باسل الخطيب: عدلنا سيناريو «حدث في دمشق» لاستحالة تصوير العمل في حلب خلال الوقت الراهن

المخرج الفلسطيني قال لـ «الشرق الأوسط»: نعيش أجواء أكثر غرابة من الخيال الفني

TT

تدور كاميرا المخرج الفلسطيني السوري باسل الخطيب في شهر مارس (آذار) المقبل للبدء في تصوير عمله التلفزيوني الرمضاني الجديد الذي يحمل عنوان «حدث في دمشق» المأخوذ عن رواية بعنوان «وداد من حلب» للكاتب قحطان مهنا وسيناريو العمل للكاتب عدنان العودة، حيث يشارك فيه عدد من نجوم الدراما السورية. المخرج الخطيب تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن عمله التلفزيوني الجديد وعن بعض القضايا الفنية الأخرى قائلا: «التحضيرات الأولية للمسلسل الجديد بدأت وتجري بعض التعديلات على السيناريو، ليتناسب مع تغيير بيئة المسلسل من حلبية، إلى شامية، وهذا التغيير مرتبط أساسا باستحالة التصوير في حلب في الوقت الراهن ولأن تصويره ضمن المناخ الدمشقي سوف يعطيه بعدا أشمل وأعمق.. علما بأن هذا المسلسل لا يندرج في إطار أعمال البيئة المتعارف عليها.. دمشق خلفية للأحداث، لكن المضمون يتناول بلاد الشام بمفهومها الواسع.. كما نقوم باستطلاع مواقع التصوير واختيار الممثلين، وقد تم الاتفاق مع الفنانة سلاف فواخرجي لتلعب الدور الرئيسي في المسلسل، حيث تدور أحداثه بشكل رئيسي في دمشق وبعضها الآخر في الولايات المتحدة الأميركية، في الفترة الممتدة، من 1947 إلى 2011».

وعن تجربته مع الدراما المصرية وغيرها، قال الخطيب: «قدمت للدراما المصرية مسلسلين أعتز بهما.. (ناصر) وهو يحاكي سيرة الزعيم جمال عبد الناصر، و(أدهم الشرقاوي) حكاية البطل الشعبي المعروف.. العمل في مصر له آفاق مختلفة، والدراما المصرية رائدة في الوطن العربي، ويسعدني دائما أن أتعاون مع زملائي في مصر في حال توفرت الشروط المناسبة.. ويسعدني أيضا التعاون مع زملائي في أي مكان بالوطن العربي، وقد انتهيت مؤخرا من مسلسل كويتي بعنوان (حبيبة).. التجربة مع الدراما الخليجية لها أيضا مذاق خاص».

وعن رأيه في تجارب السوريين من مخرجين وممثلين مع الدراما المصرية، يقول باسل: «ثمة تجارب نجحت وأخرى أخفقت.. المهم هي حركة التفاعل والتواصل».

ومن المعروف أن باسل الخطيب أخرج العديد من أهم الأعمال التاريخية التي تنتمي للتاريخ البعيد والقريب والتي أثارت جدلا في الأوساط الثقافية، خاصة أن التاريخ تعرض لكثير من التزوير والتزييف، ولكن كيف قدم باسل هذه الأعمال لتكون قريبة من الحقيقة؟! يتنهد باسل: «التاريخ حالة إشكالية، يوجد كثير من التأويلات المختلفة لحقائق واحدة.. ولا يوجد أي عمل تاريخي حوله إجماع مطلق.. هناك اختلاف دائم بوجهات النظر يتبع مواقف محددة.. الأمانة التاريخية مسألة نسبية، وصناع أي عمل يقدمونه من وجهة نظرهم وانطلاقا من رسالة يريدون توجيهها. كذلك الأمر بالنسبة لمسلسلات السير الذاتية، وكنت أحرص على نزع عباءة القدسية عن الشخصيات التي نتناولها، وتقديمها من خلال بعدها الإنساني وتفاعلها مع الزمن الذي تعيش فيه».

وحول أعماله الاجتماعية المعاصرة التي يرى فيها بعض النقاد والمتابعين أنها تميل للخيال قليلا رغم واقعية أحداثها، يقول الخطيب: «الخيال عنصر حيوي في أي عمل فني.. ثم إن حياتنا والواقع الذي نعيشه اليوم أكثر غرابة من أي خيال فني.. في أعمالي المعاصرة أحاول التقاط اللحظة الحقيقية الغرائبية؛ لكن الواقعية تماما، وهذا من أبرز سمات الفن والأدب المعاصرين».

ويرى باسل أن خصوصية تجربته مخرجا وعلاقته مع الكادر التمثيلي والفني في العمل هي التي تساهم في نجاح أو فشل العمل، ويوضح: «يقوم العمل الفني على تضافر جهود كل العاملين فيه.. الممثل بالنسبة لي هو الأهم، لأنه من خلاله يتم توصيل كل شيء.. الأفكار والمشاعر.. من هنا أُولي العمل مع الممثل أهمية رئيسية وأكرس معه علاقة على المستويين المهني والشخصي تجعله أكثر حرية وراحة في ظروف العمل الشاقة.. لكل مخرج أسلوب عمل يحدد طبيعته بنفسه، ويعكسها في أعماله، لذا تتكون هذه البصمة الخاصة بالمخرج، أو ذاك، هذا الأسلوب موجود وثابت، وقد تطرأ عليه بعض التغيرات، لأن كل موضوع له مفتاحه الخاص للتعامل معه، وبالتالي، فإن أسلوب المخرج، في الوقت الذي يكون ثابتا، من الضروري أن يكون مرنا ومرتبطا بالبحث والاجتهاد والتطور، وإلا ستراوح التجربة في مكانها».

للسينما نصيب كبير في أعمال الخطيب، حيث أخرج نحو 16 فيلما سينمائيا خلال مراحل تجربته الفنية، وحول الجديد لديه في مجال السينما، يوضح باسل: «الجديد هنا فيلم (مريم).. وهو يحكي مصير ثلاث نساء في زمن الحرب.. كيف يواجهن الأمر دون أن يفقدن ما منحتهن الحياة من القدرة على الحب والتضحية وحرية القرار. الفيلم جاهز للعرض وسوف يتم إطلاقه قريبا».

وكيف يمكن لباسل أن يتحدى صعوبات العمل وبنشاط واسع في مجالين متعبين (السينما والتلفزيون)، يبتسم باسل: «التحديات موجودة دائما.. المهم المبدأ الذي يتعامل الإنسان به مع عمله.. أنا أحب ما أقوم به، ولا أستطيع أن أقوم بأي عمل سواه. دائما أتعامل مع أية تجربة على أنها الأولى والأخيرة، وبالتالي، فهي تتطلب أقصى حالات التركيز والاهتمام، وعندما تنتهي، فإنها تصبح من الماضي».