«أحلام المنفى» وثيقة حول معاناة المرأة الفلسطينية

المخرجة مي المصري: الفيلم حصد الجائزة الذهبية في مصر وفكرته لم تكن فكرة عابرة بل هي واقع معيشي ومرير

TT

تنفرد المخرجة السينمائية الفلسطينية مي المصري بخصوصية اندهاش التجربة في اطار الواقع وبلورة مفهوم منجزها المتألق في عالم السينما الوثائقية وخلق نوافذ جديدة للابداع الانساني والوطن وتوظيف الملامح والاشكال والبعد الاخر في المضمون للارتقاء باسلوب السينما العربية ولتأخذ المرأة مكانة مرموقة في العملية الاخراجية التي ظل الرجل يحتكرها لسنوات بعيدة.

ومي المصري سينمائية فلسطينية حائزة على دبلوم في الاخراج والتصوير من جامعة سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الاميركة عام 1981 اخرجت عددا من الافلام الوثائقية التي نالت العديد من الجوائز العالمية وعرضت في اكثر من مئة محطة تلفزيونية في العالم .. اسست مع زوجها السينمائي جان خليل شمعون شركتي ميديا للتلفزيون والسينما ونور للانتاج.. من افلامها : اطفال شاتيلا، حنان عشراوي، امرأة في زمن التحدي، اطفال جبل النار، احلام معلقة ، بيروت جبل الحرب، زهرة القندول وتحت الانقاذ.

ويشكل فيلمها الاخير «احلام المنفى» الذي عرض اخيرا لاول مرة في العاصمة الاردنية عمان باستضافتها الفيلم ضمن تجربة جديدة لدارة الفنون التابعة لمؤسسة عبد الحميد شومان سردا روائيا مهما على صعيد استلهام ـ المكان ـ والحوار المزدحم بالقلق والهواجس والعتمة واطلالة موكب شموع حول مسار «الوثائقية» من رؤية الى رؤى «الرواية» بقدرة اخراجية متميزة وخلق علاقة فريدة بين بطلات الفيلم «منى .. ومنار» واحدة في مخيم شاتيلا في بيروت .. والاخرى في مخيم «الدهيشة» في بيت لحم بفلسطين ومشاهد لقاءات متكررة على جانب الشريط الشائك الفاصل بين جنوب لبنان المحرر وشمال فلسطين المحتلة.

ولاهمية احلام المنفى وثائقيا وسياسيا الذي اثار تساؤلات كثيرة التقت «الشرق الاوسط» بعمان المخرجة السينمائية الفلسطينية مي المصري وكان هذا الحوار:

* كيف جاءت فكرة احلام المنفى وكيف تبلور هذا السرد الروائي في الوثيقة؟

ـ لم تكن فكرة عابرة او مجرد خلق نص ابداعي بل هي واقع معيش ومرير استلهمته من خلال معايشة ميدانية والبحث في مداخلات واشتباكات نفسية عنيفة كانت محصلتها هذه الاحلام المنفية ووجدت نفسي داخل لغة مكتوبة كأنها رواية بسردها ومفرداتها وشخوصها وهي اساسا وثيقة انسانية تستحق الاهتمام والتوثيق .. وقد تمكنت عبر 45 دقيقة مدة الفيلم ان اعطي للشخوص حيوية نابضة بالدهشة والارتباك في حدود الواقع.. واقع المنفى وعذاباته والمعاناة والم الانسان الحقيقي.

* ولماذا اخترت عذابات المرأة واحلام منفاها ؟

ـ المرأة اكثر خصوبة واحساسا مرهفا في لحظات اللوعة تكشف بسرعة لواعجها ، ارهاصاتها ولكوني امرأة تعاملت مع النموذجين منى ومنار وتواصلت معهن بعواطفي وعواطفهن وكان بحق جهدا مثابرا لان مكابدة المرأة ولغة معاناتها تتحول في الكثير من الحالات الى مخاض عسير وصعب وبالتالي فإن احلام المرأة لا تفارقها تلتصق بذاكرتها وروحها وذاتها.

* ومن الناحية الاخراجية ؟

ـ كما رأيت لم ابتعد عن رومانسية المرأة حتى في لحظات منفاها، رسمت صورا درامية هادئة وسط التوتر والغضب والصخب وربطت بمشاهد روائية سردية في الحوار ونظم وتقاليد السينما اقتربت من الوثيقة كثيرا بروحية الذات البشرية والسير والرغبة في تكوين اجيال وازمنة ومكان لسفر الاحلام بلغة سينمائية وثائقية تسجيلية جديدة.

* في الفيلم وظائف رمزية تعطي لحلم المنفى معنى اخر كيف تفسرين ذلك ؟

ـ في الفيلم مداخلات كثيرة في مقدمتها الغرابة والاندهاش وصعوبة مثل هذه اللقاءات والحلم المفتوح المباشر على عوالم الطفولة والصبا وتفاصيل واقع المخيمات التي تشكل اضطرابا داخليا لمساحات نضالية والالتفات لبذار التحرير برموز ايحائية جمالية وسط اشتباكات روحية مقدسة واستثمار الطيور نماذج ورموزا والمرأة الارض المعطاء وبرموز العناق، الدموع الفرح والمحبة واسقاط حدود المنفى والتأويل بجمرة المكاشفة وعودة الطيور المهاجرة صوب اليقين بلغة التراب والاقتراب من الزمن الاتي ـ الحلم ـ باتجاه الوطن وقلب زاخر بالوجود الفلسطيني.

وماذا بعد ؟

ـ الفيلم تزامن تصويره مع تحرير جنوب لبنان وبداية الانتفاضة في فلسطين.. وحاز على الجائزة الذهبية في مهرجان الاسماعيلية الدولي وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان في بيروت السينمائي اواخر عام 2001 وجائزتين من اليابان وجائزة افضل فيلم عربي من جمعية السينمائيين التسجيلان في مصر وجائزة افضل فيلم تسجيلي من جمعية نقاد السينما المصرية.

=