معركة عود عراقية ـ عراقية في مصر

عمر منير بشير: نصير شمة سب والدي

TT

على الرغم من انتمائهما لآلة موسيقية واحدة هي العود، وعلى الرغم من كونهما أبناء بلد واحد هو العراق، إلا ان طريقهما مختلف تماما، فكلاهما يعزف على آلة العود. بل ان أحدهما ابن عازف شهير في عالم العود، وعلى الرغم من كل هذا دب الخلاف بينهما على صفحات الجرائد، وشاشات التلفزيون. انهما عازفا العود العراقيان عمر منير بشير، ابن عازف العود العراقي الشهير منير بشير، والموسيقي نصير شمة الذي يعيش منذ سنوات في القاهرة، وصار له جمهوره في الوطن العربي كافة من عشاق آلة العود الشرقية.

التقيناهما كل على حدة لنعرف طبيعة الخلاف وأسبابه وبخاصة بعدما تردد وقت انعقاد مؤتمر الموسيقى العربية الماضي من انسحاب نصير شمة بعد علمه مشاركة عمر منير بشير في المهرجان.

في البداية قابلنا عمر منير بشير وسألناه:

* ما أسباب التوتر بينك وبين نصير شمة خاصة أنكم أبناء بلد واحد؟

ـ المشكلة اننا أبناء بلد واحد ومع ذلك هاجم نصير شمة والدي رحمه الله في عدة برامج وكلها مسجلة لدي كان آخرها برنامج «خليك بالبيت» على قناة الـLBC اللبنانية واتهم والدي بأنه كان له موقع حكومي ووضع سياسي وقت وجود النظام العراقي السابق وانه استغل منصبه ووشى بنصير شمة، وان هذا تسبب في اصدار حكم بالاعدام عليه، وان والدي رحمه الله كان يغار منه وهو ما يعتبر سباً علنياً، الصحيح ان والدي كان مستشارا فنيا لصدام حسين الرئيس المخلوع، لكن بعيدا عن أي سياسة وبعيدا عن الانتماء لأي حزب، في وقت كان فيه للموسيقى شأنها المرتفع بالعراق، وكان لوالدي وضع خاص بين الموسيقيين على المستويين المحلي والدولي وله العديد من الاصدقاء من بينهم جاك شيراك الرئيس الفرنسي وتبرع بـ6 ملايين دولار للارتقاء بالفنون والثقافة في العراق وقت زيارته لها. أيضا أحب أن أوضح شيئا أكثر أهمية وهو ان والدي هو الذي أنقذ حياة نصير شمة عندما واجه مشكلة مع النظام العراقي السابق، وأؤكد انه لا يستطيع قول هذا الكلام في مجتمع مثقفين لانهم يعرفون الحقيقة كاملة ويعرفون من هو منير بشير، ووقت اذاعة هذا البرنامج أرسلنا رسالة عبر الفاكس أنا وأخي بأن هذا الكلام غير صحيح ولدينا مستندات تثبت ذلك نستخدمها الآن في رفع دعوى قضائية ضده في المجر، وهي البلد الذي نقيم فيه، ويحق لنا طبقا للقانون المعمول به رفع هذه الدعوى عند سب أحد الأشخاص لاسم عائلة معينة أو في حق شخص متوفى مثل والدي ويعتبرها القانون قضية جنائية، واذا لم أتصرف وأخي بهذا الشكل سيصدق الناس كلامه، وهذا سيضر بنا اذا فكرنا في الرجوع مرة أخرى للعراق وسيعتبروننا من أنصار النظام السابق.

* برأيك هل فعلا عدم مشاركة نصير شمة في المهرجان ليس لها علاقة بمشاركتك؟

ـ بالفعل فأنا تمت دعوتي للمشاركة في المهرجان وألغيت بسبب هذه المشاركة عروض أخرى، وسعدت جدا بقبول هذه المشاركة لأن مصر تعتبر محطة هامة في تاريخ أي فنان وعدم انتشار اسم والدي في المنطقة العربية كان سببه عدم مجيئه الى مصر والاقامة فيها، لذلك اشتهر نصير شمة بالمنطقة العربية لكن الغرب لا يعرفه كما يعرف منير بشير، فهم يحبون الاستماع لعزفه لأنهم يتعرفون من خلاله على الثقافة العربية والمقامات الشرقية وأحاول بدوري ان أكون امتدادا لوالدي وجئت للمشاركة في المهرجان احياء لذكراه.

