السؤال الذي يجب ان تطرحه فضائياتنا في هذه المرحلة هو: لماذا تنحصر ردة فعل الشارع العربي حيال ما يحدث في فلسطين، على المظاهرات والجعجعة؟ ما الذي يحول بين الشارع العربي وتحويل مشاعره المتوقدة تجاه الفلسطينيين الى فعل ملموس مهما كانت بسلطة هذا الفعل؟ هذا السؤال يجب طرحه الآن، والفضائيات العربية ووسائل الاعلام عموما هي الجهة التي يمكن ان تطرح هذا السؤال وتساهم في الاجابة عليه، بدلا من لجوئها الى الخيار الأسهل.. وهو فتح باب التنظير امام كل الراغبين في ممارسة هذا الدور سواء كانوا من المشاهدين ام من المحللين أم من المشتغلين بالشأن العام.
في رأيي أن العقلية العربية التي ما زالت وفية للمنهج الشعاراتي هي واحدة من الأسباب، لكن يبقى السبب الأهم من وجهة نظري هو في غياب مفهوم المجتمع المدني، وبالتالي في غياب المؤسسات والقنوات التي تسمح للمواطن بالمشاركة في الحياة العامة، أو تجريدها من فاعليتها في حال وجودها. وأعتقد أن تحميل الأنظمة وحدها مسؤولية هذا الوضع، فيه مجاملة كبيرة للمجتمعات العربية التي لم تتنبه حتى الآن الى ان المشكلة الرئيسية في المنطقة تكمن في استمرارية هذا الوضع وليس في الأحداث التي تجري على الأراضي المحتلة رغم بشاعتها ووحشيتها.
اتجاه بعض الفضائيات نحو تحميل المسؤولية للحكومات وحدها، هو ضرب من التخدير للشارع العربي.