حصاد سينما 2002 : اللمبي يفضح سينما الشباب .. والنجمات الجدد: لم ينجح أحد .. والنجوم الكبار ينافسون على استحياء

TT

ها هو عام 2002 قد قارب على الانتهاء، ساعات ويبدأ عام جديد، يبدأ في تدوين سطور جديدة في ذاكرة السينما المصرية. ولكن هل يستطيع العام الجديد ان يأتي بفيلم يحدث هزة بين صناع السينما كما فعل «اللمبي»؟ الايام وحدها القادرة على ايجاد اجابة لهذا التساؤل.

وعلى الرغم من كل الانتقادات التي وجهت لفيلم «اللمبي» من حيث مستواه الفني وأداء الممثلين فيه، وموضوع الفيلم، الا انه كان صاحب أعلى الايرادات بين أفلام هذا العام، حيث حقق 27 مليون جنيه على غير المتوقع حتى من جانب منتج الفيلم ومخرجه والعاملين فيه، ونجح اللمبي في ان يضع القائمين على صناعة السينما ونجومها في مأزق لا يعرفون كيفية الخروج منه. واذا كان اللمبي قد استطاع ان يعبر عن تلك الطبقة فإنه نجح ايضا في تجسيد حالة التوهان التي يعيشها الكثير من شباب هذا الجيل حتى ابناء الطبقة الوسطى، والغنية ايضا، شخصية اللمبي سبق وقدمها المخرج شريف عرفه والكاتب احمد عبد الله ضمن سياق فيلم «الناظر» الذي لعب بطولته علاء ولي الدين حيث نجح محمد سعد في لفت الانظار اليه من خلال ادائه لهذه الشخصية والتي بدت مختلفة عن الشخصيات التي اعتاد نجوم الكوميديا على تقديمها فصفق الجمهور لمحمد سعد الذي قدم نمطا مختلفا كانت الناس في حاجة اليه، لقد نجح فيلم اللمبي في تأكيد العلاقة بين السينما والوضع الاجتماعي والسياسي لاي مجتمع فجاء اللمبي معبرا عن الاحباطات والاحلام المؤجلة لشباب الوطن العربي. كما شهد هذا العام تراجعا في عدد الافلام المعروضة حيث تراجع عدد الافلام المنتجة ليصل الى 27 فيلما في حين ان عدد الافلام التي انتجت في عام 2001 كانت 32 فيلما، هذا التناقض في عدد الافلام المنتجة لم يكن متوقعا وبخاصة بعد ان اعلنت كل من الشركة العربية للانتاج السينمائي وشركة الفن السابع وهما الشركتان الرئيسيتان للانتاج السينمائي في مصر عن خطة طموحة في مطلع عام 2002 لإنتاج عدد هائل من الافلام المتميزة لإنعاش الانتاج السينمائي في مصر. ولكن رغم هذه التصريحات الا ان حالة الركود الاقتصادي طالت الافلام السينمائية فتقلص الانتاج السينمائي وبخاصة بعد ان منيت الشركة العربية بخسائر فادحة بعد انتاجها لعدد من الافلام التي لم تحقق ايرادات تذكر، ولهذا توقفت عن انتاج عدد من الافلام كانت قد شرعت في انتاجها مثل فيلم «باحب السينما» الذي تلعب بطولته ليلى علوي ومحمود حميدة عن إكماله خوفا من الخسائر المادية المحتملة، والى جانب هاتين الشركتين توقع السينمائيون خيرا في مطلع العام الماضي بعد انشاء جهاز السينما التابع لمدينة الانتاج الاعلامي والذي يرأسه ممدوح الليثي والذي كان قد اعلن عن انتاج عدد من الافلام، ولكن تمخض الجبل فولد فأرا. فلم ينتج الجهاز سوى «معالي الوزير» بطولة احمد زكي ويسرا ولبلبة وهشام عبد الحميد.

واذا القينا نظرة بانورامية على الانتاج السينمائي لهذا العام سنلاحظ ان السينما قدمت افلاما لمخرجين من اجيال مختلفة فكان هناك فيلم «العشق والدم» للمخرج الراحل اشرف فهمي وهو من جيل الستينيات، وجاء علي عبد الخالق بفيلم «صيد الحيتان» وعرض سمير سيف فيلمه «معالي الوزير» وقدم علي بدرخان فيلم «الرغبة»، والثلاثة ينتمون لجيل السبعينيات.

اما جيل الثمانينات فعبر عنه فيلم ايناس الدغيدي «مذكرات مراهقة» و«النعامة والطاووس» و«خللي الدماغ صاحي» لمحمد أبو سيف، و«مافيا» لشريف عرفه، و«اختفاء جعفر المصري» لعادل الاعصر و«قلب جريء» لمحمد النجار وجاءت عن افلام «شباب على الهواء» لعادل عوض، وفيلم «بدر» ليوسف منصور، و«حرامية في كي جي 2» لساندرا نشأت و«الساحر» لرضوان الكاشف، و«بركان الغضب» لمازن الجبلي و«صاحب صاحبه» لسعيد حامد و«سحر العيون» لفخر الدين نجيده، لتعبر عن مخرجي جيل التسعينيات.

واذا كانت هذه ملاحظة على مخرجي الافلام هذا العام الا انها عبرت عن تواصل الاجيال، وبزوغ نجم شباب من المخرجين الجدد، مثل شريف مندور الذي قدم اولى تجاربه الاخراجية في فيلم «الرجل الابيض المتوسط» ورامي امام، الذي اخرج فيلم «أمير الظلام» ووائل احسان في فيلم اللمبي، ومحمد ياسين في فيلم «محامي خلع».

