«العربية».. من الدوري للصحاف

عبد الله القبيع

TT

من هو الذي يبحث عن نجومية الآخر؟

الصحاف الذي اكتسب شهرة عالمية بتصريحاته المثيرة والمتحدية، خلال حرب بلاده مع الولايات المتحدة، أم «العربية» الوليدة التي ولدت مع مدافع الحرب؟

هذه القناة الاخبارية اعلنت على لسان المشرف العام علي الحديثي، انها تبحث عنه وعن نجوميته، وان وظيفته جاهزة كخبير ومعلق ومحلل سياسي. وكما يبدو انها تبحث ايضا عن بقية البعثيين الذين ما يزالون يختبئون في ارض العراق الواسعة وانفاقها وسراديبها. هل ستتحول اذاً «العربية» الى صوت عراقي لما بعد الحرب. فالدوري ما زال يتكلم ويهاجم عبرها دولا على حلقات. ماذا سيحلل الصحاف المغلوب على أمره، وماذا سيقدم للمشاهدين العرب من تحليلات سياسية وتجليات، خاصة انه قدم ما لم يقدمه مسؤول ابان الحرب من تصريحات تخرج عن الواقع وتدور في فلك اللامعقول؟

هل المشاهد العربي سيرحب به محللا سياسيا؟ أم ان هذا الاعلان والبحث عنه بمثابة استغلال لنجوميته وشهرته العالمية التي اكتسبها خلال الحرب؟

ماذا سيقول؟ وكيف سنصدقه بعد ان كان نجما «كوميدياً» لم تخل مطبوعة في العالم ولا قناة ولا اعلان من الاستفادة من امكانياته. الصحاف لن يكون مقنعا اذا اطل علينا كخبير سياسي، ولكنه سينجح حتما لو انه اطل كمقدم لبرنامج منوعات او يقدم من «سيربح المليون». «العربية» عندما تعرض عليه وظيفة من هذا النوع الثقيل، كمحلل اخبار، اعتقد انها ايضا مزحة من العيار الثقيل ستفقدها المصداقية.

العالم كله يبحث عن الصحاف. وبانضمامه الى «العربية»، كما تتمنى، حتما سيشتاق الجميع الى مشاهدته، وبالتالي ستكسب «العربية» النجومية وستكون حديث الناس.

ولم لا فالبعض استغل شهرة الصحاف بطرح دمية له لاقت اقبالا كبيرا، وهناك الكثير ممن وضع صورته على قمصانهم، و«العربية» ستطلقه كمحلل يخفض ضغط الدم ربما لحروب قادمة. افضل وظيفة للصحاف قد تكون مذيع نشرة جوية يقدم خلالها احوال الطقس لكل مواطن عربي حسب ذوقه او مقدما لبرنامج مثل «الاتجاه المعاكس» يستطيع ان يغالط الحقيقة.

ألا يكفي ما تتعرض له شخصيته من ذبح على اعمدة الصحف وبرامج المنوعات، خاصة mbc الشقيقة الكبرى لـ«العربية»، والتي تقدمه كل ثلاثاء في البرنامج الكوميدي cbm باستهزاء وتعيد مؤتمراته الصحافية بطريقة هزلية.

كيف سيقتنع المشاهد العربي اذاً بجدية الصحاف وهو يحلل لنا المشهد السياسي او يعلق على الاوضاع في العراق، بل كيف سنقتنع نحن بتحليل الدم؟

الانطباع الذي اخذناه عن هذا المسؤول الاعلامي الكبير والشهير جداً، انه لا يمت الى الواقع بصلة.

علي الحديثي بإعلانه عن وظيفة للصحاف سجل خبطة تلفزيونية حققت النجاح، ليعرف الناس ان هناك قناة اسمها «العربية»، وسيتسمر المشاهدون لمتابعتها كل يوم لعل وعسى يظهر الصحاف الى العالم من خلالها ليتحدث عن العلوج او الطراطير او عن الذين تركوه وهربوا واصبحوا «العلوج والطراطير».

لنكن واقعيين ونبحث له عن وظيفة تتعلق بامكانياته التي شهرته في كل العالم، إلا اذا كانت هذه كذبة ابريل التي جاءت في آخر ابريل.