مهرجان الأغنية السورية: يمكن ان تفاجأ بمطربة ناشئة لا يزيد رصيدها عن ثلاث اغنيات تنال الذهبية المهرجان

مهمة إحياء وتطوير الأغنية السورية لا تكون بتقديم مجموعة أغان لهواة ومبتدئين ودريد لحام يعترف بمشكلة التكرار

TT

فوجيء الوسط الفني في سورية بالغاء الدورة الثامنة لمهرجان الاغنية السورية الذي يقام كل عام في حلب، مدينة الاصالة والموسيقى والطرب.

الغيت الدورة المنتظرة للمهرجان دون اعلان أسباب موجبة، مما افسح المجال امام التكهنات والشائعات والتوقعات، لتنتشر في الوسط الفني.

البعض قال ان الامر مجرد تأجيل، والبعض الآخر قال انه قرار غير معلن، بالالغاء، والبعض الثالث قال ان الامر تنظيمي، وقد الغيت الدورة الثامنة لاتخاذ اجراءات تنظيمية متكاملة للمهرجان، وخاصة بالنسبة لموعد اقامته، وقد تقرر مبدئيا ان يقام في الشهر السابع (تموز ـ يوليو) بصورة منتظمة اعتبارا من العام 2002 الحالي. اما موضوع الالغاء فغير وارد بعد ان حقق هذا المهرجان حضورا باديا ونوعيا بين جميع المهرجانات العربية التي كانت مجرد تظاهرات احتفالية تنتهي مع انتهاء المناسبة، في حين يسعى مهرجان الاغنية السورية الى تحقيق اهداف محددة سنأتي على ذكرها.

* عدم انتظام المواعيد

* ومنذ دورته الاولى، وحتى دورته الاخيرة، السابعة، كان هناك خلل في برنامج اعداد المهرجان، وفي مواعيد اقامته، التي كانت تمتد بين منتصف الصيف واوائل الشتاء، فتقام دورة في صالة مغلقة بسبب تأخر المهرجان حتى موسم المطر، ودورة في الهواء الطلق بقلعة حلب الاثرية التاريخية. وفي استعراضنا الدورات الثلاث الاخيرة نجد ان الدورة الخامسة للمهرجان كادت ان تلغى بسبب انشغال مديره الفنان دريد لحام بمسلسله التلفزيوني (عودة غوار) وبمسؤوليات منصبه كسفير لليونيسف لشؤون الاطفال وامور اخرى عديدة منها سفراته المتواصلة، لكنه استطاع ان يستدرك الامر ويضاعف جهوده (لانه مصر على ان يشرف بنفسه على كل كبيرة وصغيرة في المهرجان) واقيم المهرجان متأخرا بعد ان حدد له اكثر من موعد، وقد اعترف الفنان دريد لحام بهذا التقصير في الكلمة التي افتتح بها المهرجان دون ان يسوق تبريرا مقبولا..

اذا تجاوزنا هذه الحالة المربكة لبرامج المهرجان ومواعيده نجد ان عمليات التحضير في ايام قليلة تحول دون محاولة تطويره وتجديد فقراته وتحقيق الاهداف التي انشئ من اجلها برعاية سخية من وزارة الاعلام، ذلك لانه كان في هذا المهرجان، ومنذ دورته الاولى، اصرار بالا تكون فيه مسابقات ولا جوائز، حتى تتاح فيه المشاركة لجميع الفنانين، اذ ان مهمة احياء وتطوير الاغنية السورية (وهذا احد الاهداف الاساسية للمهرجان) لا يكون بتقديم مجموعة اغان لهواة ومبتدئين ما زالوا في اول الطريق، بل يجب ان تشارك فيه عدة اجيال من الفنانين لتحقيق هذا الهدف الكبير، وخرج المهرجان على هذا المبدأ وقرر منح جوائز منذ دورته الثالثة، والجوائز تمنح لمجموعة من المطربين والمطربات الشباب، ولهذا يمكن ان تفاجأ بمطربة ناشئة، لا يزيد رصيدها عن ثلاث او اربع اغنيات، تنال ذهبية المهرجان، وهذا ما يجعل الغرور يركبها لتعتذر عن المشاركة في دورة تالية له، لانها اصبحت نجمة ومطربة كبيرة، تحمل الذهبية، ولا يناسبها ان تشارك مع المبتدئين والناشئين.

* استدراك محدود

* حاولت ادارة المهرجان استدراك الروتين والمراوحة في المكان بتحقيق انطلاقة، ولو محدودة، نحو الحداثة والتجريبية بتقديم الوان مختلفة من الغناء السوري بلغة معاصرة، والتوجه الى الاطفال في اغان متطورة لتعميق مفاهيم الطفولة وقيمها ومبادئها وحقوقها كفعل ثقافي وحضاري ومدني، وكانت هناك مبادرة جريئة بتقديم ندوات ثقافية تحت عنوان ( الغناء والموسيقى في التراث الديني)، ودعمت الندوات بمعرض وثائقي مهم جامع وشامل للمعطيات الموسيقية في تراث الاديان، القديم منها والمعاصر، عربيا ودوليا. وقدم المهرجان في دورته السادسة اربعة واربعين صوتا غنائيا جديدا بينها ثلاثة وعشرون صوتا نسائيا وواحد وعشرون صوتا رجاليا بالاضافة الى عشرات المشاركين في فرق الكورال والرقص والعزف والفنون الشعبية وغير ذلك من الفعاليات.

* مشكلة التكرار

* في الدورة السابعة والاخيرة في المهرجان اعترف الفنان دريد لحام، مدير المهرجان، وهو يقدم الدورة، بأن ادارة المهرجان تواجه مشكلة التكرار، وبالتالي الوقوع في النمطية والمراوحة في المكان، خاصة ان المهرجان مرتبط بآلية واحدة، بحكم اهدافه المحددة بصناعة الاغنية، ومن هنا كان من المستحيل التجديد ضمن الثوابت والتطوير ضمن التقاليد التي اصبحت راسخة.

ولم يكن هذا الاعتراف تبريرا لعدم تحقيق المهرجان النقلة النوعية الموعودة والمنتظرة منه، وخاصة بعد دورته السابعة.

لقد اصبح لدى الجميع قناعة بان هذا المهرجان المتميز ما يزال بحاجة الى نقلة نوعية حقيقية تعيد توازنه، وتجدد فعالياته، وتنظم برامجه ومواعيده، وتجعل مسابقاته اكثر موضوعية، وتساعد على تخريج عدد من اصحاب المواهب الواعدة من منطلق صحيح ينهي ظاهرة الفلتان في عالم الطرب والغناء والموسيقى.

ولعل هذه الامور هي التي حدت بالمسؤولين عن هذا المهرجان الى الغاء دورته الثامنة لعام 2001 ليحقق العام 2002 انطلاقته الجديدة نحو تحقيق النقلة النوعية المطلوبة حتى لا يعود الى مشكلة التكرار والمراوحة في المكان. =