من نجيب الريحاني إلى محمد صبحي .. ممثلون يمارسون الكتابة الدرامية

كمال الشناوي: الفنان يجب ألا يحصر نفسه في إطار معين * محمد صبحي: الدراسة مهمة إلى جانب الموهبة * سميرة محسن: عملي في التمثيل أفادني كثيرا

TT

تكررت في السنوات الاخيرة ظاهرة اتجاه عدد من الممثلين للكتابة الدرامية في السينما والمسرح والتليفزيون، وكانت هذه التجارب في اغلبها تحمل أفكارا جديدة وتعبر عن ثقافة عميقة واتجاه فكري واضح لعدد منهم، وإن كان لهذه الظاهرة اصول تاريخية من خلال تجارب فنانين كبار مثل نجيب الريحاني وفاطمة رشدي وعلي الكسار وأنور وجدي وفريد شوقي. والتساؤل الذي يطرح نفسه ما الدافع وراء اتجاه هؤلاء الممثلين للكتابة الدرامية.

* الفنان كمال الشناوي يأتي على رأس قائمة الممثلين الذين خاضوا تجربة الكتابة الدرامية ويقول: ان الفنان يجب الا يحصر نفسه في إطار معين فأنا كنت في الأصل فنانا تشكيليا ولي هواياتي الاخرى في التمثيل والغناء وبالاضافة الى ذلك كنت أحرر بابا بعنوان «ع الماشي» في صحيفة الجرس التي كانت تصدر عن المعهد العالي للتربية، والفنان دائما لديه موهبة ظاهرة ومواهب أخرى خفية، وأنا أعتز بتجاربي في الكتابة للسينما من خلال كتابتي لقصة فيلم «وداع في الفجر» عام 1955 واشتركت في كتابة السيناريو مع السيد بدير وكتبت ايضا قصة فيلم «طريق الدموع» عن حياة الفنان الراحل أنور وجدي واشتركت في كتابة السيناريو مع حلمي حليم وذلك في عام 1964 كما كتبت قصة فيلم «نساء الليل» عام 1973 واشتركت في السيناريو مع أحمد عبد الوهاب. ويضيف كمال الشناوي ان الفنان باستمرار محبوس داخله أفكار تتصارع من اجل الخروج للنور ودائما كان لدي افكار اسجلها على الورق سواء في صورة قصة أو خواطر، وعندما يشارك الفنان في عمل منذ بدايته ويشهد مرحلة ولادته فإنه يكون قادراً على الإلمام بكل خيوط العمل الفني بشكل افضل وأنا حتى الآن أمارس الكتابة ولدي سيناريوهات لم تر النور لاسباب مختلفة منها انشغالي الدائم بالعمل وعدم وجود جهات منتجة كما أن الإنتاج اصبح اكثر تعقيدا عن الماضي.

* الفنان محمد صبحي له ايضا تجارب متعددة في الكتابة بدأت مع مسلسل «سنبل بعد المليون» مع المؤلف احمد عوض مرورا بمسلسل «يوميات ونيس» ومسرحية «ماما أميركا» مع المؤلف مهدي يوسف ومسرحية «كارمن» مع الشاعر يسري خميس وأخيرا مسلسل «فارس بلا جواد» مع الكاتب محمد بغدادي، ويقول محمد صبحي: ان هناك عدداً كبيراً من الممثلين قاموا بدراسة الدراما والدراسة مهمة جدا الى جانب الموهبة وليس هناك ما يمنع الفنان ان يكتب اعماله بنفسه وعندما يفشل فلا شك انه سيتوقف، وأغلب التجارب التي قدمها ممثلون في مجال الكتابة الدرامية كانت موفقة الى حد كبير ولم يكن فيها أعمال مزعجة، ومن الوارد ان يكون اتجاه البعض للكتابة يرجع لعدم تحققهم الكافي كممثلين، ولكن اذا كانت مسيرة الممثل تسير بشكل طبيعي ولديه وجهة نظر فما الذي يمنع تقديمها؟، كما أن الممثل الذي يكتب لنفسه لو وجد موضوعا جيدا لدى أي مؤلف اخر فلن يتردد في تقديمه.

* الفنانة نادية رشاد من الفنانات اللاتي حققن نجاحا كبيرا في مجال الكتابة الدرامية ولديها رصيد يبلغ خمسة افلام تلفزيونية من اشهرها «اسفة ارفض الطلاق» و«القانون لا يعرف عائشة» الى جانب اربعة مسلسلات ابرزها «دعوة للحب» و«الرجاء التزام الهدوء» وتقول نادية رشاد: لو أن الفنان يملك الموهبة ويشعر ان بداخله موضوعات تلح عليه فماذا يمنع من خروجها للنور، وهناك امثلة كثيرة في بدايات السينما، فأنور وجدي مثلا كان يكتب سيناريوهات افلام لاسماعيل ياسين وغيره من الممثلين، ولكن مع الآسف ان اتجاهي للكتابة اثر بشكل سلبي على عملي كممثلة من خلال منطق غريب وهو انني طالما اكتب فلماذا اعمل بالتمثيل، وفي ذلك تجاهل لادواري في المسرح والتليفزيون وهذا الامر دفعني للتوقف عن الكتابة لفترة ليست قصيرة، فأنا أعشق التمثيل وفي الماضي كان الممثل صاحب المواهب الاخرى يجد التشجيع، لكنني فوجئت بحرب شديدة لان البعض يحاولون الاقتناع بأنني مؤلفة جيدة لانني ممثلة متوسطة المستوى، وان كنت مقتنعة بأنني ممثلة جيدة وادواري تشهد على ذلك وليس معقولا ان اقوم بالتمثيل بالشفعة وفي دور صغير بعمل من تأليفي لذلك قمت بالتركيز في التمثيل في عدة اعمال من اشهرها مسلسل «أم كلثوم» وسهرة «نونة الشعنونة» وتضيف نادية رشاد: ان موهبة الكتابة موجودة عندي منذ الصغر فبدأت بكتابة القصة والشعر وانتهيت بكتابة السيناريو، كما انني درست الادب وعرفت اصول الدراما وخلال عملي كممثلة قرأت مئات السيناريوهات وعرفت الجيد من الرديء الى جانب قراءاتي المستمرة لكتب الدراما.

