يمينة باشر شويخ : فيلم «رشيدة» نسائي وليس ضد الدين ورسالة للجزائر

المخرجة الجزائرية : لجأت الى شركات للحصول على معونة حكومية فرنسية وانتجته مع شركتي الخاصة

TT

«رشيدة» أول فيلم جزائري يطرح في تناول العروض والمهرجانات الدولية منذ سنوات. مثل معظم الأفلام الجزائرية، في السنوات العشرين الأخيرة، لم يكن مقدراً له أن يتم لولا معونة فرنسية. لكن الموضوع يبقى جزائريا صرفا. ليس هذا فقط، بل يغوص في موضوع الحياة الاجتماعية في الجزائر.

يدور فيلم «رشيدة» حول فتاة، بذلك الإسم، تعيش في العاصمة وتعمل مدرسة. في أحد الأيام يتقدم منها بعض الشبّان ويطلبون منها حمل متفجرة الى المدرسة. حين تعارض يطلقون النار عليها ويتركونها تنازع الموت. حين تسترد صحتها تفر وأمها الى بيت في قرية بحثا عن الأمان وخوفا من تعقب المتطرفين. هناك تكاد رشيدة تبدأ حياة جديدة لولا أن التطرّف السائد يهدد مستقبلها ايضا. تكتشف أن ما وقع في المدينة محتمل وقوعه في الريف. لكن عليها وعلى أمها أن تواجها الموقف بشجاعة لأنه ليس هناك من مهرب آخر.

مخرجة الفيلم، يمينة باشر شويخ، تتحدث عن كل تلك الجوانب التي يطرحها الفيلم وعن ما يعنيه القيام باخراج فيلم سينمائي في الجزائر اليوم.

* ما هي العراقيل التي صادفتك عندما قررت تنفيذ هذا الفيلم؟

ـ تصوير الأفلام في الجزائر ليس أمرا سهلا، فهو مليء بالعقبات. لكنها عقبات مادية وإنتاجية أساسا وناتجة عن غياب العناصر المطلوبة. لكن على صعيد الموضوع بأسره واختياري وتنفيذي له لم تكن هناك اي معيقات او مصاعب. وجدت كل تعاون من الناس وبعضهم جاء الي ليحدثني عن رأيه وتجربته والجميع يفهم أن الإسلام ليس الدين الذي يحرّض على القتل والعنف.

* لكن يستوقفني أنه في أحد المشاهد الأولى، المشهد الذي تهرع الأم الى ابنتها المضرجة بالدماء، تصرخ «ما هذا الدين الذي يسمح بمثل هذه الأفعال؟» عوض أن تفصل، تلقائيا، بين الدين والعنف.

ـ الفصل موجود في الفيلم. ما تقوله الأم في ساعة غضب لا يعبّر عن أن الفيلم ضد الدين، او أن الإسلام هو المسؤول عما تقوم به جماعة خارجة عن الإسلام. نرى الأم تصلي وتقرأ القرآن باحترام وأدب وهي أم تثير الإعجاب لإرادتها ومعرفتها.

* ما هي الترتيبات الأمنية التي صاحبت تصوير هذا الفيلم؟

ـ لم تكن هناك ترتيبات. أساسا كنت أعلم أنه لا يجوز لي أن أخاطر بحياة فريق العمل عبر التصوير في أماكن معروف عنها انها خطرة. بحثت عن أماكن آمنة. صوّرت في منطقة ريفية قريبة من الغابات التي كانت حتى سنوات قليلة مضت ممنوعة لأنها خطرة على حياة الناس.

* هل كتبت الفيلم عندما كانت الجزائر تعيش في قمة الأزمة؟

تماما، الى أن وجدت التمويل اللازم. كان الوضع ارتاح قليلا في تلك المناطق على الأقل.

* من أين جاء التمويل؟

ـ لجأت الى بضع شركات فرنسية للحصول على معونة حكومية فرنسية وانتجت الفيلم بين هذه الشركات وشركتي الخاصة.

* الفرق كبير بين الوقت الذي كانت فيه السينما الجزائرية في أفضل حالاتها انتاجا وإبداعا، اقصد فترة ما بعد الاستقلال، وبين الوقت الحالي. هل هناك أمل في أن يستتب الوضع ليعود كما كان عليه سابقا؟

ـ دائما الأمل موجود والسعي موجود. لكني مخرجة ليس لديها سوى الفيلم الذي تحققه من أجل أن تواجه به هذا العالم الذي من حولها. فيلمي هو رسالتي من دون أن تدعي هذه الرسالة أنها حل. «رشيدة» هو اقتباس للحياة كما تعبّر عنها بطلة الفيلم وشخصيتها. ربما هو فيلم نسائي الى حد، لكنه في ذات الوقت فيلم اجتماعي.

* بالمناسبة الرجال في الفيلم عموما أقل إثارة للتعاطف من النساء؟

ـ كيف؟

* هناك بطلة الفيلم وأمها والفتاة الضحية المعتدى عليها. في المقابل هناك شخصيات رجالية كثيرة كلها اما ارهابية او ضحلة.

ـ لا أوافق. هناك المختار وهناك خطيب رشيدة من الشخصيات الرجالية في الفيلم. حين كتبت القصة لم أقصد أن أحلل تركيبات اجتماعية، بل اكتفيت برصد الواقع لكي أنقل شريحة حياة صغيرة في العالم المضطرب الذي تعيش فيه.