ندى أبو فرحات: «مجنون يحكي» علامة فارقة في مسيرتي الفنية.. وفي أعماقي رجل يساندني

حلقت شعر رأسها لتبدو حقيقية وطبيعية إلى أبعد حدود في المسرحية

ندى أبو فرحات استغنت عن شعرها لظهورها أكثر واقعية في مسرحية «مجنون يحكي»
TT

قالت الممثلة اللبنانية ندى أبو فرحات إن شخصية نهاد نون التي جسدتها في مسرحية «مجنون يحكي» للمخرجة لينا خوري لامستها عن قرب فأتعبتها وأرهقتها ولكن بلذة. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد شكلت هذه المسرحية محطة وعلامة فارقة في مسيرتي الفنية، ولعل أصعب المشاهد التي أديتها هي التي كنت أروي فيها مراحل العذاب التي تعرضت لها (نهاد نون) الكاتبة الحرة والمناضلة».

وكانت ندى قد قامت بحلق شعر رأسها تماما انسجاما مع الدور الذي تلعبه؛ فنهاد نون هي صحافية عانت الأمرَّين من النظام الحاكم بسبب كتابتها مقالا انتقدت فيه أداءه. ولأنها سجنت وبعدها نقلت إلى مستشفى المجانين ارتأت أن تحلق شعرها لتبدو أكثر حقيقية. وتعلق على هذا الموضوع: «شعرت أنه علي القيام بذلك ليصدقني الجمهور، فأنا عندما أقوم بشيء ما أعيشه إلى آخر حدود». وعما إذا كان هذا الأمر تسبب لها بنقص في أنوثتها أجابت موضحة: «أبدا.. ومن قال إن شعر المرأة هو دليل أنوثتها ورمز لها؟ فنظرة الأنوثة عندي تختلف اختلافا كبيرا بيني وبين الآخرين، وبرأي أن المرأة الحقيقية هي التي تعرف إبراز أنوثتها من أعماقها، بنظرتها أو بلغة جسدها وليس بالضروري أن تستعمل رموزا أخرى مستهلكة».

ولكن لجوءها إلى مظهر ذكوري بحت هل يعني أنها ترتاح في شخصية الرجل؟ ترد: «جانب الرجولة الذي في داخلي موجود فقط ليشجع المرأة التي فيَّ، وليس من أجل أن يغطي على طبيعتي الأنثوية، وكاريزما الدور كانت مؤلفة من هذا الخليط عندي». وتابعت: «الرجل في داخلي يساندني تماما كالرجل الموجود في حياتي، ولا أذيع سرا إذا قلت إن هذا الرجل فيَّ هو الذي ينتشلني من ضعفي أو أي خلل معين قد أشعر به». وإذا تمنت يوما لو كانت رجلا، قالت: «أنا محظوظة كوني أنثى، ولكن لا يزعجني الأمر لو كنت رجلا؛ لأنني أحب الإنسان بشكل عام وبكل أوجهه واختلافاته بغض النظر عن لونه أو طبيعته».

وعن تجربتها في التمثيل مع زياد الرحباني الذي يلعب دور طبيبها النفسي في المسرحية قالت: «زياد الرحباني إنسان مميز بغض النظر عن رحبانيته، فهو شخص رائع يحترم مهنته ويسدي النصائح ويهتم بأداء من معه، كان لديه مشكلة بحفظ النص مثلنا جميعا، ولكننا تجاوزناها». ثم تتابع: «في المشهد الذي أروي فيه كيف تم اغتصابي ومعاناتي اغرورقت عيناه بالدموع وتأثر كثيرا، فهو ممثل بارع وحساس جدا».

وعن تجربتها مع الممثل غبريال يمين قالت: «هناك مشهد قاس جدا وموجع في المسرحية أعزف خلاله على الكمان وهميا بعد ضغوط فكرية وإيحائية تلقيتها منه الذي يجسد دور المجنون، هذا المشهد انطبع في ذاكرة غالبية الحضور. كانت الفكرة له وأستطيع القول إن غبريال أستاذ في التمثيل وتعلمت منه الكثير».

وعن التقنية التي تستخدمها عادة في أدوارها أوضحت: «مرآتي هي الصور التي تراودني أثناء تجسيدي الدور، وعلى فكرة لم أستطع أن أحس بدوري فعليا في البروفات؟ وقبل يوم واحد فقط من عرض المسرحية تفاعلت مع دوري، واستطعت إخراج أحاسيسي، فكانت أول شخصية ألعبها دون أن أعبر فيها في التمارين، وأعتقد أن السبب يعود إلى كوني كنت خائفة على شخصية نهاد نون بكل جوارحي فتمسكت فيها بأعماقي».

وبالنسبة لندى فإن الجنون يكون أحيانا نتيجة قمة العقلانية، ولذلك نلاحظ بريقا مختلفا بعيون المجانين. والمشكلة تكمن في المكان الذي يتواجد فيه المجنون، فأفكاره الذكية والفلسفية يستثمرها بالمكان غير المناسب فيسمونه مجنونا. ورأت أن «مجنون» هي الكلمة السهلة التي نستعملها عندما نريد أن نتغاضى عن الحقيقة التي تلمسنا. وتضيف: «كم من مرة استخدمنا هذه الكلمة لندافع عن غيرتنا أو طمعنا أو حقيقة ما نخفيها بداخلنا! وهذه هي الحقيقة بعينها».

والمعروف أن ندى أبو فرحات عملت في مجالات عدة فأبهرت مشاهدي برنامج «الرقص مع النجوم» على شاشة «إم تي في» عندما شاركت فيه كواحدة من المشاهير. وكذلك الأمر عندما مثلت في أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية ومسرحيات عدة. فما هو سر نجاحها؟ ترد: «الإحساس لا يمكن أن يوضع له حدود، وأنا أعيش أحاسيسي كما تتطلب مني اللحظة، فأنا أحب الذهاب بعيدا بأي شيء أقوم به، ولكن طبعا بإطار محترم وراق، وأعتقد هذا هو سري».

أما عن متابعتها للمسرح العربي فقالت: «عادة ما كنت أتابع المسرح السوري بشكل عام، فأنا معجبة برواده وبحركته الرائدة. فالممثلون والمخرجون السوريون يشكلون عمودا فقريا هاما في النهضة المسرحية العربية، ولطالما تمنيت العمل معهم».

أما بالنسبة للمسرح الخليجي فتعترف بأنها مقصرة في متابعته ولكنها سمعت الكثير عنه، ولكنها لم تحفظ أسماء ممثلين معينين منه.

حاليا انتهت ندى أبو فرحات من تصوير فيلم سينمائي بعنوان «ريفولت تانغو» مع مازن كيوان أحد أساتذة الرقص العالميين في لبنان، كما أنها تدرس عروضا جديدة لمسلسلات تلفزيونية.