معارضة بعض النجوم لحرب العراق تضعهم في مراتب الشهرة

مور هاجم بوش وحقق كتابه «رجال بيض أغبياء» أفضل المبيعات وتوم هانكس التزم الصمت

TT

الممثلة الكوميدية جينين غاروفالو تبدو مفعمة بالحيوية والنشاط وهي تتحدث حول نشاطها الذي قدمته ضد الحرب أخيراً، حيث قالت: «كنت أعلم أنني عندما بدأت الحديث، أن الأمر لن يكون لطيفاً، وكنت أستعد لاستعمال قفازاتي.. ولكن لحسن الحظ فإن النقاط الإيجابية قد تغلبت على السلبيات». مثلاً...؟ مثلاً كل العروض اللامحدودة التي تسلمتها غاروفالو ـ كأدوار التخاطب والمناقشة، والعروض الفردية الفكاهية، وما يمكن أن تقدمه على خشبة المسرح من أدوار عامة ـ قبل أسابيع من تسلمها العرض المتعلق بإبداء آرائها المناهضة للحرب في برامج إخبارية. ومثلاً.. أكداس الخطابات التي ظلت ترد من المعجبين بشكل مستمر، وسيل التهاني القلبية من الغرباء على الطرقات العامة. ومثلاً.. البرنامج الرئيسي الذي تؤديه حالياً مع قناة ABC. وفي اليوم التالي، وبعد عقد ونصف العقد من الزمان من ممارستها الكوميديا أنجزت حلقة «كوميديون للمشاهدة» التي تظهر في (أميريكا أون لاين).

وهي تقول: «قبل هذا كنت ممثلة معروفة بشكل مقبول نوعا ماً، أما الآن فأنا مشهورة للغاية». ولكي لا يتخذ الأمر صورة تهكمية، تقول غاروفالو وبعض النجوم إنهن كن يعملن بإخلاص نابع من القلب، ولكن يبدو أن أداء أدوار المعارضة من شأنه أن يرفع كثيراً من أسهم ومكانة الممثل.

خلال الأسابيع التي سبقت الحرب، أو أثناء فترة الحرب نفسها كانت الكثير من الأصوات المناهضة للحرب تجد عداءً شديداً من بعض مقدمي البرامج في القنوات المختلفة، فمثلاً تيم روبنسون وسوزان ساراندون وهما من أكثر نجوم هوليود استنكاراً ومناهصة للحرب، تعرضا لتأنيب علني قاس وحرما من حقهما في حضور الاحتفالات التي تنظم في «قاعة البيس بول للمشاهير»، كما حرما من حضور اجتماع «فلوريدا يونايتد واي» على التوالي. ثم تعرض مارتن شين الى هجوم ضار من منتقديه إزاء موقفه من الحرب. وفي دعواه القضائية أوضح سيان بين أنه فقد دوراً تمثيلياً في أحد الأفلام السينمائية نتيجة لموقفه المناهض للحرب وبسبب رحلته التي قام بها للعراق قبل الحرب. وبطبيعة الحال فإن بعضاً من المحطات الإذاعية قد وضعت «مقاطعة» منظمة وعلنية لبرنامج «ديكسي شيكس» بسب ما أعلنته المغنية الأساسية في البرنامج ناتالي مينز أثناء عرض لها في مارس (اذار) الماضي من أنها «تخجل» من أن الرئيس بوش ينتمي الى موطنها الصغير تكساس. (وقد اعتذرت عن ذلك في ما بعد).

ولكن.. فقد أعلن على الملأ بأن وجهات نظر النجوم السينمائيين حول الحرب والتي انتشرت على نطاق واسع، قد ساعدت أكثر مما يعتقد أنها أضرت بمستقبل المشاهير.

وبعد اسابيع من إطلاق ناتالي مينز لتصريحاتها تلك، هبطت مبيعات «هوم»، وهو آخر ألبوم صدر لبرنامج (شيكس)، بشكل مريع وعلى نطاق البلاد، قبل أن تقفز مبيعاته مرة أخرى في الصدارة مسجلة الرقم واحد في الأسبوع الماضي.

وحتى روبنز الذي يغتاظ غضباً من فيلمه «مناخ الخوف» بسبب عدم شهرة الممثلين فيه، لا يمكنه التذمر بشكل واضح. وكما جاء ذلك في إحدى المقابلات فهو يقول: «إن أحوالي بخيرعموماً.. لقد أنجزت للتو فيلمين، أحدهما من بطولة كلنت إيستوود. ولا أعتقد أن هناك أي خلل. وإذا حدث شيء كهذا، لا أعتقد أن بوسع أي شخص القول: إننا لم نستخدمك لأسباب سياسية».

