هاني سلامة: لست قلقا من «الداعية».. وبعد الثورة اكتشفنا أننا لا نعرف بعضنا بعضا

قال لـ «الشرق الأوسط»: أنا آخر أبناء جيلي في عالم الدراما التلفزيونية

هاني سلامة
TT

يخوض الفنان المصري هاني سلامة أولى تجاربه في الدراما التلفزيونية بعنوان «الداعية»، التي يطل بها على جمهوره خلال شهر رمضان المقبل. حيث يجسد خلال العمل شخصية «يوسف» الداعية الشاب صاحب الآراء المتشددة، الذي يتعرض لأحداث كثيرة في حياته تجعله يتراجع عن هذا الفكر إلى الرؤية المعتدلة، فيكون له آفاق مختلفة في التعامل مع من حوله.

يوضح سلامة في حواره مع «الشرق الأوسط» أن إيمانه الشديد بالفكرة هو الذي شجعه على خوض التجربة الأولى له في الدراما التلفزيونية بهذا الموضوع الشائك، ولكنه يؤكد أنه ليس قلقا، لأن العمل به توعية للمجتمع مما يجعله يقدم رسالته كفنان في هذا الوقت الذي تمر فيه مصر بأحداث مضطربة.

ويبين أنه في إطار استعداده لتقديم الشخصية جلس مع الكثير من المشايخ وشاهد الكثير من البرامج لبعض الدعاة على القنوات الفضائية.

وينفي سلامة خلال الحوار أن يكون هناك تشابه بين شخصية «الداعية» والشخصية التي يقدمها في فيلمه الجديد «الراهب»، كما يتحدث عن تعاونه الأول مع المخرج محمد العدل. وهذا نص الحوار:

* ماذا عن تفاصيل العمل الدرامي «الداعية» الذي تقوم بتصويره الآن؟

- «الداعية» عمل اجتماعي يتناول المشكلات المختلفة التي تعاني منها مصر، خصوصا مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير، ويتطرق بشكل أساسي إلى مفهوم الحب، ليس بمعناه العاطفي ولكن بمفهومه الأشمل لحالات الحب، فكل شخصية في العمل تظهر شكلا من أشكال هذا الحب سواء الحب الأخوي أو العائلي أو حب الوطن. والعمل تشاركني البطولة فيه الفنانة بسمة، وهو من تأليف مدحت العدل وإخراج المخرج الشاب محمد جمال العدل وإنتاج المنتج جمال العدل.

* وما شكل الحب من وجهة نظر شخصية الداعية التي تجسدها في المسلسل؟

- أجسد شخصية «يوسف»، وهو داعية متشدد، والحب يجعله يختلف في نقاط كثيرة ويجعل له آفاقا مختلفة في التعامل مع البشر، فهذا الشخص كان لا يعرف شيئا عن مفهوم الحب، لكنه عندما يحب تتغير حياته وكل علاقاته بمن حوله سواء علاقاته بأصدقائه أو بأهله حتى في شكل الدعوة التي يقدمها للناس، حيث يقدم في ما بعد الدين المعتدل الذي نعتاد عليه بعيدا عن التشدد، فنرى كيف يغير فيه الحب الذي يكون مفتاحا لكل شخص ناجح.

* معنى ذلك أن الرسالة الواضحة في العمل هي التحدث عن «مفهوم الحب»؟

- يوجد رسائل كثيرة في المسلسل، ولكن الرسالة الأكثر عمقا هي الدعوة إلى الحب في كل حياتنا، فالحب هو الحقيقة الوحيدة التي لا يستطيع الإنسان أن يتحكم فيها، فهو العضلة الوحيدة التي لا يمكن أن يديرها الشخص أو يوجهها، إنه العضلة التي تتحكم في الإنسان، وهو ما نحتاج إليه في هذا الوقت، خصوصا بعد الثورة التي اكتشفنا فيها أننا لا يعرف بعضنا بعضا، ولكن يجمعنا شيء واحد وهو حالة من ضمن حالات الحب وهو «حب الوطن»، لنصل في النهاية إلى أن الحب يلعب دورا كبيرا في حياتنا التي نعيش فيها، فالحب يشمل الرحمة والوصول إلى الاعتدال في كل شيء.

* لماذا اخترت أن تكون بدايتك التلفزيونية من خلال هذا العمل؟

- أنا آخر أبناء جيلي دخولا إلى عالم الدراما، وكنت مترددا في خوضه رغم أنه خلال السنوات الماضية عرض علي الكثير من الأفكار، لكن إيماني الشديد بالفكرة هو الذي شجعني على خوض التجربة الأولى في الدراما التلفزيونية بهذا الموضوع، وأرى أن هذا العمل يجعلني أؤدي دوري كفنان في هذا الوقت العصيب، بمعنى أن «الداعية» فيه قسط كبير من التوعية للمجتمع المصري، لأنني مؤمن بأن كل شخص لا بد أن يؤدي دوره من خلال مجال عمله، بجانب أنني لا أرى أن الفن يلعب الدور النهضوي في البلد الآن، وآخر نهضة قدمها الفن بعيدا عن الثقافة كانت في فترة جمال عبد الناصر أيام نكسة 67.

