حديث السينما اللبنانية

م.ر

TT

ـ بلد خرج من حرب ضروس والمؤسسات الخاصة والعامة معطلة تماما او شبه جامدة الى مرحلة بناء لم تنته تحدها مصاعب مالية وظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية صعبة.

ـ بلد لم يشهد يوما في تاريخه اكتمال المقوّمات الضرورية لصناعة سينمائية. ـ بلد بدا أشبه بستوديو طبيعي لأفلام مصرية وأوروبية وأميركية قليلة التكاليف تحط فيه. تصوّر في أيام معدودات ثم ترحل وتعكسه كما تريد.

ـ بلد وعد كثيرا، لكنه أخلف الوعد أكثر من مرة كذلك تبعا لقصور الوضع الإنتاجي ولغياب الدعم الحكومي في السابق.

الى ذلك، هذا بلد يعشق السهر في المطاعم والملاهي ويشاهد الكثير من الأفلام على الفيديو وحين تعرض أفلام لبنانية، فإنه ـ في كثير من الأحيان ـ يغفلها ويدخل الأفلام الأميركية واثقا من أنها لن تشغل باله وتطلب اهتمامه بل ستسرق، برضاه، وقته لا أكثر ولا أقل.

لكن هذه السينما موجودة. تفيق من نومك. تفتح النافذة فتشاهد زهورها وبراعمها من أمام النافذة وحتى الأفق العريض. مخرجون وممثلون وكتاب من جيل جديد متعدد الاهتمامات والأهداف. معظمهم جديد. صحيح أن بعض هؤلاء سيختفي تبعا لسبب او ظرف او آخر، لكن العدد سيحافظ على مستواه لأن هناك إضافات جديدة كل سنة. والعدد ليس مهما في نهاية المطاف. المهم النوعية والنوعية مع الكثير من السينمائيين اللبنانيين، جددا كانوا أم قدامى، يحملونها في رؤوسهم وفي صدورهم ويعبّرون عنها في أكثر من اسلوب وثقافة. النوعية هي سلاحهم الى التفوق والتميّز والسعي للإجادة.

كل عام هناك فيلم روائي طويل (او أكثر) لمخرج جديد. وكل عامين او ثلاثة يتسنى لمخرج سبق له أن قدّم أفلاما من قبل معاودة الكرّة وتحقيق فيلم جديد. وكل عام هناك تظاهرات ومهرجانات واحتفاءات. ودائما هناك السعي المتواصل لاجتياز كل المصاعب التي يعلم السينمائي اللبناني كيف تحيط به محاولة الحد من طموحه وإحباط عزيمته.

لقد عمدت قصدا أن لا أذكر أسماء، لأن الموضوع ليس موضوع من ومن لا، بل موضوع حالة حاضرة تسترعي الاهتمام وتستدعي قيام الدولة اللبنانية ببحث امكانيات الاستفادة من هذه المواهب على النحو الصحيح. هناك الآن وزارة ثقافة ولديها طموحات وبضعة انجازات، لكن مساندة الوزارة بما يلزمها لتأمين تأسيس لبنة صحيحة وعجلة عمل دائمة في هذه المرحلة ستنعكس على الحكومة ذاتها، ثم على البلد بأسره، بما تتطلبه في هذه المرحلة من نجاح إعلامي وفني وثقافي لبلد يجب أن لا ننسى أنه كان دائما جميلا وحاضرا بمواهبه وبثراء شعبه .