نهلة داود: المشاهد أصبح يبحث عن السعادة في الدراما بسبب واقعنا المرير

جسدت دور «الشيخة ناهية» في مسلسل «وأشرقت الشمس»

نهلة داود
TT

بين ليلة وضحاها تحوّلت الممثلة اللبنانية نهلة داود إلى «الشيخة ناهية» فصار لقبها بامتياز. فبعد مشاركتها في المسلسل اللبناني «وأشرقت الشمس» الذي لاقى شهرة واسعة إثر عرضه على شاشة (إل بي سي)، لم يعد يناديها اللبنانيون سوى بهذا الاسم. فإجادتها لتجسيد الدور بطريقة محترفة، طغت على المشاهد التي يتضمنها بشكل كبير، فانحفر في الذاكرة بصورة تلقائية.

وتقول نهلة داود في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتوقع أن ينال الدور كل هذه الشهرة رغم أن (الشيخة ناهية) امرأة متسلّطة ومؤذية على السواء». وأضافت: «في البداية ترددت في الموافقة على الدور ثم ما لبثت أن انسجمت به فسكنني وذبت في الشخصية القوية لهذه المرأة المتغطرسة». وعما إذا كان يزعجها إطلاق هذا اللقب عليها من قبل اللبنانيين أجابت: «كنت أتفاجأ بالناس ينادونني به منذ عرض الحلقات الأولى، فشعرت بالسعادة كون الشخصية لاقت نجاحا رغم أنها شريرة». وعما إذا كانت تفضّل هذا النوع من الأدوار على غيرها ردّت موضحة: «على الممثل أن يؤدي أي دور يجسّده بطريقة محترفة وأن يحبّه مهما كانت طبيعته، وإلا فهو ليس بالممثل الناجح». وتضيف: «سبق وقدّمت أدوارا عدة لشخصيات خيّرة وشريرة ولكني أتمنى يوما ما أن أقدم (الشيخة ناهية) بطريقة أخرى فأستخدم شخصيتها القوية لفعل الخير وليس الشر».

وعما أضاف إليها هذا الدور قالت: «لا شك أنه علامة فارقة في مسيرتي التمثيلية، فجميع من شارك في هذا المسلسل لمع نجمه من صغيره إلى كبيره، ويعود ذلك لحبكته الجميلة ونصّه المميّز، إضافة إلى طريقة إخراجه، وهذا النوع من المسلسلات يشكّل حافزا لاندفاع الممثل المشارك فيه وانطلاقته من جديد».

ووصفت نهلة داود نفسها بالممثلة التي تتحمّل مسؤولية عملها من البداية وحتى النهاية، وبأنها ورغم شعورها بالتردد بالقيام ببعض الأدوار التي تعرض عليها، فإن الشعور بالتحدّي ومواجهتها المباشرة لهذه الأدوار هو الذي يساهم في استمراريتها. أما أكثر ما عانت منه في المسلسل المذكور كما ذكرت في سياق حديثها لنا فهو الجهد والتعب الجسدي اللذان تسببا أحيانا بوقوعها في المرض وقالت: «هي لحظات صعبة نمرّ فيها نحن كممثلين لتحملنا مسؤولية عملنا بشكل كبير، الأمر الذي يتطلّب منا جهدا إضافيا ولكننا لا نلبث أن ننساه ما أن نلمس نتيجته المثمرة والنجاح الذي حققه».

وعما إذا كانت تعتبر هذا المسلسل بمثابة فرصة وضعتها في مصاف النجومية قالت: «بالتأكيد هذا المسلسل شكّل فرصة لنا جميعا فكما لغسان صليبا وايميه صياح وغيرهما من الممثلين، فهو شكّل فرصة جميلة لي وأنا فخورة بها».

وعن رأيها بانتقاد البعض لنهاية المسلسل كونها كانت إيجابية فشكّلت نهاية سعيدة مبالغا فيها أوضحت قائلة: «المشاهد العربي اليوم ومع التحديات المعيشية والأمنية التي يعيشهما صار بحاجة لفسحة أمل تخرجه من الواقع الذي يشهده، وبعض المسلسلات التي شاهدناها مؤخرا لم تحمل نهايات تنسجم مع أحلامه وأفكاره، لذلك شددت الكاتبة منى طايع على إعطائه هذه الميزة فبعض الأمل والخيال لن يضرّا بالمشاهد بل تجعلانه يرى أحلاما جميلة أثناء نومه إلا توافقوني الرأي؟».

وأضافت: «مشاهد هذا المسلسل بالذات كان متعطّشا لنهاية حلوة فكنت يوميا أتلقى عشرات الاتصالات من أصدقاء يسألونني عما ستحمل نهايته وكنت أقول لهم انتظروا وسترون بأنفسكم، وعندما انتهى عرضه صاروا يسألونني إذا كان هناك من جزء ثان له لشدّة تعلّقهم بأبطال المسلسل ومجرياته».

ويتناول المسلسل الذي تجري أحداثه في زمن المتصرفية العثمانية في لبنان، قصة عداء بين عائلتين من جبل لبنان ينقلانها بدورهما إلى أولادهما، لكن قصة حب تنشأ تطفئ تدريجيا نار الحقد المشتعلة بين العائلتين وذلك في ظلّ أحداث شيّقة.

ووصفت نهلة داود الدراما اللبنانية اليوم بأنها صارت تتمتع بإنتاجات كبيرة وضعتها على خريطة المحطات الفضائية العربية وساهمت في انتشارها وقالت معلّقة: «لا ينقصنا أي شيء لتحقيق النجاحات في هذا المجال، فكما لدينا الممثلون المحترفون كذلك لدينا المخرجون المميزون والذين يؤكدون يوما بعد يوم بأنهم على المستوى المطلوب».

وفيما يخص الكتاب والمؤلّفين قالت: «لقد صار لدينا دم جديد من الكتّاب استطاعوا نقل الواقع اللبناني إلى الشاشة الصغيرة بكل تفاصيله دون الخوف من التطرّق إلى مواضيع حسّاسة لم يسبق أن تناولتها الدراما اللبنانية». ووجهت الممثلة اللبنانية تحية للكاتبة كلوديا مرشيليان التي استطاعت من خلال مسلسل «روبي» أولا و«جذور» ثانيا من إيصال الدراما اللبنانية إلى الموقع الذي نصبو إليه، خصوصا أنها كانت تحتلّ الصدارة في الماضي.

وعن رأيها بهذا الخليط المتبع في اختيار الممثلين العرب في مسلسل واحد أجابت: «المثل المعروف (مصائب قوم عند قوم فوائد) يصحّ قوله اليوم في زمن الاستعانة بالممثلين اللبنانيين في مسلسلات مصرية أو سورية والعكس صحيح، فعندما كان لبنان في حالة حرب ذقنا الأمرين وبتنا كممثلين مشرّدين هنا وهناك نبحث عن فرص عمل لديهم، اليوم صرنا نحن نمثّل هذا المتنفّس الفني للممثلين العرب فلجأوا إلينا في ظلّ الأوضاع الأمنية غير المستقرّة التي تعيشها بلدانهم فصرنا متساوين ونعرف تماما بمصائب بعضنا بعضا».

وختمت نهلة داود بالقول: إن الإمكانيات التقنية والبشرية التي بتنا نتمتع بها اليوم تلغي كلمة مستحيل من قاموسنا الفني في لبنان، وتدفعنا إلى التطلّع نحو إنتاجات ضخمة نتوق إليها، وذلك بفضل تنوّع نصوص الكتّاب وقدرات الممثلين والمخرجين الموجودين عندنا.