أوراق ناقد معضلة تسويقية

TT

لن يطول الوقت قبل أن يظهر بن لادن على الشاشة في فيلم غربي. المنتج والمخرج الإسرائيلي مناحيم غولان ربما كان أوّل من أعلن أنه في صدد إنتاج فيلم عن أسامة بن لادن وأسمعَ بن كينغلسي أنه يرغب به في الدور. وحاليا هناك على الأقل ثلاثة سيناريوهات حول أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) أحدها سيتحوّل الى فيلم تلفزيوني والآخران يجولان بين استديوهات هوليوود من دون أن تغمز صنارة أي منهما بعد.

لكن السؤال الذي يسبق كل ذلك هو ما الذي ستفعله شاشات التلفزيون الأميركية اذا ما وجّه بن لادن (وقد أُعلن أنه سيوجه) خطابا الى العالم؟ هل ستبثه؟ هل ستتجاهله؟ هل تستطيع أن تتجاهله؟

المشكلة، بالنسبة للمحطات الإخبارية هي التالية: مبدئيا تفضل أن لا تتعارض رسالاتها ورسالة واشنطن التي تعارض بث خطابات بن لادن. لكنها -من ناحية إخبارية ـ اعلامية، ثم من ناحية إعلانية ـ تسويقية، تجد أن بث رسالة بن لادن المقبلة، حينما تقع، أمرا ربما لا يمكن تفاديه أكثر مما فعلت تلك المحطات الى الآن، وأن عدم بثه سيعني خسارتها لبضع ملايين من الدولارات في الأزمنة الصعبة.

قبل نحو أسبوعين أجرت مجلة «ذا هوليوود ريبورتر» تحقيقا بين محطات التلفزيون الأميركية الرئيسية لأجل أن تتقصى ما اذا كانت ستبث فيديو بن لادن ام لا. معظم المسؤولين في تلك المحطات رفضوا التعليق على هذا الموضوع والقلة التي تحدثت لم تقل شيئا مفيدا مما يعني أن قرارا بهذا الصدد لم يتخذ بعد. وما يعني أيضا أن طلب كوندوليزا رايس، معاونة الرئيس الأميركي في الشؤون الأمنية، بالحذر في معالجة موضوع كهذا، وهو طلب أودعته المحطات التلفزيونية قبيل نهاية العام الماضي، لا يزال موضع اهتمام تلك المحطات.

من الطبيعي أن يتمتع المواطن الأميركي بحق الاستماع الى ما يريد الطرف الآخر البوح به. من حقه أن يبني موقفه ورأيه حسبما يريد. ما هو غير طبيعي ـ لكنه قد يقع ـ هو تماثل الوضع الإعلامي في الولايات المتحدة بالوضع الإعلامي في الدولة السوفياتية خلال الحقبة الستالينية وما بعد حيث كان التعرّف على الرأي الآخر ممنوعا. هذا هو المحك وعلى محطات التلفزيون الأميركية أن تقرر ماذا تريد وبأي ثمن. ليس هناك طريقا سهلا في اي من ذلك. مأساة الحادي عشر من سبتمبر، وما حدث تباعا بعدها وضعا العالم أمام حقبة جديدة تختلط فيها الأوراق أكثر مما يجب. وحين تكون اللعبة مجهولة، فلا داعي لحفظ القواعد. رغم ذلك على محطات التلفزيون الأميركية أن تقرر متى تريد أن تتخلى عن الحذر وتعمد الى «بزنس» الإعلام والتسويق ورفع المدخول من قبل المعلنين الذين سيرون أن تحلـّق المشاهدين لمتابعة شريط بن لادن فرصة مهمة لبيع اي شيء من مسحوق الغسيل الى سيارة العام .2003 م.ر