ماكليلن: من يرى أننا متحيزون لا يستمع إلينا

رئيس القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية يؤكد أن فصل اثنين من الصحافيين العرب تم لأسباب مهنية وليست عنصرية

TT

لعبت الحرب على العراق واحتلال القوات الأميركية والبريطانية لها دوراً كبيراً في تغيير اسلوب وسائل الاعلام الغربية التي مارست عليها حكوماتها نوعاً من الرقابة للحد والتقليل من تأثير مشاهد العنف والدمار التي أحدثتها قوات الاحتلال في العراق خوفاً من تزايد المعارضة ضد الحرب على العراق، كان هذا واضحاً في معظم القنوات العالمية التي حرصت على عدم تقديم الحقيقة مائة في المائة.

«الشرق الأوسط» التقت رئيس القسم العربي بهيئة الاذاعة البريطانية غيمون ماكيملان اثناء زيارته اخيراً للقاهرة للاحتفال بتدشين برنامج «مدرسة البنات» الذي يبدأ الاعداد له من القاهرة.

* ما هو الهدف الأساسي من برنامج مدرسة البنات، وهل له أي أبعاد سياسية؟

ـ هدفنا الاساسي هو تعريف الرأي العام العربي وصانعي القرار على المشاكل التنموية ومعوقاتها للتغلب عليها وهو أحد الادوار الرئيسية للاعلام، وحقيقة الارقام التي نسمعها عن الأمية والفجوة بين الصبيان والبنات في المنطقة العربية تدعو الجميع للتفكير فمثلا في هذه المنطقة يوجد 70 مليون أمي 66 في المائة منهم من النساء، وبالاستطراد في الارقام التي تم جمعها عن طريق منظمة اليونيسيف نجد ان ما يقرب من 7 ملايين فتاة خارج المدارس من أصل 11 مليونا في سن التعليم الى جانب 13 مليون طفل عامل، 66 في المائة منهم أيضا من البنات مما يعني وجود فجوة لابد من التغلب عليها، لذلك كان برنامج «مدرسة للبنات» حيث تم انتاج البرنامج بالتعاون مع اليونيسيف وصندوق BBC الخيري.

* التعاون مع اليونيسيف سيقودنا للحديث عن البرامج الممولة والتي زاد عددها في الفترة الاخيرة وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى استقلالية الاعلام؟

ـ ليس لدينا برامج ممولة من أي جهة خارجية للتأثير على استقلالية برامجنا ومعروف ان لنا ثلاثة مصادر رئيسية للتمويل وهي تلفزيون BBC الدولي والراديو ومجلس BBC وهو جهة حكومية، كما تقدم لنا الحكومة البريطانية بعض الدعم المالي لكن ذلك لا يؤثر على حياد وصدق برامجنا على الاطلاق.

* مسؤول باليونيسيف أكد لـ«الشرق الأوسط» وجود علاقة لبرنامج مدرسة للبنات وهيئة المعونة الأميركية ومبادرة الاصلاح الديمقراطي لكولن باول حيث ساهمت الاخيرة في انتاج البرنامج، ما رأيك في ذلك؟

ـ ربما ما تقوله فيه شيء من الصواب الى حد ما ولكني اؤكد اننا لم نتلق أية اموال بشكل مباشر من أية جهة أجنبية حتى وزارة الخارجية الأميركية وهيئة المعونة، ومن الممكن ان تكون المساهمة المالية التي تتحدث عنها دفعت لليونيسيف، ومعروف انها تتعاون مع المعونة الأميركية وتتلقى دعما من عدة دول منها أميركا، لكنها في المقام الأول هيئة مستقلة مثل الأمم المتحدة، ومن المحتمل ان تكون المشاركة الأميركية عبر اليونيسيف لكننا لن نقبل ذلك على الاطلاق، واؤكد اننا لم نأخذ أية اموال بشكل مباشر من أي جهة لانتاج مدرسة للبنات او أي برنامج آخر، واقول ان BBC شهدت بالفعل بعض التبرعات المالية التي يحصل عليه الصندوق الخيري لكنها لا تؤثر اطلاقا على استقلالنا ومصداقيتنا الاعلامية، فلدينا تاريخ لا بد من المحافظة عليه.

