تتناسب مع تربية النشء لان اللبنانية متحررة أكثر من غيرها، ونحن كعائلة سعودية لا نعمد الى الغاء القناة العربية أيا كان بلدها ولكن علينا كآباء توجيه أبنائنا وتلقينهم المبادئ الصحيحة لا سيما أننا نعيش في عالم منفتح الأبواب، بيد أن المنع يغاير التوجيه السليم وعلينا أن نطلق لهم الحرية المعقولة ونوضح لهم الأمور من واقع تجاربنا». واضاف بدرة تواجه المحطات العربية في الوقت الحاضر تحديات جديدة وخاصة مع صورة الانسان العربي وما تعكسه من نواح فكرية وثقافية. وشدد ان على مسؤولي تلك القنوات بأن يضعوا ذلك في الاعتبار وأن يظهروا الصورة الراقية عن مجتمعاتنا وان نستخدمها لابراز ثقافتنا وتراثنا الغني لأن قنواتهم أصبحت منتشرة عالميا.