* ألم تفكر في الاقامة ببلد عربي؟

ـ أقيم بالعراق بلدي لكن من الممكن ان آتي الى مصر حتى أساعد في إنشاء مدرسة جميل ومنير بشير في العزف على العود، لكنني أتمنى أن يرجع العراق مرة أخرى حتى أرجع له مرة أخرى وأبني معهداً لتدريس العود أنطلق منه الى الدول العربية، فقد كان من أحلام والدي منذ الثمانينات اقامة مثل تلك المدرسة وهي ما أنشأها نصير شمة وأسماها «بيت العود العربي» وفكرته تعتمد على وجود أكثر من عازف يمثلون دولاً عربية ليعلم كل منهم اسلوب عزف المدرسة التي ينتمي إليها سواء مدرسة مصرية أو عراقية أو تركية أو مغربية.

* ما هي خطتك الفنية المقبلة؟

ـ مشاركتي في مهرجان الموسيقى العربية بمصر فتح لي مجالات جديدة بها وأفكر في البحث عن موزع حتى يتم توزيع اسطوانات الـCD الخاصة بي، ومنها CD خاص جدا لعزف منفرد بيني وبين والدي منير بشير، ومن خلال شركة «منير بشير انترناشيونال فاونديشن» التي أسستها وأخي سعد بشير عام 1999 ومقرها في العاصمة المجرية بودابست نحاول عمل حفلات سنوية احياء لذكرى والدنا منير بشير ولدينا حوالي 300 ساعة عزف تخص والدنا ما بين ألحان وعزف منفرد وعزف مع فرقة موسيقية لم يستمع اليها أحد. كذلك يوجد عمل مشترك مع شركة «هارمونيا موندي» الفرنسية الاميركية لانتاج CD دوبل مع كتيب، ويعتبر منير بشير أول فنان يصدر له CD مزدوج مع كتيب عن حياته الشخصية بالانجليزية والفرنسية. بالاضافة الى صور نادرة له. كما تم الاتفاق مع بعض المطربين والعازفين العرب على عمل CD خاص باحياء التراث الشرقي والعربي فقط، ومن ضمنهم المطربة اللبنانية «جاهدة وهبي» والمطرب المصري «علي الحجار» والمطربة المغربية «كريمة الصقلي» والعازفان «شربل روحانا» من لبنان و«سعيد شرايبي» من المغرب.

* أنت تقدم موسيقاك لجمهور غربي بحكم إقامتك. كيف تجد الجمهور العربي؟

ـ الجمهور العربي كان يطلق عليه «السميع» بمعنى انه كان يتذوق الموسيقى الجيدة لكن من كثرة وجود موسيقى هابطة جعلت هذا الجمهور العربي ينقرض، فلا يوجد الآن من يستمع الى أم كلثوم، ونحن الآن بحاجة ماسة لهذا الجمهور المتذوق للموسيقى الجيدة حتى نقدم لهم فنا أصيلا، وكفنانين وموسيقيين نحتاج دعماً من وزراء الثقافة العرب والوزارات المعنية، بمعنى توفير وتسخير المادة في اقامة أحداث ثقافية هامة، لكن الذي يحبط اقامة مثل هذه الاحداث هو تفكير القائمين عليها في المقابل المادي الذي سيحصل عليه الفنان، في حين ان هناك مطربين لا يرقون الى مستوى الطرب تقام لهم حفلات ويحصلون منها على عائد كبير جدا من دون وجود فن حقيقي، والمقارنة بيننا كعرب وبين الغرب تكون نتيجتها لصالح الغرب الآن لأنهم يحترمون التراث الانساني ويتعرفون على تاريخ أي بلد من خلال موسيقاه، لذلك من الممكن ان تجد الحاضرين في أي حفل موسيقي في بلد غربي ينصتون باهتمام لمدة ساعتين من دون ملل ومن دون اصدار أي صوت وتهيئة كل الأجواء التي تساعد الفنان على مواصلة حفله الموسيقي.

* ألم تحاول الرجوع بعد أن أصبح هناك عراق جديد؟

ـ لا يوجد عراق جديد، واذا كان من واجبي المساهمة في بناء بلدي مرة أخرى فأول شيء علي عمله هو احياء ذكرى والدي وموسيقاه لأنني شاهدت المكتبة الخاصة به وهي تحترق أثناء الحرب على شاشات التلفزيون ولم استطع فعل أي شيء وهذه مكتبة تحتوي على تراث غنائي تم جمعه منذ عام 1900 وحتى الآن، وأعتقد من وجهة نظري الخاصة أنه يجب رجوع الـ5 مليون عراقي الموجودين بالخارج لإعادة بناء العراق مرة أخرى، لكن بعد استقرار الأوضاع، مع العلم انني رفضت منصباً كبيراً عرضته علي الحكومة العراقية الموجودة حاليا لكنني لا أريد مناصب وغير راض عن الوضع الحالي ومنصبي الكبير في عودي الخاص بي.