* لكن زيادة البرامج الممولة وتوقيت مدرسة للبنات وتزامنه مع مبادرة لتعليم النساء والفتيات اطلقها لير شيني نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية وابنة نائب الرئيس الأميركي تطرح عدة تساؤلات وبخاصة مع وجود الدعم الحكومي البريطاني؟

ـ ما حدث هو ان اليونيسيف ارادت ان تقوم بهذه المبادرة وبحثت عن شبكة اعلامية كبيرة على مستوى العالم العربي، فكانت BBC وتم الاتفاق مع الصندوق الخيري على البرنامج، واما عن دور الحكومة البريطانية فهي من المصادر الاساسية لتمويل الهيئة، لكن ذلك لا يعني تدخلها في السياسة الاعلامية، ولدينا معارك معها آخرها قضية الدكتور ديفيد كيلي، وعن الاستقلالية وتحقيق بعض المآرب السياسية واتاحة الفرص لمؤيدي الحرب على العراق وغيرها من الاسئلة التي تتعلق بالحريات والتي سمعت منها الكثير في زيارتي التي استغرقت يومين فأقول ان BBC هيئة مستقلة لا تخضع لأحد، واعتقد ان غالبية مستمعينا يدركون مدى استقلاليتنا ومن يرى عكس ذلك ويعتقد ان لنا اهدافا سياسية فلا يستمع الينا.

* هناك اتهام لك أنت شخصيا وكذلك لادارة BBC بالعنصرية لفصلها اثنين من الصحافيين بها قبل الحرب أحدهم عراقي والآخر فلسطيني؟

ـ هذا الاتهام غير صحيح وما حدث ان هذين الصحافيين اثارا العديد من المشاكل داخل وخارج BBC وعلى مدى خمس سنوات قمنا بمراجعة ملفاتهما فوجدنا انهما غير مناسبين نظرا لكم المشاكل التي قاما بها، كما اننا وجدنا ان بعض مسوغات عملهما لم تكن صحيحة لذلك تم فصلهما.

* هل تم اكشاف كل هذا بعد خمس سنوات ألا تعتقد انها فترة طويلة الى حد ما؟

ـ بعد خمس سنوات وجدنا ان هناك 17 قضية مرفوعة ضد BBC بسببهما وهذا لم يحدث في تاريخ BBC.

* يدور حديث حول ضعف الاداء بهيئة الاذاعة البريطانية منذ تخليها عن عمالقة الاعلام العربي وهو ما أفقد BBC رونقها المعهود وكذلك وجود حالة ضعف في البرامج؟

ـ هذا غير صحيح فلدينا فريق عمل من الصحافيين بالمقر الرئيسي بلندن وبالمركز الاقليمي بالقاهرة وبالفعل فقدنا العديد من صحافيينا وذهب أغلبهم للعمل بـ«الجزيرة» وهو ما جعلها في قمة الاعلام العربي ولكن بعضهم عاد الينا لأننا نتعامل بمصداقية وحيادية بعيدا عن أية اهداف سياسية.

* ماذا عن البرامج المنقولة والتي يقدمها بعض المذيعين الجدد الذين التحقوا بالعمل بالـBBC وهي ذاتها التي كانوا يقدمونها في بلادهم الاصلية؟

ـ هذا غير صحيح ليست لدينا أي برامج مشابهة لأحد فنحن متميزون في كل ما نقدم ولا نقلد أحداً، وليس لدينا برامج منوعات ومعظم برامجنا اخبارية لكننا لا يمكن ان ننتظر لاذاعة بعض الاخبار الثقافية والفنية في فترة معينة او في موعدها الاسبوعي بل نقوم باذاعتها وسط البرامج الاخبارية مع تسليط الضوء عليها في موعدها وعن التكرار في الأخبار والاحاديث فهي صحيحة لكنك عندما تقوم بادارة قناة مثل BBC تبث لـ22 دولة عربية الفارق في التوقيت بينها يصل الى اربع ساعات فبداية ارسالنا تكون في الرابعة صباحا بتوقيت جرينتش أي السادسة بتوقيت القاهرة يكون عرب الخليج قد تناولوا افطارهم وفي طريقهم للعمل وبعد ساعة يكون الفلسطينيون وبعدها المصريون ثم المغاربة ولا بد للجميع ان يسمعوا الأخبار والحوارات والتعليقات الصحافية من كبار المسؤولين وهم يتناولون فطورهم وهذا ليس عيبا في مركز القاهرة الذي يديره حسن أبو العلا وهو خطأ يقع فيه الكثيرون من ان البرامج معادة لكنها في ذات الوقت الذي تسمعها انت مرتين أو ثلاث يكون بلد عربي آخر يستمع لها لأول مرة.

* لماذا تمنع BBC اذاعة احاديث لبعض عناصر المقاومة العراقية؟

ـ اذا اردنا ان نقوم بعمل حوار مع أي جهة سواء كانت معارضة بالعراق او فلسطين فهناك بداية عدد من الاسئلة سنقوم بطرحها على انفسنا مثل من هي الشخصية التي ستتحدث وما مكانها وموقعها ومدى أهمية هذا لمستمعي الـBBC وخيارات اخرى تتعلق بالاعلام لا بالسياسة

* سؤال اخير ما هو رأيك في أحداث الشرق الاوسط والحرب على العراق؟

ـ بالنسبة لي كرئيس BBC العربية ليس من حقي الادلاء برأيي على الاطلاق وسأحتفظ به لنفسي وطالما بقيت مسؤولا عن القسم العربي فليس من حقي.