ثورة 25 يناير تبحث عن عمل فني يجسدها

الفنانون رفعوا شعار «لا وقت للأعمال الفنية.. الثورة ما زالت مستمرة»

TT

لا تزال ثورة 25 يناير المصرية تبحث عن عمل فني كبير يجسدها، بعيدا عن الأفلام الوثائقية الخفيفة التي صاحبت الثورة منذ أيامها الأولى، حيث يرى الكثير من المؤلفين والمخرجين أن ثورة 25 يناير لم تكتمل أركانها بعد مضي عامين عليها، وهو ما أدى إلى عزوف معظم القائمين على صناعة السينما عن المشاركة في إنتاج عمل يبرز الثورة بكل جوانبها السلبية والإيجابية. كما أكد الفنانون أن الفن يقف حائرا في تصنيف الثورة ومحاولة تجسيدها من خلال عمل درامي متكامل، مبررين ذلك بأن المشهد النهائي للثورة لم يتضح بعد، وأنها لا تزال تراوح أهدافها على أرض الواقع، وربما لذلك رفع الكثير من الفنانين شعار «لا وقت للأعمال الفنية.. الثورة ما زالت مستمرة».

المؤلف الدكتور مدحت العدل أكد أنه «لا يمكن أن نطالب السينما الآن بأن تعبر عن حدث عظيم وذي قيمة كبيرة مثل هذا الحدث، لأن الثورة لم يكتمل حتى وقتنا هذا، فهي ستظل مستمرة حتى تحقق أهدافها، ونحن لم نصل إلى نهايتها بعد، رغم أن الشعب يعيش منذ قيامها بتأثيرات سلبية، ناهيك بأنه وسط هذه الظروف فإن عجلة الإنتاج السينمائي متوقفة ولا تحقق أي ربح مادي».

وأضاف العدل أن أي عمل فني عن ثورة يناير يحتاج إلى دقة ورؤية وبحث كثير في مسببات الثورة وأسرارها التي لم تظهر بعد، ويرى العدل أنه لا يستطيع أحد أن يضع قيمة زمنية محددة لعمل فني عن الثورة، لافتا إلى أنه في التاريخ يوجد أحداث كثيرة لم ينتج عنها أعمال فنية إلا بعد وقت طويل من حدوثها كالحرب العالمية وغيرها.

واتفق مع العدل الفنان عادل إمام الذي يرى أن ثورة يناير ما زالت في مراحلها الأولى ولم تكتمل حتى تنتج أعمالا تليق بها وتناسب الحدث العظيم الذي قام به الشباب. وأكد الزعيم أنه عندما تظهر ملامحها سيكون لها الكثير من الأعمال الفنية ويصل إليها الفن دون تحديد وقت زمني معين.

وتابع إمام قائلا: «هناك فرق بين ثورة 52 و25 يناير، الأولى كان الشعب وراءه زعيم، أما الثانية فالشعب وراءه الشعب». وأكمل أنه لديه رصيدا من الأعمال الفنية التي تشير إلى فساد يشبه الذي نعيش فيه الآن، وتمنى إمام أن يقوم بعمل يتحدث عن ثورة يناير، ولفت أيضا إلى تأخر تصوير عمله الدرامي القادم بسبب ما يحدث الآن.

لكن المخرج يسري نصر الله لديه وجهة نظر مختلفة، حيث يرى أن فيلم «18 يوم» عبر عن ثورة يناير بشكل كبير، وأيضا فيلم «بعد الموقعة» تحدث عن جوانب كثيرة منها، وأضاف نصر الله أن إنتاج عمل كفيلمي «رد قلبي» و«شروق وغروب» بعد ثورة 52 يحتاج إلى وقت طويل، كما أشار إلى أن الثورة ما زالت مستمرة.

أما الناقدة ماجدة خير الله التي رفضت تعبير نصر الله حول أن فيلمي «18 يوم» و«بعد الموقعة» يعبران عن الثورة، فقالت: «فيلم (18 يوم) عكس خلفية عن بداية الثورة، أما فيلم (بعد الموقعة) فظهر مرتبكا ودون وجهة نظر تجاه موقعة الجمل التي راح بسببها الكثير من الشهداء يوم 28 يناير، ولم ينَل إعجاب الجمهور في المهرجانات.. هذه الأعمال حاولت التعبير عن الثورة، وغيرها من الأعمال غلب عليها الواقع التسجيلي».

وأوضحت خير الله أن إنتاج عمل عن ثورة 25 يناير ليس ملحا بالضرورة، فهي لم تنتهِ بعد ولم تحقق أهدافها، فالأحداث الضخمة لا تحتاج إلى عمل فني بسرعة. قد مر عامان على الثورة، في حين أن الثورة الفرنسية مر عليها سنوات كثيرة وينتج عنها أعمال فنية حتى الآن. وأشارت خير الله إلى أن الثورة لن تظهر في الأعمال الفنية بسهولة وبسرعة، لأنه إذا خرج الإبداع بسهولة وبسرعة فلن يعبر عن الثورة تعبيرا حقيقيا، يجب أن تنضج الثورة أولا حتى يستطيع الفن التعبير، فالثورة بدأت ولكن يجب أن تكمل مهامها أولا ثم يبدأ الفن في الإبداع، كما أن الأحداث الكبيرة ما زالت تحتاج إلى مساحة من الوقت والتأمل، فالعمل الفني يختلف عن نقل الإعلام المرئي وغير المرئي للحدث. واعتبرت خير الله الثورة كمباراة كرة قدم التي انتهى الشوط الأول منها، والشوط الثاني سيبدأ في الذكرى الثانية، «كل ما نستطيع أن نفعله الآن هو توثيق وتأريخ وحصر لما حدث فقط».