الأغنية الخليجية من مرابع الكسليك إلى حدود تطوان

عبد الله القبيع

TT

في الحقيقة اهنئ الملحن اللبناني توفيق الباشا الذي قال «ان الاغنية الخليجية ما زالت تراوح مكانها، والتطور الوحيد الذي لحقها هو غناء المطربات اللبنانيات لها».

اقول ذلك لأنها ولله الحمد لم تتطور الى الأسوأ بل حافظت على مستواها الراقي بالكلمة الشفافة التي تتغلغل في شغاف القلب وبالألحان المميزة.

لكن.. توفيق الباشا الملحن المخضرم معه كل الحق لأن بعض اطفال «الأنابيب» الغنائية سيدمرونها وسيحولونها الى اغاني «الفياغرا».

اذا كان التطور الذي يريده الباشا على شكل اغاني «الستربتيز» فالأفضل لنا ولها ان تظل في «الخيم» لا في غرف النوم، ونصورها في الصحراء التي انجبت فطاحل الشعراء لا في المسابح، ونصور الجمال في اعمال الفيديو كليب لا سيقان الروسيات.

يكفي ان نستمتع ونحن نشاهد علي عبد الستار وهو يغني باحساسه وطلال مداح بمشاعره، ونشاهد تألق فنان العرب محمد عبده من حدود جيزان الى جبال الأطلس، وابداعات عبد الله رشاد وحفظه للتراث السعودي ولغة خالد عبد الرحمن الخاصة، وطيبة عبد المجيد عبد الله.

يكفي فقط ان تعيش اغنياتنا في النبض وان تشعل فينا الاحساس من الوريد الى الوريد.

لو استمع الباشا الى روائع دكتور الموسيقى عبد الرب ادريس وغاص في بحر الاغنية السعودية لاكتشف ان «ليلة» تساوي الف ليلة وليلة وان الاغنية الخليجية هي آخر ما توصل اليه علماء الاجنة الغنائية بعيداً عن الاستنساخ والكلمات الماسخة.

يكفي انها وصلت الى حدود تطوان ورددها الاطفال الموريتانيون وهيجت مشاعر التوانسة.

كنت اتمنى من الباشا ان يقارن بين اعمال نوال الكويتية ونوال الزغبي، فحتماً سيجد الفرق الشاسع بين اهتزاز الأجساد واهتزاز المشاعر. او يستمع الى احلام الاماراتية ويقارن اعمالها بأعمال نجوى كرم فيكتشف الاحساس بين «عايش حياتك» و«ولدنه».

الأغنية الخليجية مثل النفط تربك سوق الاغنية العربية، ومثل القرش الأبيض الذي ينفع في يوم الاغنية الأسود، ومثل الرصيد في البنوك الاميركية.

الاغنية الخليجية التي تتهافت عليها المطربات اللبنانيات ليس من اجل سواد عيونها وانما من اجل نجاحها وانها اقصر الطرق المؤدية الى الشهرة وبوابات تفتح القلوب.

إذن اين الباشا من ابداعات الاماراتيين وشفافية القطريين وتألق الكويتيين؟ اعتقد انها لن تسقط بين الأرجل ولن تخرج كاملة الاعضاء اذا شرحتها مختبرات ومعامل تفريخ المطربين وملاهي برمانا والكسـليك.

نعم، هناك تخوف من التطور «الفياغري»، وكما يقول فنان الاحساس عبادي الجوهر «احيانا اسمع اغنية سعودية فأجدها غير سعودية او قد تكون الكلمات سعودية، انما لا الجملة اللحنية ولا الايقاعات ولا التوزيع لها له علاقة بالسعودية».

نعم هناك خطر بدأ يتغلغل في نبض الاغنية السعودية مما قد يؤثر عليها مستقبلا وبالتالي ستفقد هويتها والبركة في اصوات بعض الذين يحلمون بالعالمية.

لكن ما هو الحل اذا كان تيار العولمة بدأ يصعق الاحساس واصبح الغناء للسيقان وهز الوسط من شروط جوائز عمرو دياب العالمية.