* الفنان محمود الجندي خاض ايضا تجربة الكتابة الدرامية ولديه سيناريو مسلسل بعنوان «الشبيه» وسيناريو فيلم بعنوان «حوش آدم» عن الشاعر احمد فؤاد نجم يحضر لتصويره في الفترة المقبلة. ويقول محمود الجندي: ان الاحساس الفني يمكن ان يعبر عنه الممثل بأي وسيلة فليس هناك تخصص في الفن وكثرة الممارسة تعطي للفنان خبرات كبيرة وقد يكون اقرب شخص للدراما، وانا امارس الكتابة منذ فترة طويلة فقد كتبت الاشعار والاغاني للمسرحيات التي شاركت بها ولي مسرحية كتبتها بعنوان «الحب بعد المداولة» قدمت على مسرح الطليعة ولاقت صدى جيدا وقت عرضها قبل عدة سنوات ولم تستمر تجربتي في الكتابة لأنني انشغلت في التمثيل.

* الفنانة سميرة محسن صاحبة رصيد كبير كمؤلفة يبلغ 22 مسلسلا واربعة افلام اخرها «سنة أولى نصب» الذي عرض أخيرا، وهي ايضا أستاذة بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتقول: ان هواية الكتابة موجودة عندي منذ الصغر وذلك لطبيعة نشأتي فخالي الكاتب والشاعر الراحل عبد الرحمن الخميسي الذي تعلمت منه الكثير، وكذلك تعلمت على يد السيناريست الراحل علي الزرقاني والذي كان صديقا لعائلتي، ومن خلاله عرفت كيف اصنع الحبكة الدرامية، فهو أحد اهم كتاب السيناريو على مدى تاريخ السينما المصرية هذا الى جانب دراستي للدراما بشكل متخصص في موسكو وعملي بالتمثيل أفادني كثيرا وخاصة في كتابة الحوار. وتضيف سميرة محسن: «ان اتهامي بأنني اكتب للمرأة فقط غير صحيح لانه ليس من المنطقي ان اكتب لنصف المجتمع واتجاهل النصف الاخر واخر مسلسل لي «درب ابن برقوق» كان كل ابطاله من الشباب وكذلك فيلمي الاخير «سنة أولى نصب».

* الفنان خالد الصاوي الذي اشتهر بتقديم شخصية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في الفيلم الذي اخرجه السوري انور القوادري له عدد من التجارب في الكتابة الدرامية بالمسرح والتليفزيون وحصل على عدة جوائز من مهرجان القاهرة للاذاعة والتليفزيون ويحضر لفيلم سينمائي من تأليفه بعنوان «عيش معايا» ويقول خالد الصاوي: لقد بدأت الكتابة والتمثيل والاخراج في وقت واحد عند دخولي كلية الحقوق، حيث ارتبطت بالمسرح بشكل كبير كما انني امارس الكتابة بشكل جاد ففي عام 1988 نشرت ديوان شعر بعنوان «بعث الخيول» وعام 1989 نشرت مجموعة قصصية بعنوان يوميات خلود وكتب مقدمتها الراحل يوسف ادريس وحصلت على جائزتين في التأليف المسرحي، ويضيف خالد: ان الممثل عندما يصبح لديه ما يقوله بشكل اكبر من ادواته التمثيلية، فلا بد ان يطرحه من خلال الشكل الذي يراه مناسبا، وعندما تتزايد اقتراحات الممثل فلا بد ان يتجه للكتابة، وهو ما كان يفعله الراحل فريد شوقي الذي كان يكتب القصة ويستعين بسيناريست متخصص، كما ان الممثل الذي لديه صلة بالكتابة يكون اكثر تماسكا في اداء دوره، وحتى الممثلين الكبار على مستوى العالم نجدهم كتبوا بشكل أو بآخر فمارلون براندو كتب أخيرا سيرته الذاتية وشارلي شابلن مارس كل جوانب العمل السينمائي ووودي آلن مارس الكتابة قبل ان يتجه الى الاخراج ثم الى التمثيل.

* الفنان حسين الامام من احدث الممثلين الذين خاضوا تجربة الكتابة السينمائية من خلال «اشيك واد في روكسي» و«كذلك في الزمالك»، وقد شاركه كتابتهما السيناريست مختار حسين ويقول حسين الامام: ان اتجاه الممثلين للكتابة يعتبر امتدادا للماضي فالممثل كان يمارس كل اشكال العمل الفني، وانا شخصيا تعلمت الكثير من صديقي السيناريست الراحل محسن زايد ومن اخراج خيري بشارة ووالدي المخرج الراحل حسن الامام هذا الى جانب اطلاعي الدائم وقراءاتي المختلفة وموهبة الكتابة لا تأتي للممثل الا بعد سنوات طويلة من العمل.