تقلا شمعون: الدراما اللبنانية بحاجة إلى دولة تحتضنها

الفنانة اللبنانية تشارك في عملين خلال رمضان الحالي

تقلا شمعون
TT

قالت الممثلة اللبنانية تقلا شمعون إن الدراما اللبنانية عانت - ولا تزال - معضلة أساسية، ألا وهي غياب من يحتضنها ويهتم بها. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ما أعنيه في الحضن هو الأهل (الأب والأم)، لأنها تعيش تماما كالطفل اللقيط الذي لا يعترف به أحد رغم أنه منتج ومجتهد ولامع، فالمطلوب أن تتبنانا دولتنا وترعانا لنتجاوز ذوباننا في إنتاجات الآخرين». وتابعت: «في الماضي، كانت الدراما السورية تعاني الأمر نفسه وبعدما تبنتها دولتها أصبحت قوية وتمكنت من مواجهة الجميع، حتى إن انتشارها وشهرتها صارا يضاهيان الأعمال المصرية دون منازع».

وعدت معادلة المنتج القوي زائد الدولة إضافة إلى التلفزيون الحريص على تقديم الدراما المحلية، هي التي من شأنها أن تحدث الفرق.

وتقلا شمعون التي تشارك حاليا في مسلسلين ضمن موسم رمضان وهما: «عشرة عبيد زغار» و«اتهام»، وصفت كل دور فيهما بالمختلف والممتع. وقالت: «لا شك في أن الأول وجدت فيه تحد جديد لا يشبه أيا من الأدوار التي قدمتها قبلا، إذ اخترت بنفسي الشخصية التي ألعبها (د. لورا العلايلي)، وكون هذا الدور هو مكتوب لرجل في الأساس وقد ارتأى المخرج إيلي حبيب أن يحوله إلى امرأة صلبة، طبعه بخصوصية استمتعت في تجسيدها». وعدت (لورا العلايلي) لا تشبه باقي النساء «لأنها تعد نفسها وبأسلوب تفكيرها وتعاطيها مع الأمور تشبه الرجال بشكل أكبر». وعندما استوضحتها عما إذا كانت هذه الشخصية مسترجلة، أجابت: «لا أبدا، هي لم تفقد أنوثتها، بل لديها شخصية قوية تمكنها من سيطرتها على تصرفاتها، وتتفاعل مع الأحداث بطريقة مغايرة عن تلك التي تتبعها النساء عادة، فهي جريئة تواجه ولا تخاف».

وعما إذا كان هناك من أوجه تشابه بينها وبين (لورا العلايلي)، ردت موضحة: «قد يوجد بعض التشابه كوني ومنذ صغري انسجمت مع مجتمع الرجال أكثر من النساء، وما أعنيه هنا كنت أحب التحدث معهم لأنهم يتكلمون بمواضيع شائقة، فأنا كنت - وما زلت - لا أحب الثرثرات النسائية والصبحيات وما إلى هنالك من أمور سطحية تشكل لي مضيعة للوقت، واختراقي مجتمع الرجال كان يزودني بشعور التفوق على زميلاتي، ولكن مع الوقت تغيرت، ولكني ما زلت لا أحبذ القيل والقال وثرثرات النسوان».

وعما إذا هناك من قلق يساورها حول رد فعل المشاهد الذي سبق أن شاهد النسخة القديمة منه لأنطوان ولطيفة ملتقى في السبعينات، أجابت: «لا مجال للمقارنة بين النسختين، فالأول كان ذا أداء مسرحي وقدمه عمالقة في التمثيل، أما الثاني فقد صنع بطريقة وأسلوب حديثين فهو مغاير تماما عن الأول، يشبه النمط الذي نعيشه وقد حيك بخيوط الأسلوب الهوليوودي، كما أننا مهما جاهدنا فلن نستطيع نحن كممثلين أن نتوصل لمستوى هؤلاء العمالقة الذين مثلوا فيه». وأشارت إلى أنها تهوى متابعة المسلسلات القديمة بالأسود والأبيض وغيرها على شاشة تلفزيون لبنان، وأنها تجد في تلك الأعمال مستوى راقيا من حيث أداء الممثلين الذي يشبه محتوى المسلسل عامة.

