أفلام عربية حديثة

TT

هناك قدر كبير من التأمل في الوضع السياسي المصري العام يعكسه فيلم محمّد كامل القليوبي الجديد «خريف آدم». هذا الوضع السياسي يحتل الخلفية طوال الوقت بينما ينشر المخرج في المقدمة قصة فردية بكلمات موجزة وبشخصيات قليلة. والمزج بين الخلفية وما يرتسم على الواجهة الأمامية فعّال وإن لم يكن مثاليا.

هذه قصة ثأر لا تشبه اي قصة ثأر قدمتها السينما المصرية من قبل. في حفلة زواج ابن آدم، يطلق مجهول من عائلة معادية، النار على العريس فيرديه. الأب آدم (هشام عبد الحميد) يقرر الانتقام لكنه لا يسارع به على الرغم من زوجته الثكلى وولده الغاضب وأقاربه الذين يحثونه كل يوم.

اذ تنطلق الحكاية من أواخر الأربعينات، يتيح المخرج للمشاهد امكانية استقبال حدثين معا: الوضع الفردي الذي يداهمه، والوضع العام الذي انعكس من خلال الحرب العربية ـ الإسرائيلية الأولى. الربط بين العجز الفردي والعجز السياسي العام يبقى ماثلا طوال الوقت والقليوبي يصيب في استخراج ايحاءاته ومعالجة قضيته من دون صخب او استعراضات قوّة لا لزوم لها. طوال الفيلم هناك ذلك التساؤل حول مصير آدم ومتى يقدم على الأخذ بالثأر اذا ما كان سيأخذ بالثأر فعلا، فهو يعرف ممن يريد الإقتناص. مشكلته أنه لا يزال طفلا صغيرا وأن العادات الغارقة في القدم تعيب أن يقوم المنتقم بقتل طفل او امرأة. عليه أن ينتظر لا أن يكبر شأن الولد، ابن القاتل المفترض، فقط، بل أن ينتظر ايضا حفلة عرسه ليكون الانتقام كاملا ونموذجيا.

آدم لا يفصح عما ينويه وهو يبقي أقرب الناس اليه والمشاهدين على حد سواء في تساؤل. لكن طول المدة التي تمر على فعل الانتقام يتيح للفيلم المضي قدما في تعرّضه للحروب العربية ـ الإسرائيلية كافة من هزيمة 1967 الى حرب .1973 وهما، الفيلم ومخرجه، لا يبدوان فرحين بانتصارات أكتوبر 1973، كما لو أن الأمر لم يعد سوى إنتصار عسكري يمنع الفرح به سقوط الضحايا والشهداء في الحربين السابقين، اما الجبهة الداخلية فهي لا تزال، في عرف الفيلم، منهزمة أمام سطوة التقاليد وعجز الفرد على تغيير موضعه من التاريخ بأسره.

التمثيل كما هو متوقع منه رصين وجيد انما من دون تميّز فعلي. كذلك العودة الى مشاهد بعينها مثيرة الشعور بالتكرار والاستماع الى لازمة موسيقية (من راجح داوود) كل خمس دقائق في الساعة الأولى يحجّمان جهود الفيلم عموما.