إيناس الدغيدي بعد براءتها في قضية «مذكرات مراهقة»: لم أسئ لبنات مصر

أنا مقاتلة بطبعي وظللت حتى الـ27 من عمري «فتاة خام» لا تعرف عن الجنس شيئا وأفلامي تعالج مشاكل المجتمع

TT

اعتادت ايناس الدغيدي منذ حملت لقب مخرجة لاول مرة بعد فيلمها الاول «عفوا ايها القانون» على النقد الذي يصل الى اعتاب الهجوم، بل يتجاوزه الى التجريح احيانا، والطعن في مواقفها وآرائها التي تحاول ان تبثها من خلال مشاهد افلامها، واتهامها صراحة بمحاولة هدم قيم المجتمع وزلزلة ثوابته الراسخة.

وفي فيلمها الاخير «مذكرات مراهقة» وصل الهجوم الى ذروته، نظرا للقضية الحساسة التي يعالجها الفيلم، وهي مشاكل المراهقات. وقد تعدى الامر على صفحات الصحف والمجلات، وتجاوزه إلى الصراخ في البرامج والندوات، وصل الى ساحات المحاكم، اذ فوجئت مخرجة الفيلم بدعوى قضائية تتهمها بالاساءة الى سمعة كل بنات مصر، اذ اظهرتهن في الفيلم بصورة سيئة وطالبت الدعوى القضائية بوقف عرض الفيلم، ومحاكمة مخرجته ووقفها عند حدها.

وتداولت القضية في اروقة المحاكم طوال الاشهر الماضية، حتى قررت المحكمة رفض الدعوى، وخرجت بعض الصحف تقول ان حكما صدر بمعاقبة ايناس بالجلد 80 جلدة، عقوبة لها على قذف المحصنات، وأن حيثيات الحكم تضمنت هجوما عليها وعلى فيلمها.

فهل صحيح ما نشر؟

توجهت بالسؤال لمخرجة الفيلم ايناس الدغيدي، وكانت حالة من الذهول تبدو على وجهها، ليس سببه ما نشر فقط، بل خبرا سمعته قبل دقائق يقول ان صديقها العزيز رضوان الكاشف مات، انه كان يكلمها منذ ساعات، ويحكي لها عن فيلمه الجديد، واحلامه القادمة، ثم جاءها الناعي يقول انه رحل.

بعد لحظات شرود اجابت ايناس: انا في ذهول مما نشر عن القضية. حيثيات الحكم موجودة لدى لبيب معوض، محامي القضية، والحكم لصالحي تماما، بل الهجوم في الحيثيات انصب على صاحب الدعوى على اساس انه لا مجال للادعاء، وأنه كان عليه ان يقاطع الفيلم ولا يشاهده اذا كان يرى فيه ما يشينه.

وتضيف ايناس: لقد تعودت على مثل تلك المهاترات، ومن حق أي احد ان ينتقد اعمالي، ويقول انها لا تعجبه وله موقف منها، بل ويدعو الى مقاطعتها ومقاطعتي، هذه حرية مكفولة للجميع، انما الذي ارفضه تماما هو المزايدة على سمعة مصر، فلست انا التي تسيء الى سمعة هذا البلد، والذين اقاموا الدعوى ليسوا اكثر وطنية مني، ان لم يكن العكس. لقد قدمت الفيلم لخدمة البلد، لانبه الى خطورة مشكلة المراهقين والمراهقات، لم افعل مثل الجميع وادفن رأسي في الرمال، واقول السكوت افضل، وما لي ووجع الدماغ والقلب وحرق الاعصاب، بل رفعت رأسي وتكلمت، واعرف انني دخلت عش الدبابير، لست نادمة على دخوله، بل سأدخله مرات ومرات.

* الا تشعرين بالتعب من المعارك والازمات التي لا تنتهي؟

ـ ابدا. انا مقاتلة بطبعي. احكي لك قصة، في شبابي اتخدت قرارا بالاستقلال عن اسرتي، واستأجرت شقة في المعادي لاقيم بها بمفردي ولم اكن قد تزوجت بعد، وثارت الاسرة، وهاجت امي وماجت بل واصيبت بمتاعب في القلب بسببي، ظنا ان ما فعلته هو جريمة اخلاقية، خاصة انني بنت اسرة محافظة، وجدي كان من شيوخ الازهر. وكاد الامر يصل الى حد المقاطعة، ولكنني صممت على موقفي، وعلى قراري الذي كان من الجنون أن تقوم به بنت في مصر في ذلك الوقت، ولم تقتنع الاسرة الا بعد ان اخرجت اول افلامي «عفوا أيها القانون» والترحاب النقدي والنجاح الجماهيري الذي قوبل به الفيلم، ادرك الجميع انني لست مستهترة، بل صاحبة فكر وامشي في الطريق الصحيح.