وكذلك الحال بالنسبة لمحبوبته وشريكته في العمل منذ أمد بعيد، ساراندون التي ما تزال تعمل بثبات كممثلة أساسية. وهي أميز بكثير مما يمكن أن تفعله غالبية الممثلات ذوات الست وخمسين عاماً. يقول روبنز: «أعلم أننا محظوظون، لدينا أموال في البنوك.. (ولكن) لو كنت ممثلاً في القطاع المتوسط أو ممثلاً مساعداً، في بيئة من هذا النوع، سيكون مخيفاً جداً بالنسبة لي أن أغامر بمستقبلي المهني (بانتقاد الحرب). إنني أعرف أناساً من هذا النوع وقد شكروني لأنني قلت الاشياء التي كانت تعوزهم المقدرة على الإفصاح عنها».

وفي الوقت ذاته فإن هناك العديد من مشاهير الناس لم ينطقوا بحرف واحد عن الحرب. ويلاحظ أن كبار اليساريين مثل توم هانكس وروبن ويليامز وودي هاريلسون قد التزموا الصمت تماماً، علماً بأنهم سبق أن أطلقوا آراءهم بحرية تامة في وقت سابق.

يقول البروفيسور (فخري) هوارد سوبر من كلية المسرح والسينما والتلفزيون التابعة لـUCLA: «إذا كنت مخرجاً أو مدير تصوير، لا أتخيل أنه في زماننا من الممكن أن يقول المدير التنفيذي للتصوير: دعنا نستغنى عن خدمات مارتن شين أو تيم روبنز (بسبب آرائهما). إن ذلك سيكون حديث كل المجتمعات في اليوم التالي. في هذه الأيام لايمكن استخدامك إذا كنت فظاً حاد الطباع، أما إذا كان ذلك لا يؤثر على مسار صناعة الفيلم، فليس مهماً ما تفعله».

وفي واقع الأمر فإن وجهات النظر التي تقال علناً وصراحة من شأنها أن تكون سبباً في الجذب كما أنها مدعاة للإبعاد على السواء. وعلى كل حال فإن ملايين الناس قد عارضوا الحرب في العراق وإدارة الرئيس بوش. وهناك مشاهير النجوم الذين أعطوا هذه المعارضة وزناً كبيراً أمثال شين وروبنز وباربرة سترايسند. ولكن عندما انقلبت الانتقادات عليهم، نتج عن ردة الفعل هذه ردة فعل تعاطفية مضادة. تقول غاروفالو: «لقد تجلفن كل من اليسار والوسط، وكذلك الذين لم يسبق لهم الاشتغال بالسياسة من قبل».

منذ عهد القوائم السوداء في الأربعينيات والخمسينيات، حينما كانت هوليود محظورة على المشتبه بهم من المتعاطفين مع الشيوعيين، فإن قلة من الممثلين المعروفين أو الفنانين كان قد لحقهم الأذى من جراء ما صدر منهم من أحاديث في السياسة.

وعقب احتجاجاته العلنية الصارخة ضد حرب الخليج الأولى، أشار هاريلسون الى أن شركة ميلر لتعبئة البيرة لم تعد تتحدث معه بشأن التمثيل في إعلاناتها التجارية، وكذلك نقضت معه شركة (ماردي غراس باريد) في نيوأورليانز دعوة سبق أن وجهتها له للعمل معها في وظيفة(غراند مارشال). ولكن كل هذا لم يكن إلا سبباً في نجاح وقوة العمل الفني الذي يؤديه هاريلسون، فبعد أن كسب جائزة «إيمي» عن فيلمه (تشيرز)، حقق نجاحاً أكبر في أداء أدوار ممتازة على الشاشة، على النحو الذي ظهر به في عدة أفلام مثل: «الرجال البيض لا يمكنهم القفز»، و«فكرة غير مهذبة»، و«الناس ضد لاري فلنت»، وفيلمه الحالي «إدارة غضب».

إن المرارة التي ظلت تعانيها جين فوندا منذ إعلان معارضتها لحرب فيتنام ورحلتها التي قامت بها الى فيتنام الشمالية في 1972، ما زالت عالقة بها حتى اليوم، ولكن لم يستغرق فوندا وقتاً طويلاً عقب الحرب حتى حققت أكبر قدر من نجاحها التجاري والفني الباهر. في الفترة بين 1977 و1981 أنجزت أكبر أفلامها حصداً لشباك التذاكر، وهي: «ذي تشاينا سيندروم» و«ذي اليكتريك هورسمان» و«ناين تو فايف». كما فازت أيضاً بجائزة أكاديمية عن فيلمها «كمينغ هوم»، في الوقت الذي تم فيه ترشيحها أيضاً عن أدائها في فيلميها «جوليا» و«أون غولدن بوند» في تلك الفترة. ثم حققت في ما بعد أفضل مبيعاتها في إصداراتها عن تعلم تمارين (الغورو) على الطريقة الهندوسية.