بيروت: طغيان الأفلام القصيرة والألم في مهرجان «فلسطين في السينما الجديدة»

TT

«فلسطين الذاكرة».. «فلسطين الانسان».. «فلسطين المعاناة».. «فلسطين الضمير المستتر».. عناوين تلخص الافلام المختارة في مهرجان «فلسطين في السينما الجديدة»، الذي نظمه «مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية» بالتعاون مع «الجمعية التعاونية الثقافية لشباب المسرح والسينما في مسرح بيروت.

اختار المهرجان في دورته الثانية نتاجاً سينمائياً حديثاً امتد من عام 2000 وحتى 2003. وخلافاً للدورة الاولى، حمل المهرجان الحالي أفلاماً لمخرجين اجانب تعالج القضية الفلسطينية بتشعباتها اليومية منها «قطاع غزة» للمخرج جيمس لونغلي و«خمسمائة دونم على القمر» لريتشيل جونز، اضافة الى تخصيصه يوماً عن مخيم «جنين» اثناء الاجتياح الاسرائيلي له من خلال افلام «اجتياح» لنزار حسن و«جنين» لاياد الداوود و«اياب» لأحمد حبش و«جنين جنين» لمحمد بكري و«جنينغراد» لأحمد عبد الرحمن.

ولعل السمة البارزة في ملامح السينما الفلسطينية الحديثة هي الطابع الاخباري السائد في السواد الأعظم من النتاج البصري، الذي قدّم مع سيطرة للأفلام الوثائقية والقصيرة. وهذه الملاحظة قد تجد ما يبررها حين نعلم ان مشاكل انتاج افلام روائية طويلة موجودة عند غالبية الدول العربية. فالمخرجون العرب، سواء كانوا لبنانيين ام سوريين ام فلسطينيين، يطوفون غرباً للبحث عن امكانيات مادية لتبصر أفلامهم النور، الامر الذي يجعل هذا النتاج محصوراً في هذا الطابع، خصوصاً مع اعتماد المحطات الاخبارية الغربية على هذا النوع من الافلام الفلسطينية (التحقيق الاخباري) للوقوف على ما يحصل في اراضي الداخل.

هذا الطابع الاخباري للأفلام يطرح استفهامات حول امكانية حصول انطلاقة حقيقية للسينما الفلسطينية من هذا الاطار.

من جهة اخرى، يعكس البحث في ارجاء هذه السينما محاولة منظمي المهرجان تعريف الجمهور السينمائي اللبناني على النتاج الشبابي الفلسطيني، القائم بمعظمه على كاميرا رقمية وتجوال في قلب المأساة اليومية للشعب الفلسطيني. ولم يحل هذا الامر دون الوقوع في صورة ركيكة في تقنيتها ومباشرة في مضمونها.

ويقول منسق المهرجان هشام كايد ان «الهدف الرئيسي من المهرجان هو محاولة احياء الثقافة الفلسطينية وتعريف المجتمعات العربية على السينما الفلسطينية مع خلق حيز للنقاش والتساؤل حول ملامحها».

ويضيف ان «الافلام التي اختيرت كانت ضمن لائحة تضم 75 فيلماً، مما يعكس انتاجاً غزيراً لا يجد طريقه نحو الجمهور سوى من خلال هذا النوع من المهرجانات».

ويعزو هذا الكم الهائل من الأفلام «الى سهولة ولادة مخرجين فلسطينيين من خلال الطلب المتواصل على هذه الافلام في المهرجانات العربية والعالمية للوقوف من خلالها على ما يحصل في الداخل والخارج الفلسطيني».

ورغم اقراره بوجود تفاوت في مستوى الافلام المعروضة، الا انه يؤكد ان «لجنة اختيار الافلام اعتمدت المعايير السينمائية كأساس وبحثت عن مضمون يظهر كيفية تعايش الفلسطينيين مع مأساة الاحتلال ورؤية فلسطينيي الخارج الى فلسطينهم، اضافة الى معاينة الواقع الفلسطيني في العيون الغربية».

يذكر ان المهرجان اختتم اعماله مع فيلمين لرشيد مشهراوي هما «شهرزاد» و«تذكرة الى القدس»، اضافة الى فيلمين قصيرين لتوفيق ابو وائل تحت عنوان «يوميات عاهر» و«سكر يافا» لهشام كايد.

ويأتي اختيار المنظمين لتاريخ اختتام الدورتين تذكيراً بوقوع النكبة، بداية المأساة العربية. السينما الفلسطينية لا تزال في حقل التجارب والاختبار كما نظيرتها اللبنانية. والسؤال عن امكانية قيام سينما فلسطينية من خلال انتاج فردي غارق بمعظمه في التحليل الاخباري والافلام القصيرة يبدو بحاجة الى اعادة النظر.