ورغم سيطرة نجوم السينما الشباب على الافلام مثل احمد السقا ومحمد هنيدي، وهاني رمزي واشرف عبد الباقي وكريم عبد العزيز الا ان نجوم السينما الكبار دخلوا المنافسة على استحياء، فعرض لمحمود عبد العزيز فيلمان هما «الساحر» و«رحلة مشبوهة»، بينما اقتحم عادل امام الساحة في منتصف يونيو بفيلم «أمير الظلام» ولحق احمد زكي قبل نهاية العام بركب العرض بفيلم معالي الوزير وشاركت الهام شاهين ونادية الجندي بطولة فيلم «الرغبة»، كما عرض فيلم «اختفاء جعفر المصري» لنور الشريف وحسين فهمي، ورغم ذلك لم يستطع احد من كبار النجوم تحقيق ايرادات حقيقية في دور العرض سوى النجم عادل امام الذي حقق فيلمه «أمير الظلام» 9 ملايين جنيه بينما لم تتجاوز باقي افلام كبار النجوم حاجز الــ 3 ملايين جنيه ايرادات، واذا كانت الايرادات هي الاختبار الحقيقي لجماهيرية النجم، فانها ايضا تمثل التعبير الدقيق عن مدى رغبة الجماهير في رؤية وجوه جديدة تتناسب وروح العصر.

اما الظاهرة اللافتة للانظار فكانت تراجع ايرادات هنيدي وأشرف عبد الباقي في فيلم «صاحب صاحبه» للمخرج سعيد حامد فلم يحقق سوى 8 ملايين جنيه فقط واللافت للنظر هو عدم استخدام امكانيات اشرف عبد الباقي بأسلوب صحيح فقد كان مساعدا لهنيدي ومهيئا للضحك فوقع عليه عبء التمثيل ووقع على هنيدي عبء الاضحاك، وكان خطأ سعيد حامد في فيلم «صاحب صاحبه» انه امسك العصا من المنتصف في كل شيء فقد حاول المزج بين الواقعية والفانتازيا، وبين الجدية والتهريج، وامتلك نصف الجرأة ففقد مفاتيح النجاح التي صاحبته في افلام اخرى له مثل «جاءنا البيان التالي». وهو ما حدث بشكل آخر مع محمد فؤاد، واحمد آدم في فيلم «هو في إيه» اللذين حاولا الاعتماد على الافيهات لانجاح فيلمهما الذي اعتمد على جماهيرية محمد فؤاد، بعد عدة تجارب سينمائية فاشلة لأحمد أدم الذي اثبت انه لا يستطيع الصمود بمفرده في ساحة المنافسة.

وجاء فيلم «مافيا» ليبهر الجماهير المصرية ويقدم لها احد افلام الاكشن على الطريقة الاميركية التي تسعى لإبهار المتفرج من خلال تقديم قضية وطنية تحمل معاني الانتماء للوطن ومحاربة المخططات الصهيونية ونجح احمد السقا في تدعيم شعبيته كفتى اول ساعده في ذلك لياقته البدنية وخفته في تقديم دور المجرم الذي يساعد رجال الامن المصريين وكان البطل الحقيقي للفيلم في رأي المخرج شريف عرفة وفريق الفنيين معه، سامح سليم مدير التصوير ومحمود بركة مهندس الديكور والمونتير معتز الكاتب ورغم ذلك كان الفيلم خاليا من الفكر والعمق.

وفي الوقت الذي نجح فيه كريم عبد العزيز في اثبات وجوده كنجم سينمائي قادم وبقوه في فيلم «حرامية في كي جي 2» فشل خالد النبوي في تحقيق ذلك في فيلمه «تايه في اميركا»، حيث اثبت خالد انه تائها في السينما المصرية بصفته احد ضحايا سينما يوسف شاهين الذي قدمه بطلا منذ 9 سنوات في فيلم المهاجر ثم كبطل ثان في فيلمه «المصير».

ورغم عدم تحقيق فيلم «الساحر» ايرادات عالية، حيث لم يحقق سوى مليوني جنيه الا انه نجح في اقتناص جائزة معهد العالم العربي لمحمود عبد العزيز كأحسن ممثل، كما حصل احمد زكي على جائزة احسن ممثل عن فيلم «معالي الوزير» في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الاخيرة.

* نجمات على الهاوية

* الظاهرة اللافتة للانظار هي انه على الرغم من نجاح الفنانين الشباب الا ان نجمات السينما الشابات مثل منى زكي وحنان ترك وحلا شيحة لم يتجاوزن حدود البطولة الثانية واثبت العام المنصرم انهن غير قادرات على حمل بطولة فيلم بمفردهن، كما حدث مع حنان ترك في فيلم «شباب على الهوا»، حيث لم يحقق هذا الفيلم اي نجاح يتناسب مع نجومية حنان، كما اخفقت حلا شيحة في اثبات وجودها رغم عملها في فيلمين هذا العام هما «تايه في اميركا» و«اللمبي» فكانت دائما في ظل البطل اكثر الافلام اثارة للجدل.

ونجحت ايناس الدغيدي في ان يحمل فيلمها لهذا العام «مذكرات مراهقة» لقب اكثر الافلام اثارة للجدل واتهام مخرجته بأقسى الصفات بسبب سخونة المشاهد التي ركزت على الجنس في الفيلم دون اي مبرر فني، حتى ان جهات عديدة اقامت دعاوى قضائية ضد ايناس الدغيدي.

وبعد فإن اعين الجميع الان على عام 2003 وما ستحمله ايامه من احداث سينمائية الكل يترقب الجديد لدى النجوم الذين اصيبوا بفوبيا «اللمبي».