«لما حكيت مريم» الألم مراهنة رابحة

TT

غابت المؤثرات السمعية البصرية عن المغامرة الاولى للمخرج اللبناني اسد فولادكار، فيما بقيت بطلة مغامرته مريم تروي فصول معاناتها وتعري المجتمع من بطشه واسقاطاته.

«لما حكيت مريم» فيلم من بطولة برناديت حديب التي ادت دور مريم وطلال الجردي، (الزوج زياد) يغوص في تصوير معاناة امرأة عاقر جنحت في حبها نحو اللامحدود. فبعد زواج دام ثلاث سنوات بين زياد ومريم تطل الى الواجهة مسألة عدم انجاب مريم وتشرع الاقاويل تحيط بالثنائي، خصوصاً من جانب الحماة (رينيه ديك) فيتفق الزوجان على التبني الا ان رفض الحماة لهذا الحل يدفع مريم الى طلب يد فتاة اخرى لزوجها. عندها تتوالى احداث القصة سريعاً لتستأنف مريم رحلتها مع الالم، الذي بدأ مرضاً عصبياً وخلص موتاً كلل احزانها. في الجهة المقابلة يظهر الزوج خاضعاً للمجتمع واملاءاته، ارتضى ما تمليه القواعد القاسية واكتفى بنظرة شفقة رمق بها مريم في اللقاء الاخير.

ولعل ما اراده فولادكار من خلال فيلمه الذي يعتبر خروجاً عن خط الافلام اللبنانية المعتمدة على قصة الحرب كفكره مركزية، هو طرح موضوع المرأة العاقر من زاوية الالم، لذا نجح في تصوير المعاناة من خلال اداء الممثلة برناديت حديب الذي طغى على جوانب القصة.

غير ان تصميم فولادكار في ابراز الجانب الايماني لمريم من خلال الحجاب، لم يسلم من الوقوع في مغالطات غير متفقة مع الجوهر. فالحجاب كان للإثارة، للتفرد وايضاً لمزج جانب ايماني لم تظهر دلالاته خلال السرد الدرامي الا من خلال الزي وجانب حب يرتقي الى درجات مرتفعة يدفع بصاحبته للتخلي عن الالتزام بالنصوص الدينية واطلاق العنان لعواطفها.

من جهة اخرى نجحت الصورة المكررة لمشهد الموت خلال احداث القصة في خلق ربط ملازم للمعاناة. فظهورها مقتطعة بداية وصدمية في خاتمة الفيلم دفعت المشاهد الى لوم نفسه في معالجة صورة «تضاد» بدت مثيرة وخلصت مفجعة.

فالالم المخيم على احداث الفيلم حتى من خلال الموسيقى التصويرية (نداء ابو مراد) تلازم مع الشخصيات حتى بدا العنصر البارز في الفيلم. اما مراهنة فولادكار على السيناريو فقد اثبتت انه بالامكان قيام سينما مهما ضعفت الامكانيات.

يذكر ان الفيلم شارك في مهرجانات عالمية متعددة وحصد جائزة افضل فيلم روائي طويل في مهرجانات كليفلاند واريزونا ومونبيليه والاسكندرية وجائزة الجمهور في فيزول ضمن مهرجان السينما الآسيوية فضلاً عن جائزة التوزيع في مونبيليه وجائزتين للممثلة برناديت حديب عن دور مريم في الفيلم.