* وهل الطريق الصحيح يتطلب هذه التعرية الكاملة، والدخول في الممنوع والتصادم مع المجتمع وقيمه؟

ـ تقصد مناقشاتي الصريحة للمشاكل الجنسية والاخلاقية، هل تصدقني عندما اقول انني ظللت حتى سن الــ27 من عمري فتاة خام لا تعرف أي شيء عن الجنس، وكانت اول علاقة لي مع زوجي د. نبيل معوض ووالد ابنتي حبيبة، بعد تخرجي في معهد السينما ارتبطت بعلاقة حب مع زميل لي عشت خلالها حالة من الرعب.

الامور اختلفت الان والتربية الصارمة التي عاشتها بنات جيلي لم تعد موجودة في المجتمع الان، ومساحة الحرية الممنوحة للبنات اعرض بكثير. جيل الانترنت والموبايل يمكنه ان يفعل أي شيء، وهذا ما حاولت ان احذر منه.

انا لا ادعو للتحرر والانفلات، ولن اكون سعيدة اذا مرت ابنتي حبيبة ـ13 عاما ـ بنفس تجربة بطلة «مذكرات مراهقة».

* من ضمن ما كتب بعد فيلمك الاخير انه تجربة حقيقية لك خاصة انك صاحبة القصة؟

ـ كذب، لقد كنت مراهقة هادئة دون مشاكل وفي وسط اسرة محافظة كنت فيها رقم 6 بين ثمانية من الاخوان ولم يكن يسمح لنا ـ نحن البنات ـ بحرية استثنائية حتى انني كنت ممنوعة من الذهاب الى السينما، وكان اشقائي يتهربون من اصطحابي في الشارع خوفا من تعرضي للمعاكسة فيضطرون للدخول في خناقات لا تنتهي من اجلي، وكنت في تلك السن اتمتع بقوام جميل وشكل حلو حتى ان ناظرة المدرسة رشحتني للزواج من قريب لها في تلك السن المبكرة ورفضت.

وكانت قصة الحب الوحيدة مع ابن الجيران لا تتعدى النظرات من البلكونة، وحتى احلامي في تلك السن لم تكن بها أي تجاوزات. وحتى عندما التحقت بمعهد السينما كنت اتصبب عرقا وخجلا من الكلام مع زملائي لاني عشت مراهقتي في مدرسة للبنات، وغير معتادة على الاختلاط، فمن اين جاءوا بهذا الكلام الغريب.

* الا يتأثر زوجك بمثل هذه الاتهامات لك؟

ـ ابدا هو رجل ناضج ومتفتح وعاش سنوات طويلة في امريكا، حتى ان لقاءنا الاول كان في صالة للديسكو وهو يعرف طباعي واخلاقي، بل هو سندي الاول في كل حملة هجوم اتعرض لها، خاصة انه لا يعاني من عقدة النقص التي تصيب كثيرا من الازواج عندما تكون زوجاتهم اكثر نجاحا وشهرة، فهو طبيب ناجح، ومحقق لذاته كإنسان وطبيب.

* هل تتوقعين هجوما على فيلمك القادم «شلالات الفياجرا» خاصة انك تواصلين نفس الدخول في الممنوع؟

ـ الهجوم بدأ بالفعل والمشاكل ظهرت ممثلة في شكوى تقدمت بها احدى شركات الادوية لتغيير اسم الفيلم بدعوى استغلاله لاسم الدواء الشهير، وهناك بعض الخلافات مع الرقابة على بعض المشاهد والعبارات في الفيلم وهي امور اصبحت متمرسة عليها وعندي مناعة ضدها.

* وماذا عن الفيلم؟

ـ يناقش بشكل ساخر قضية العجز الذي اصاب المجتمع، ولا اقصد العجز الجنسي تحديدا، بل الامر ينسحب على ظواهر سياسية واجتماعية واقتصادية واخلاقية ومرشح لبطولته محمود حميدة ومنة الله شلبي التي تعد احد الاكتشافات الجميلة لصديقي الراحل رضوان الكاشف بعد ان قدمها في فيلم «الساحر».