أما عن دورها في مسلسل «اتهام»، فوصفته بالقول: «هو دور يحمل مفاجآت كثيرة في سياق أحداث المسلسل، ويلقي الضوء على آفة كبيرة جدا تعيشها بعض النساء في عالمنا العربي، وهو الشعور بالوحدة والفراغ العاطفي في غياب الزوج الذي يعمل خارج بلده، فيترك شريكته تتدبر أمورها بنفسها وتتخبط في مناخ غير صحي عاطفيا، لا سيما أن أخلاقياتها تمنعها من الخروج عن الخط المستقيم». وتضيف: «هنا أود أن أنوه بكاتبة النص كلوديا مرشيليان التي تنقل دائما الواقع للمشاهد كما هو تماما، فتوعيه بمشاكلنا ومعاناتنا بأسلوب جذاب وشائق، فلديها القلم الذي يتحدى ويُغنِي باستمرار الدراما اللبنانية».

وعن رأيها في خلطات الممثلين العرب التي نشهدها حاليا في الأعمال الدرامية، أجابت: «هي دون شك ساهمت في التعريف بنا، ولكنها لم تجر من قبل المنتجين العرب بالصورة التي نطمح إليها نحن كممثلين، فهذه الخلطات هي برأي سياحية بامتياز، وعادة ما تصب في خانة استعراض جمال نسائنا واستهلاك فكرة الحرية والاستقلالية المنطبعة في أذهانهم عنا. فعندما يريدون تجسيد دور فتاة جميلة لديها شخصيتها المستقلة يلجأون إلى ممثلاتنا، كون هذا الأمر هو البارز حسب تفكيرهم أكثر من قدراتنا على التمثيل وقوتنا في هذا المجال. والدليل على ذلك أنهم يختارون الممثلات الجميلات لتلوين أعمالهم ولا يعيرون القدرات التي تملكها أخريات الاهتمام المطلوب». واستطردت بالقول: «أنا لدي هذا الهاجس أضعه أمام قرائكم الأعزاء، لأن الوقت حان كي يعرف الجميع أن الممثلة اللبنانية ليست مجرد خيار يتبعونه لاستعراض الحرية، وأنهم عندما يلجأون إلى الممثل اللبناني فهو من باب البزنس، وليس من باب المساهمة في نهضة الدراما اللبنانية». وتابعت: «نحن نعمل اليوم من باب إرضاء الآخر، ولو كان من دولة وراءنا لكان الأمر اختلف تماما».

والمعروف أن تقلا شمعون تركت بصمتها في الأدوار التي قدمتها في عدد كبير من المسلسلات العربية المختلطة كـ«روبي» و«جذور». وتقول في هذا الصدد: «على الممثل أن يعرف متى يطل ومتى يغيب، وأن يكون لديه حس الوعي والثقافة اللازمين ليرسم الخط المهني الخاص به».

أما عن أحلامها المستقبلية والدور الذي تتمنى أن تلعبه، قالت: «تمنياتي لا تصب في هذا الإطار، بل في كيفية السير بموازاة زمن الفن الدرامي الجديد». وأوضحت بالقول: «أنوي دخول الدراما بأسلوب مختلف يضعني على مقربة من كواليسها وصناعتها، فأجد أن الممثل اليوم صار بحاجة إلى مدير أعمال وفريق كامل متكامل يشاركه في كل شيء، ويكون خبيرا في أعمال الفن العالمي والمحلي، يطلع على تفاصيل أي عقد أو عرض أو اتفاق يحصل ما بين الممثل والطرف الآخر (منتج ومخرج)، فيحميه من الوقوع في أفخاخ يجهلها من الناحية التقنية المستخدمة في العمل مثلا، فتصوري أنه أصبحنا وبكبسة زر، نحرز تحولات مهمة في تعابير الوجه وفي ملامحه عامة، ونحن أبناء الجيل القديم المحترف نعمل على ما قدر الله، ونفاجأ بأداء ممثل ما صاعد، لأن التقنية ساعدته. فبرأيي، آن الأوان أن ندخل اللعبة ونحن مسلحون بالوعي الكامل لتسويق أعمالنا وعلى المستوى المطلوب». وتختم بالقول: «الممثل عندما يؤدي عمله يذوب في الشخصية التي يؤديها تماما، فلا يعود يتنبه لتفاصيل تحيط بالعمل، ولذلك عليه أن يحمي ظهره ويدخل في لعبة توافقية فريقية وليست أحادية بحتة، فتربيتي الفنية ترتكز على الثقة التامة بالمخرج مثلا، إلا أن تربية جديدة انبثقت اليوم لا تشبه أبدا تربيتي، وعلي الانخراط فيها دون تردد».