المخرج اللبناني أسد فولادكار: ضعف الإمكانيات حصر تصوير الفيلم بـ15 يوما فراهنت على السيناريو

TT

استطاعت الافلام اللبنانية ولأكثر من مرة الفوز بجوائز عالمية. فالسينمائيون اللبنانيون برهنوا بعد الحرب وعلى الرغم من ضآلة الانتاج والمصاعب التي تلف عالمهم إثبات أن السينما، سينما الانسان، ما زالت ممكنة في لبنان. وتجربة المخرج اسد فولادكار مع انها الاولى لم تشذ عن هذه القاعدة.

«لما حكيت مريم» قصة انسانية لم تتطرق اليها الافلام اللبنانية من قبل، حصرت خلالها الشخصيات بممثلين هما برناديت حديب وطلال الجردي، وانجز التصوير في خمسة عشر يوماً ذلك لأن اليوم السادس عشر كان سيرفع الكلفة، غير ان هذه الظروف لم تحل دون مشاركة الفيلم في مهرجانات عديدة ونيله ثماني جوائز توزعت كالتالي:

جائزة افضل فيلم روائي طويل في مهرجانات كليفلاند واريزونا ومونبيليه والاسكندرية وجائزة الجمهور في فيزول (فرنسا) ضمن مهرجان السينما الآسيوية، فضلاً عن جائزة التوزيع في مونبيليه وجائزتين للممثلة برناديت حديب عن دور مريم في الفيلم. «الشرق الاوسط» التقت فولادكار على هامش التحضير لاطلاق الفيلم في احدى صالات بيروت وسألته عن مغامرته السينمائية الاولى، فأشار الى انه اراد طرح موضوع المرأة العاقر بعيداً عن تكرار قصة الحرب الاهلية اللبنانية التي طالما شكلت محوراً لمعظم الافلام اللبنانية. ويوضح «هناك حاجة للهروب من الواقع الصعب الى الرومانسية، فحتى في أحلك ايام القتال كان هناك اناس تحب وتتزوج وآن الاوان لكي نرى لبنان من وجهة نظر اخرى. طرحت محاولة لتصحيح فكرة سائدة عن الموضوع لأصارح الناس معها، فمريم (برناديت حديب) هي ضحية لان غيرها يريد لها هذا الواقع، ولأن هذا الغير هو ايضاً ضحية المجتمع والافكار السائدة فيه». وعن رسالة تعدد الزوجات التي ترد خلال الفيلم يوضح فولادكار «ان مريم الزوجة تبدأ التنازل عن حقوقها شيئاً فشيئاً حتى تصل الى مرحلة طلب يد فتاة اخرى لزوجها. فمن ناحية تريد المحافظة على زواجها ومن ناحية اخرى الطلاق هو حل غير مرغوب به في لبنان، ونرى ان مسألة تعدد الزوجات لا تحصل الا في حالة عدم انجاب الزوجة على الاقل في لبنان».

اما عن معالجة الموضوع من خلال الثقافة الاسلامية يقول فولادكار «ان اختيار مريم مسلمة ومتدينة كان اساسياً في الفيلم على الرغم من ان شيئاً لم يطرح عن الديانة الاسلامية خلال القصة الا ان البعد الايماني في الشخصية الرئيسية كان مقصوداً. فمريم امرأة تدرك خياراتها. وعندها حب دون مقابل لخالقها، وهي تشعر بالشفقة ليس على نفسها بل على زوجها لانها لم تنجب له. وفي المقابل يظهر الرجل خاضعاً لقانون المجتمع الذي يلزمه بخيارات معينة».

ويشدد فولادكار ان عدم اقتناعه في بادئ الامر بالممثلة برناديت حديب لأداء دور مريم كان بسبب مظهرها الذي يوحي انها طالبة جامعية وما كان يتصوره عن الممثلة التي ستؤدي هذه الشخصية غير ان الاحساس الذي اعطته حديب خلال التجربة جعله يغيّر رأيه.

وعن استخدام تصوير الفيديو ديجيتال في الفيلم يشرح انه لم يكن يملك الخيار. وفي ظل ضعف الامكانيات حصر السيناريو بشخصيتين رئيسيتين وعدد قليل من الممثلين الثانويين، كاشفاً ان هذه الطريقة (فيديو ديجيتال) هي مغرية لاي مخرج يقتنع بسيناريو ولا يضطر للانتظار سنوات حتى ينفذه، مضيفاً ان ضآلة الانتاج حصرت تصوير الفيلم بـ 15 يوماً والمعدات بكاميرا لذلك انصب الاهتمام على السيناريو وكان رهاناً ناجحاً.

ويشير فولادكار ان عمله كأستاذ في الجامعة اللبنانية الاميركية سمح له باقناع الادارة بالمشروع والمشاركة في انتاجه، فما منحه حلاً للتمويل من ناحية وللقيام بأفلام سينمائية الى جانب وظيفته، لافتاً الى ان هناك عدداً من السينمائيين الحقيقيين يحاولون بناء سينما لبنانية اختصر دورها في فترة الستينات وحصر بلقاء مطربة معروفة مع منتج حتى يولد الفيلم، اما اليوم فالكل يعمل لتأسيس ثقافة سينمائية لبنانية.