* ماذا تقصد بأن الفن لا يقوم بدوره النهضوي الآن؟

- أعني أن الفن في عصر الرئيسين السادات ومبارك كان يؤدي دوره الثقافي فقط، وليس له أي دور نهضوي، وكان يحدث ذلك بسبب أنه كان هناك نوع من الاستقرار، لكني أرى أن الفن لا بد أن يعود مره أخرى ويلعب دوره النهضوي والتنويري، فأكثر شيئين يؤثران على عقل المشاهد في الفترة الحالية هما الإعلام بصورته التنويرية والفن بدوره التاريخي، ولذلك أقبلت على تقديم عمل بقيمة «الداعية» الذي سيتحدث عنه التاريخ، لذا أدعو الجميع أن ينتظروا حتى يشاهدوه دون الحكم عليه من خلال السمع فقط.

* ولماذا اخترت أن تؤدي دورك كفنان من خلال شخصية داعية وليس كناشط سياسي مثلا؟

- الدعاة أصبحوا كثيرين على خلاف الماضي، يظهرون علينا ويقومون بإصدار فتاوى تكفر ناسا وتمجد ناسا آخرين، ويتحدثون في أشياء كثيرة باسم الدين، لكنهم لا يعرفون أنهم يتحدثون عن أسمى مهمة في الحياة وهي الدعوة والهداية إلى الدين المعتدل. فعليهم أن يقولوا الرسالة وعلينا الاستقبال والاقتناع، لكنهم الآن ينصبون أنفسهم آلهة يحكمون على أي شخص ويصدرون الفتاوى، رغم أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكفر أحدا على الرغم من أنه واجه من لا يقتنع به، فلا بد أن يكون الرجل الداعية في هذه الفترة على معرفة وقدر كبير من الوعي.

* معنى ذلك أن «الداعية» سيعمل على تغيير فكرتنا عن الذي نراه الآن؟

- بالطبع، فهذا الشخص تركيبة من كل ما نراه الآن من شخصيات تظهر علينا، فهو يظهر متشددا، وبعد ذلك تحدث له تطورات في الشخصية ويبدأ يراجع نفسه ويعتذر عن تفكيره، ونصل في النهاية إلى الدين المعتدل الصحيح.

* من وجهة نظرك، ما الذي أساء إلى مهنة الداعية؟

- المشكلة الأساسية هي الدعوة المستمرة بخلط الدين بالسياسة، رغم أن الدين شيء روحاني ورباني وكله حقائق، والسياسة لعبة تقوم على المصالح فقط، ودخول الدين مع السياسة هو الذي جعلنا نصل إلى هذه المرحلة.

* كيف استعددت فنيا لهذه الشخصية؟ وهل ذهبت إلى الأزهر؟

- جلست مع الكثير من المشايخ، وشاهدت الكثير من البرامج لبعض الدعاة على القنوات الفضائية، لكن العمل لا يتطرق إلى شيخ بعينه أو يتحدث عن نموذج محدد، بل يتحدث عن نماذج متعددة في المجتمع بشكل عام. كما أنني لم أحتَج إلى أن أذهب إلى الأزهر، فأنا مؤمن بقيمه ما أقدمه، وفي اعتقادي أنني أساعد الأزهر من خلال هذا العمل لأنه ليس مع التخاريف التي تظهر علينا كل يوم.

* لكنك بهذا العمل تدخل منطقة شائكة بالنسبة للتيار الحاكم.

- أعلم أنني أدخل «عش الدبابير» وأعي ذلك جيدا، ولكني لست قلقا، فهذا العمل يجعلني أقدم رسالتي كفنان، التي كنت أبحث عنها في الأيام الماضية، فالثورة جعلت تفكيرنا مختلفا ويصل إلى مرحلة النضج.

* هل معنى ذلك أن أدوارك القادمة ستختلف؟

- في المرحلة السابقة قدمت الأدوار التي تناسب المرحلة التي كنا نعيش فيها، ولكن الآن الموضوع مختلف، لكن ليس ذلك معناه أنني نادم على دور قدمته.

* ألم تقلق من التعاون مع المخرج محمد جمال في أولى تجاربه الإخراجية؟

- لم أقلق إطلاقا، فمحمد جمال العدل فاجأني بأن لديه رؤية إخراجية متميزة، فهو يهتم بالفنان وليس «الكادر» كما يفعل البعض، وبخبرتي أستطيع أن أميز كفاءة المخرج جيدا. وأتمنى أن أتعاون معه في أعمال قادمة، فهو لديه وعي وفهم.

* ماذا عن فيلمك الجديد «الراهب» الذي قمت بتصوير بعض مشاهده؟

- قمنا بتصوير أسبوع واحد وتوقفنا نظرا لدخولي مسلسل «الداعية»، وأنا سعيد أنني أجسد دور الراهب لأن الكثيرين لا يعلمون شيئا عن الرهبنة، على الرغم من أننا الدولة الأولى التي قدمت أول راهب وهو «الأنبا أنطونيو»، وأنا أقوم بدور شخص يطلب الرهبنة ونتطرق إلى الخطوات التي يقوم بها لكي يصل إلى ذلك.

* هل هناك تشابه بين شخصية «الراهب» و«الداعية»؟

- كلاهما مختلف عن الآخر، وقد تطلبت شخصية الراهب مني الذهاب إلى أديرة لتعلم طقوس الرهبانية، واكتشفت أننا لا نعرف الكثير عنهم، أما الداعية فأنا أعرف عنهم الكثير من خلال ما نراه أمامنا كل يوم.