42 فناناً مصرياً وإيطالياً في معرض جماعي

TT

استضاف المركز القومي للفنون التشكيلية المصري حديثاً بالتعاون مع المعهد الثقافي الايطالي بالقاهرة في مركز الجزيرة للفنون معرضاً جماعياً بعنوان «أجيال.. اتجاهات.. تقنيات.. متوازيات»، استمر حتى منتصف الشهر الجاري، وشارك فيه 42 فناناً مصرياً وايطالياً، تنوعت أعمالهم بين الفيديو آرت والتصوير والرسم والنحت على الرخام والبرونز والخشب.

اللافت في المعرض سواء من الجانب المصري او الايطالي التنوع والاختلاف في الاتجاهات والتقنيات، بالاضافة الى تباين الاعمار التي تراوحت بين السبعين والخامسة والعشرين.

ونستطيع ان نلمس كذلك تجليات هذا التباين والاختلاف في الحوار والجدل بين اللوحات والأعمال المختلفة المعروضة، فقد تم وضعها بطريقة جعلت الانتقال بينها يثير نوعاً من الدراما قصد القائمون عليه أن يتابعها زوار المعرض، حيث اعتمدت بعض اللوحات على فن البورتريه بشكل طبيعي دون تحوير، وقد اكتفت الفنانة سيلفيا ليوناردي بأن تظهر تعبيرات الوجه في حالات الرومانسية والحلم والخوف والشرود والقوة، وقد عبرت عن ذلك من خلال رسم نفس الوجه في ثلاث لوحات متجاورة وعلى أبعاد واتجاهات متنوعة جاعلة اللوحة المواجهة للمشاهد هي القاعدة وربطت بينها وبين اللوحتين الأخريين، وجعلت كل منهما تواجه الأخرى، وقد صممت لوحة القاعدة الأولى بصورة جعلتها تساوي مساحة اللوحتين المرتبطتين بها، وقامت باستخدام ألوان شفيفة تشي بحالات انسانية حارة.

والى جوار هذه اللوحة توجد أخرى لجلوريا فورتي عبارة عن بلوزة نصفها من القماش المأخوذ من بلوزة حقيقية احتفظت بياقة تشبه التاج، والنصف الآخر مرسوم بلون زهري رقيق جعل مشاهد العمل يشعر كما لو كان أمام جنين غير مكتمل النمو، وعلى يسار هذه اللوحة هناك عمل يعتمد الرمزية الى حد كبير كوسيلة للتعبير عن حالة الانسان المعاصر المسجون في عالم جاف محدد الملامح رتيب ومتكرر، وقد حاولت تيتينا ماسيللي ان تعبر في لوحتها عن رغبة الانسان الأوروبي عامة والايطالي خاصة في كسر رتابة هذا العالم وانفلاته والتخلص من قيود زنزانته الكونية.

وفي نفس القاعة عرضت لوحتان لفرانسيسكو بيرللي عبر فيهما عن حالة من التماهي بين الانثى والذكر وعدم وضوح الفروق بينهما، فقد رسم رأسين لرجل وامرأة مشتركين في جسد واحد مزروع في فضاء أسود يتماهى فيه اللون الأحمر، أما اللوحة الثانية فقد قدم فيها نفس الشكل لكنه أظهر الجسد متضخماً قليلا دون فروق تذكر.

ولعل أكثر الفنانين الايطاليين لفتاً للنظر خلال المعرض كان جيوفاني بالديري الذي قدم عملي نحت على الرخام، أظهر فيهما الجسد الانثوي في رقة وانسجام بالغين وتوحد مع ما بداخله من مشاعر أنثوية رهيفة، كاسراً التناقض بين ايقاع الداخل وملامح التمثال حتى ان توافقا سحرياً ولده الفنان في الخامة التي يمكن ان تعطي احساساً بالانفصال والجمود، إلا ان بالديري الذي لا يتعدى عمره 25 عاماً قدم نحتاً رقيقاً متوافقاً مع رومانسية جوانية بدلت الاحساس بخامة الرخام ومادته الباردة.

وقد شارك الفنانون الايطاليون والمصريون في أعمال قليلة في الفيديو آرت، وهو فن جديد في مصر، ظهر منذ حوالي خمس سنوات وقدم في معرضين في «الهناجر» عبر ورشتين اقيمتا بالتعاون مع المركز الثقافي الاسباني، وكانت الاعمال في معرض مركز الجزيرة لا تتجاوز 6 موضوعات، أحدها مصري لم يتجاوز خمس دقائق وقدم حالة من الوحدة الموحشة حيث يتساقط كل شيء وينزوي محترقاً بعيداً عن العيون ومن دون ان يدري به أحد، قدمه الفنان خالد النشوقاتي، وكان عمارة عن قفص من الجريد يغرق شيئاً فشيئاً في شاطئ مهجور وسط خلفية زرقاء مشربة بحمرة الشفق.

أما أعمال الفيديو آرت التي قدمها الايطاليون الخمسة فقد كانت معبرة بشكل كبير عن واقع الانسان الغربي، ورغبته في البحث وكشف آفاق أخرى تجعل حياته أكثر انسانية، كما في العمل الذي قدمته ساندريني نيكولتا والذي حاولت فيه تفجير طاقات أخرى في الموديل التي بدلا من أن ترسمها، قامت بتلوينها وجعلتها ترسم بجسمها على الأرض أمام أحد منافذ بيع تذاكر القطارات، حتى اذا جاء المسافرون للحصول على تذاكر سفرهم داسوا الصورة المطبوعة على الأرضية أسفل شباك بيع التذاكر.

أما أعمال الفنانين المصريين المشاركين فلم تختلف كثيراً من حيث الاتجاهات والتكنيكات عما قدمه زملاؤهم الايطاليون، فقد استخدم الفنان احمد نوار المخلفات في إبداع تكوين حول قيمة الانسان الى كبسولة تشبه الطائرة لها عيون وأجنحة وساقين، وذلك في تعانق واضح مع ما أشار إليه زملاؤه من ايطاليا من ان الانسان في العصر الحديث تحول الى آلة. وقد قدم الفنان صبحي جرجس تكويناً في هيئة كرسي وبأعضاء انسانية. ولعل ما رسمه الفنان د.مصطفى الرزاز يتوافق بشكل واضح مع ما رسمته جلوريا فورتي وسيلفيا ليوناردي في منحاهما الرومانسي، فقد قدم صياغة لحصانين زاوج بينهما في حوار أخاذ وبين كائن انثوي قرنه بأحدهما المتصدر لسطح اللوحة، أما الحصان المرسوم في عمق اللوحة فقد جعله يقف خلف طفل يطير في فضائها على حصان وهمي.