عاطل عن العمل

م.ر

TT

ككل القرارات والأفعال العربية، فان تفعيل صياغة انتاجية وتوزيعية خاصة بالسينما العربية من المغرب وحتى الخليج العربي أمر مفقود تماما. قرار لم يتخذ ولا يبدو أن أحدا يفكر به كحل لمشكلة خروج السينما العربية من دوامتها والانطلاق محليا وعالميا.

مثل هذا القرار يمكن أن يأتي كجزء من خطة رسمية بين مسؤولي الاعلام العرب او كخطوة من جانب الجامعة العربية، كما يمكن أن يأتي نتيجة اقدام عدد من المستثمرين الذين يدركون أن هناك الكثير مما يمكن جنيه اذا ما تم ترتيب أمر هذا البيت الجغرافي العربي ترتيبا صحيحا.

المشكلة هي أن المستثمر يواجه وضعا خاصا به يمنعه من الاشتراك بالعمل السينمائي الا اذا كان قد ارتبط به ارتباطا وثيقا منذ البداية وفي عاصمة مثل القاهرة لديها عراقة في هذا المجال. تستطيع أن تغري المستثمر بشراء بناية او ببنائها لأنها نوع من واحد + واحد يساوي اثنين، لكن بالنسبة للأفلام فان واحداً زائد واحد ربما يساوي أحد عشر او أقل من ذلك او أكثر. أقصد أن الفارق حقيقة أن البناء التجاري او السكني، او اي مشروع شبيه، هو أمر واضح للعيان وهناك خبرات عديدة فيه تفهم في اختيار الموقع وفي هندسة المشروع وكيفية رد كلفته في أقل وقت ممكن. اما الخبرات المطلوبة لدخول مجال الانتاج او التوزيع السينمائي (او كليهما معا) وعلى نطاق فاعل يشمل الامكانيات المحتملة داخل وخارج العالم العربي فهي قليلة، وهي التي لا تملك ما يكفي لشراء مقعد في صالة، على قول أحد أصحاب صالات السينما ذات مرة.

وهناك مشكلة أخرى لها علاقة باليقين العربي تجاه الصورة المتحركة.

تصوّر مثلا لو أن الجامعة العربية خصصت ركنا من نشاطاتها للسينما، ماذا ستكتب الصحف عنها؟ تستطيع أن تتخيل العناوين الكبيرة وكلها نوع من التشنيع والسخرية، لأن السينما ما زالت تعتبر في عقول متوزعة في شتى أنحاء صناعة الاعلام والصحافة والثقافة بأنها عملية أدنى مستوى من أن تصنف ضرورية ومهمة وحيوية للثقافة والفن ونمو المجتمع. على هذا المنحى فان وزارات السينما في اوروبا كلها على خطأ، وتجهل انها على خطأ.

والى أن يتم حل معضلات صغيرة ـ كبيرة مثل هذه، فان السينما العربية أشبه بموهبة عاطلة عن العمل وربما على طول.