«العروبة» ويوري مرقدي: وجهان لعملة مختلفة

TT

فتاة تتمايل على انغام موسيقى مدججة بآلات غربية، تعانق يوري مرقدي ذا النظارتين الحمراوين والشعر الاشقر والوشم الذي يمتد حتى عنقه. وتبدو في الخلف فرقة موسيقية ترافقه في العزف «الهستيري»، بينما تتسلل الى الآذان كلمات عربية فصحى يتغنى من خلالها بحبه لامرأة عربية الاصل والجذور.

صورة مكررة للأغاني المصورة التي تقذفنا بها الشاشات يومياً وبمعدل يفوق التوقعات، الا ان هناك اضافة يجب التوقف عندها وهي «المرأة العربية» او بتعبير أدق إقحام مرقدي صفة «العروبة» يميناً ويساراً في مضمون خاو من اي اشارة لها الا اذا باتت الميوعة التي تطاول الاداء والمظهر والسلوك المرادف لها. ففي زمن يتنافس فيه «أرباب» الاغنية العربية على إصدار الالبومات ويتسابقون للوصول الى المراتب الاولى في قائمة الاغاني، كان لا بد من التفكير بتميّز عن هذا الجوّ ولو كان الاختلاف لن يجرّ الا البلاء لصاحبه. فقرّر الفنان يوري مرقدي الغناء باللغة الفصحى وهو الذي ولج طريق الفن «بالصدفة» بعد النجاح الذي لاقته اغنية «عربي انا» الزاخرة بالأخطاء اللغوية الفادحة، لكن الفصحى لم تحل دون اعتماد مرقدي على الحان ذات ايقاع غربي وضربه «عصفورين بحجر واحد» باستخدام لفظ يحرّك المشاعر فالمغني يشير الى هويّة تعاني من حالة صراع في اغنية «عربي انا» على الرغم من انها اغنية عاطفية وبعيدة كل البعد عن الاغاني الوطنية، التي لا تستذكرها الاذاعات الا لدى وقوع المآسي المخيمة على تاريخنا العربي المعاصر.

ونجحت «لعبة» مرقدي في الوصول بهذه الاغنية الى المراتب الاولى، وافرد لنفسه مكانة في هذه «الفوضى» الغنائية واحتل شاشات التلفزة بسلسلة من المقابلات، اعطته طابع «البطل المتميّز» وروجته ليصبح نجم اعلانات وبأسعار خيالية بعد ان ساهمت بسرعة قياسية في حفظ الجمهور للأغنية وانما لفترة الا انهم سرعان ما اسقطوها من ذاكرتهم فكان لا بد من اعادة هذه «الضربة الفنية» مع اغنية «المرأة العربية» في البوم اطلق عليه اسم «حبس النساء» (لمزيد من الترغيب). فتناول مرقدي فصول حبّه لامرأة عربية الاصل والجذور، بكلمات غير مترابطة على شاكلة «امرأتي انا عربية وام ابيها عربية» اراد تصويرها في الاغنية دمية تتراقص على انغام الموسيقى وآلة تستجيب لرغباته في استفزاز واضح لمشاعر المشاهدين وبدأت الاغنية تشقّ طريقها لتلحق بزميلتها السابقة فتدخل ذاكرة الجمهور بسرعة لتخرج بسرعة كما اي سلعة استهلاكية. وهكذا لم نعد ندري ماذا في جعبة مرقدي من مفهوم يغزو به ساحة الغناء بعد «العروبة».