ماذا تعني عبارة «الممثل القدير»؟

محمد رضا

TT

متى يصل الممثل إلى درجة الإبداع الكامل؟.

نظر بعيدا كما لو كان يلحظ حركة جانبية ثم فكر للحظات قبل أن يقول: «عندما يدرك أنه وصل إلى سقفه وليس بإمكانه بلوغ أكثر من ذلك».

* ماذا لو أن سقف إبداعه منخفض؟

- إذن هو ليس ممثلا جيدا في الأساس.

اعتبرت الجواب في البداية غير كاف، لكني لست من النوع الذي يلح على ضيفه، وانتقلت إلى موضوع آخر يخص الفيلم الذي جلسنا نتحدث فيه حينها وكان «ذا وولفمان» الذي تم إنتاجه سنة 2010. لكن العبارة عادت تطرق باب الذاكرة مع بداية مشاهدتي لبعض ما يتم تحضيره من أعمال تلفزيونية بمناسبة شهر رمضان الكريم. فإذا بعبارة «الممثل القدير» متكررة في مقدمات معظمها. عبارة هوبكنز تصف الممثل الذي قد يكون وصل إلى سقفه وأدرك أنه لم يعد يستطيع تجاوز ذلك فتوقف عن المحاولة، وبذلك بات لديه خيار بلوغ ذلك السقف في كل مرة أو ما دونه فقط، أما النفاذ منه إلى ما هو أعلى، فإن ذلك سيتطلب جهدا كبيرا من جانبه، كمجموعة من الأدوار الثرية تحت إدارة مجموعة من المخرجين المميزين.

لكن عبارة «الممثل القدير» تفترض أن الممثل وصل إلى تلك النقطة، أو إلى ذلك السقف، فأصبح «قديرا». لا بأس لو أن هذا صحيحا، لكن استخدامها يفرض، على نطاق تطبيقي وفني، بضعة أسئلة:

* ما هي مواصفات الممثل القدير؟

* كيف يحقق الشروط والمواصفات التي ستجعله قديرا؟

* ثم إذا ما كان هو ممثل قدير (وعادة من بين أعداد كثيرة من الممثلين) هل يعني ذلك أن سواه ليس «قديرا»؟ بالتالي، إذا لم يكن الممثل الآخر قديرا، فلم الاستعانة به أصلا؟

الحقيقة الجارحة هي أن التصنيف المذكور لا يعني أن الممثل القدير قدير بسبب إبداعه، بل هو مستخدم لإرضاء ذات الممثل وغروره. لاحظ أن الأدوار الرئيسية في هذه المسلسلات، ومثلها في الأفلام، لا تحمل العبارة المذكورة عليها. فقط الممثلون المساندون لتبرير ورود أسمائهم لاحقا في البطاقة التعريفية. نوع من التعويض عن قيامهم بقضاء سنوات حياتهم في المهنة ثم اضطرارهم الرجوع من أدوار أولى إلى أدوار ثانية.

تمتد الأوصاف لكي تميز الممثلين الأول أيضا، فهذا «النجم الفنان» وذلك «النجم الصاعد» ولا ننسى بالطبع «معبودة الجماهير» و«النجم الكبير» مما يخلق بدوره تميزا آخر بين النجوم. وبما أن النطاق يتسع للمزيد بتنا نقرأ «الممثل اللامع» بمعنى أن باقي الممثلين ليسوا لامعين، مثلا. وأحد نقاد السينما (ولو أنه ما عاد يكتب نقدا إلا في المواسم) لا يزال يصر على منح كلمات مثل «النجم الكبير» و«الفنان الأصيل» و«المخرج الأهم» و«وزير الثقافة الفنان»، على الجميع في حين كان عليه، وعلينا جميعا، أن نطور مفاهيمنا بهذا الصدد، إذ هناك ممثلون جيدون وآخرون غير جيدين وهذا أمر يشمل أيضا الكتاب والمخرجين والمصورين والنقاد وباقي عناصر الصناعة الفنية.

هوبكنز نفسه ظهر في أدوار مساندة منذ مطلع القرن الحالي، لكن ذلك لم يفرض على أحد منحه لقبا يضاف إلى اسمه لتمييزه. حتى حين حصل على لقب «سير» وهو لقب تمنحه الملكة البريطانية (بتوصية من رئيس الوزراء)، فإن اسمه على الأفلام التي يمثلها ما زال أنطوني هوبكنز. وحين لعب الممثل مارلون براندو، الذي يوافق الداني والقاصي على حجم موهبته، دور والد سوبرمان في فيلم «سوبرمان» (1987) وهو دور صغير نسبيا تقاضى عليه خمسة ملايين دولار لم ينل استثناء إعلاميا.