إيناس الدغيدي

م. ر

TT

«متى كانت المخرجة إيناس الدغيدي مسؤولة عن تقديم صورة مصر في الغرب؟»، كتب أحد الصحافيين المصريين متسائلا في إحدى المجلات في الأسبوع الماضي وأكمل بمقال من صفحتين تحت عنوان «إيناس الدغيدي تدافع عن سمعة مصر على طريقة (مذكرات مراهقة)». كل ذلك لأنها اشتركت في ندوة دنماركية تمهيدا للاشتراك في مشروع مسرحي يهدف، حسب الصحيفة، لتعريف المجتمع الأوروبي بعادات وأساليب الحياة في الشرق.

الذي يستوقف القارئ أشياء كثيرة منها أن ايناس الدغيدي مصرية صميمة لكنها منذ مدة وهي مثار اتهامات وانتقادات من مصريين صميمين ايضا مفادها التشكيك في وطنيتها كونها تحقق أفلامها بقدر من الجرأة. لم أشاهد «مذكرات مراهقة» لكني شاهدت عددا من أعمالها، بعضها دون مستوى البعض الآخر.

الى ذلك، هناك الاستهجان من أن تقوم ايناس الدغيدي بتقديم صورة ايجابية في الغرب، كما لو أن ايناس سوف تقف في مكانها وتهاجم مصر والسينما المصرية والرقابة وتنتقم من عدو كانت تكرهه وتعيش في أحضانه في ذات الوقت. ايناس لن تفعل ذلك لأنها، ككل مصري، متيّمة بمصر. وقبل بناء موضوع صحافي كامل على افتراضية أنها لن تجيد الحديث عن مصر، الم يكن من الأفضل انتظار النتائج؟ بل الفرح لها لأنها ستناقش قضاياها من على منصة عالمية؟

ثم هناك سطر لاحق في المقال حول سمعة مصر التي «بهدلها» الحاج متولي على الـCNN بذلك يفترض الكاتب أن كل شيء كان على ما يرام الى أن عرضت المحطة الأميركية مقابلة مع نور الشريف او عرضت نصف دقيقة من المسلسل المشهور. ما هذه الافتراضات؟ العالم لم يعد يُدار بهذه الطريقة ولا المقالات تكتب بهذا الشكل.

ثم ما حكاية ضيق الصدر هذه كلما أقدم أحد على تقديم فيلم ناقد قليلا، جارح قليلا، ويحاول طرح موضوع للبحث والنقاش. هذا المحامي يرفع قضية، وهذا النائب يهدد، وذلك الطبّاخ يثور.. ما معنى الفن وما قيمة الفنان اذا ما كان عليه أن يتلقى تعليماته من كل مخلوق غيره باستثناء نفسه؟ من قال انه صادق في كل مرة؟ من قال انه لا يخطئ؟ ثم من قال ان ما يراه ملزما؟ لكن اعطوه فرصة ليدلي بدلوه ويعبّر عن نفسه بحرية. الفنان قد لا يصيب، لكنه على الأقل يحرك بعض ما تحتاجه حياتنا من تحريك. يطرح السؤال وينظر في الناس باحثا عن إجابات. وحتى اذا ما تطوّع بإجابة، فإنه لا يدعي أنها لسان حال الناس.

لم أقصد التحدث عن مقالة معينة، فالصحف العربية كلها مليئة بمقالات فنية ليست دقيقة، لكنها كانت مفتاحا للدفاع عن إيناس الدغيدي كسينمائية، أعجبتني افلامها ام لم تعجبني. فلو وجدت الدفء بين مستقبلي أفلامها لتطوّرت ونمت وتواصلت مع الرأي المناقض لها وتأثرت به في الوقت الذي أثرت.