وجوه غامضة ـ في ألوان مشتقة من البحر والصحراء

معرض الفنان البحريني عبد الرحيم شريف في جدة

TT

تشهد مدينة جدة السعودية هذه الأيام معرض الفنان التشكيلي البحريني عبد الرحيم شريف المقام بصالة أرابيسك للفنون، ويضم المعرض 43 لوحة تجريدية ذات أحجام مختلفة جذبت إليها الجمهور المهتم بالفن في السعودية.

واعتبر التشكيليون السعوديون المعرض فرصة لخلق حوار إبداعي، وإضافة حقل جديد يساهم في النهوض بالحركة الفنية بشكل عام. وهو ما لخصته الأميرة جواهر بنت ماجد بن عبد العزيز صاحبة مؤسسة المنصورية للفن والإبداع بقولها انه خلال سنوات من البحث والتجريب استطاع أن يصل إلى رؤية خاصة وأسلوب حيوي شيق بل مبهر، واعتبرت وجود فنان بهذا المستوى في جدة «إثراء حقيقي للحركة الثقافية في مدينتنا الجميلة».

ويتميز الفنان عبد الرحيم شريف بانجاز لوحة لا تقول ذاتها دفعة واحدة بل تأخذ المشاهد نحو أهوار اللون وعمق التداخل الخطي بدفء وخصوصية تميز بها الفنان على امتداد تجربته الثرية المستندة إلى دراية اكاديمية متمكنة ساهمت في تحقيق الأبعاد الفلسفية للعمل لديه، وتعميق مفهوم الرسالة الإبداعية والثقافية، فالفنان حاصل على الماجستير في الفنون الجميلة من مدرسة بارسون للتصميم في نيويورك، والدبلوم العالي للفنون التشكيلية من المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة «البوزارت» باريس.

الامتاع أولاً ويتعمد الفنان شريف عدم تسمية لوحاته بشكل مباشر إذ يمنحها مبدئياً مجموعة من الأرقام وتحمل بطاقات جانبية الأسماء التي يقترحها الفنان لأعماله، وتسيطر على التسمية مفردات الحياة الاجتماعية بمرجعياتها المتعددة بفرحها وحزنها، والحياة الجغرافية، ومفردات الذبول والسمو، كما يبدو ذلك من خلال تسميات مثل الشرفة الخضراء، السباح والبركة، النافذة الخضراء، المسافة الرملية، ساحل الوسمية، الساحل الذهبي، أزرق وأصفر، أصفر ـ برتقالي، زمردي وقرمزي، الصحراء بالليل، يوم أصفر، البعد الآخر، الوجه الأزرق.

وتراوح أعمال أخرى بين الصحراء والبحر تتنامى حركات اللونين الازرق والأصفر وما بينهما من ألوان الدفء والخضرة والتأجج مثل القرمزي والفيروزي والأحمر.

عذابات الوجوه وتبدو تيمة الوجوه الغامضة من دون تفصيل مقطعي واضح سعياً نحو الاعتراف بأن اللوحة ليست رسالة إيصالية محددة، بل أفق يشعل الجذوات ويلقيها في فضاء الدلالة المتقد كما في لوحات الوجه الأخضر، الوجه الأول، الوجه الأصفر.

ويزاوج الفنان شريف في تقنيات الانجاز الفني بين الجرافيك والزيت والكولاج، أحياناً لحكاية رحلة طويلة تبدو في صراع متأجج بين الحضور والغياب، والثورة والسكون، الثورة التي تكسر أنماط الشكل وتقنينات المساحة، تقابلها حالات من السكون المحملة بأمل الانعتاق الذي تشي به مسطحات اللون الغني بالخصوبة والتوقد عبر مساحات رحبة تأسر عين المشاهد.

واعتبر القائمون على صالة أرابيسك للفنون الجميلة في جدة، المعرض عنصراً مهماً في سياق عملهم الدؤوب لخدمة الساحة التشكيلية في السعودية ورفع مستوى التلقي والحوار الثقافي بوجه عام والتشكيلي على وجه الخصوص، وهو في حقيقة الأمر معرض مميز يضاف إلى عمق تجربة الصالة التي تعد من أحدث الصالات في السعودية وأكثرها حرصاً على مستوى الأعمال الفنية المطروحة من خلالها، وعلى خلفية ذلك استضافت عدداً من الفنانين المعروفين كانوا دائماً محل حفاوة المشتغلين بالفن التشكيلي في السعودية.