منال محيي الدين عازفة الهارب بأوركسترا القاهرة: الهارب آلة فرعونية تردني دائما إلى طفولتي

TT

اشتهرت آلة الهارب عند الفراعنة، وحملت نقوشهم ورسوماتهم المتعددة على جدران المعابد والمقابر صوراً لهذه الآلة، وهي تقود طقوسهم الدينية واحتفالاتهم الوطنية.

ونظراً لارتفاع ثمن آلة الهارب قل مستخدموها وأصبحت من الآلات النادرة التي قلما توجد في أي اوركسترا، بل أصبحت صفة من صفات التمايز التي تحرص على وجودها الأوبرات العريقة في العالم. حول آلة الهارب، نشأتها وجمالياتها الموسيقية، كان هذا الحوار مع عازفة الهارب بأوركسترا القاهرة الفنانة المصرية منال محيي الدين. تقول منال: آلة الهارب من أقدم الآلات في التاريخ فهي ظهرت في مصر في الحضارة الفرعونية، فأساس فكرتها تعتمد على تجويف الخشب وتجفيفه نهائيا ثم تشد عليه الأوتار فتصدر رنينا، فهذه الآلة كانت تتوظف في الطقوس الدينية في المعابد والاحتفالات مع الرقص، ومع تأثر الحضارات ببعضها بعضا تنقلت الآلة وظهرت في حضارات أخرى مثل الحضارة الآشورية وحضارة ما بين النهرين ثم ظهرت في آسيا ثم عند الاغريق الذين صنعوا آلة مشابهة تسمى «آلة اللير» ثم انتقلت الى الرومان ومنها الى أوروبا حتى أصبحت من الآلات الكلاسيكية الأوروبية الشهيرة المهمة وجودها في الاوركسترا والعزف المنفرد.

* لماذا اخترت الهارب للعزف عليها؟

ـ آلة الهارب لها خصوصية شديدة جدا، فتنقسم الآلات الى وترية ولآلات خشبية ولآلات نفخ نحاسية وأيضا البيانو، فالهارب يعتبر من الآلات النبرية مثل القانون ولكن ليس له شبيه في الآلات الكلاسيكية فهي آلة فريدة غير منتشرة، أما من حيث اختياري لها فأنا التحقت بالكونسرفتوار وعمري 10 سنوات والفضل يرجع الى والدي الدكتور محيي الدين حسين الذي يعتبر من رواد فن الخزف، وكان يهوى العزف على العود والكمان، وقد لاحظ حبي للموسيقى فشجعني على دخول هذا المجال ثم اختارتني الاستاذة ناهد ذكري للدراسة والعزف معها فهي التي وجهتني لدراسة آلة الهارب نظرا لما لمسته فيّ من استجابة وفهم سريع للآلة، وحين أبدأ العزف على الهارب وأتلمس أوتارها أحس بأنني أعود الى طفولتي.

* هل اعتمدت على الموهبة، أم بالدراسة الخاصة؟

ـ الموهبة في كل الفنون هي الأساس لكن درجات الموهبة مختلفة عند كل الناس. هناك الموهبة الظاهرة القوية وهناك موهبة تحتاج الى مجهود لظهورها، ولكن في حالتي كانت موهبتي ظاهرة وملحوظة عند كل ما يحيطون بي، فمنذ سن 12 ـ 13 سنة اتضح لي ان الموسيقى سوف تكون تخصصي وبالتالي أصبح تركيزي كله في الدراسة على الهارب والموسيقى.

* أحلامك مع آلة الهارب هل تحققت؟

ـ الحمد لله كثير من أحلامي تحققت فكان من أهم أحلامي هو امتلاكي لآلة الهارب وكان هذا الشيء صعب نظرا لارتفاع ثمن الآلة الذي كان يبلغ 60 ألف جنيه وهذا كان عكس امكانياتي، ولكن تحقق هذا الحلم بعد سفري الى المانيا اربع سنوات منحة من الحكومة الالمانية بعد الانتهاء من البكالوريوس، فاشتريت الآلة وأيضا أخذت أعلى شهادة في هذا التخصص هي الدبلومة وهي شهادة تعادل الدكتوراه.

ولكن أحلامي التي أسعى الى تحقيقها هي انتشار الآلة على مستوى الجمهور العادي ومعرفته بها، فالآلة تلقى إعجابا من جمهور الموسيقى الكلاسيكية فقط ولكن هدفي الأساسي هو معرفة الناس بها، ولذلك بدأت في الاشتراك بالآلة في عدة فرق تقدم الموسيقى الشرقية مثل فرقة فتحي سلامة وفي فرقة الفنان عمر خيرت وأيضا أنا عضو مؤسس في فرقة بنات النيل فأصبح هناك جمهور يحضر ليسمع العزف على آلة الهارب.

* هل اخذتك الهارب من حياتك الخاصة؟

ـ حتى الآن لم أرتبط بعد، ولذا فان معظم وقتي لعملي، فظروفي تسمح لي بذلك فأنا متفرغة أكثر للعمل والفن والموسيقى، ولكن عند تغير هذه الظروف فسوف أحرص على تنظيم وقتي بين حياتي الخاصة والعمل. أيضا لي مجموعة من الاصدقاء في مختلف المجالات يأخذون جزءا من وقتي، كما انني مرتبطة معهم وبخاصة والدتي ووالدي.

* ما هو انطباعك حول الحفلات والمهرجانات المحلية والدولية التي اشتركت فيها؟

ـ اشتركت في كثير من الحفلات والمهرجانات ثم انني كثيرة السفر بمفردي أو مع الفرق المشتركة لتمثيل مصر في الخارج سواء عن طريق وزارة السياحة أو وزارة الثقافة، وكانت آخر الرحلات الى اميركا مع معرض الآثار الذي سيجوب اميركا لمدة 5 سنوات لعرض قطع آثار من المتحف المصري هناك، ثم من اميركا الى جنيف حيث مثلت مصر في المؤتمر الدولي للهارب، ويعقد هذا المؤتمر كل 3 سنوات في مكان مختلف، وقد نلت إعجابا خاصا من الجمهور في كل هذه الرحلات.