مهرجان الأغنية السورية بعد دورته التاسعة

مراوحة في المكان ومواهب شابة ليس أمامها من الفرص إلا الغناء في الملاهي وعلب الليل!

TT

منذ دورته الأولى، بل منذ وضع أسس انطلاقها، تباينت الآراء حتى حول تسمية المهرجان، رأى البعض عدم اطلاق تسمية «الأغنية السورية» تحديداً، على أساس أنها أغنية عربية أولاً، واقترح أن تكون التسمية «مهرجان الأغنية العربية في سورية»، على أساس أن الأغنية في سورية هي مجرد نوع من أنواع الأغنية العربية.

ورأى البعض الآخر، العكس.. رأى أن يكون المهرجان باسم «مهرجان الأغنية السورية»، وأكد وجوب تحديد هوية الأغنية السورية ما دامت هناك تسميات مماثلة مطروحة في الوطن العربي، مثل الأغنية المصرية، والأغنية اللبنانية، والأغنية الخليجية.

وانتصر الرأي الثاني، وتقرر أن يكون المهرجان باسم «مهرجان الأغنية السورية».

كما تقرر أن يكون المهرجان نوعياً، ويختلف عن بقية مهرجانات الأغنية العربية التي تنتهي فعالياتها مع انتهاء الأيام المحددة لها.. كما رفضت اللجنة العليا الأولى للمهرجان أن يكون مهرجاناً بجوائز أو أن يكون نوعاً من الاحتفالية الظاهرية أو تقليداً لـ«أضواء المدينة» أو مجرد فسيفساء موسيقية وغنائية.

* أصوات لتفادي الخلل

* تحققت بضعة بنود من هذه الأهداف بنسب متفاوتة، ومنذ دورته الخامسة بدأت تظهر أصوات وآراء تنادي بوجوب اعادة النظر في هيكلية المهرجان وبرامجه بحيث لا يكون هناك تراجع عن السعي لتحقيق أهدافه كاملة. ويمكن ان نجمل نقاط الخلل في مسيرة المهرجان، في ما يلي:

1 ـ لم يكن هناك موعد ثابت لإقامة فعاليات المهرجان على الرغم من انه مقرر سنوياً، وقد حدث أن أعلن عن تأجيل موعد إحدى دورات المهرجان ثلاث مرات، وعلى الرغم من أن مكان المهرجان كان مقرراً أن يكون في قلعة حلب، وفي منتصف الصيف، إلا أن التأجيل اضطر إدارة المهرجان لإقامته في آخر الخريف وأول الشتاء، بل في موسم الأمطار وفي صالة مغلقة كما حدث هذا العام.

2 ـ الاستعدادات للمهرجان كانت تبدأ متأخرة، ولهذا كان التحضير له يتم في وقت قياسي من السرعة في حين يحتاج الإعداد لمثل هذا المهرجان إلى وقت أطول.

3 ـ كان هناك خلل ومزاجية وبعض الوساطات في موضوع قبول الأغنيات المرشحة للمهرجان، مما أوصل لمنصة الغناء بعض المطربين والمطربات، من أصحاب التجارب والأصوات المحدودة، في حين حرم آخرون أكثر موهبة من فرص المشاركة والظهور.

4 ـ قدمت في كل دورة من دورات المهرجان عشرات الفقرات الغنائية لعشرات الأصوات وقد وصل عدد الفقرات في إحدى الدورات إلى تسعين فقرة، مما خلق بدوره خللاً في التقويم والاختيار.

5 ـ أصبح هناك بعض الأشخاص ممن يطلق عليهم اسم «جماعة المهرجان»، فيعطى موزع موسيقي مثلا توزيع عدد كبير من ألحان المهرجان لتوزيعها، ويحرم من ذلك موزعون موسيقيون آخرون.. وهذا ينطبق على أشخاص آخرين من المكلفين بأعمال ومهمات من إدارة المهرجان.

6 ـ إعادة منح جوائز مادية في المهرجان كان تنازلاً عن بند مهم من بنوده.

7 ـ اختيار الفائزين لجوائز المهرجان كانت تدخل فيه أحياناً أسباب غير موضوعية، ولم يكن الرأي الأخير للجنة وأصبح هناك تهاون في منح ذهبية المهرجان التي خلقت نوعاً من النجوم، خاصة من المطربات الناشئات، بحيث قالت إحداهن «إنني فنانة بدأت مشواري الفني من القمة»، لأنها نالت الذهبية وهي تقدم أغنيتها الأولى.

8 ـ لم توفق إدارة المهرجان عندما حاولت في دورته السابعة استدراك الروتين والمراوحة في مسيرته، بتحقيق انطلاقة ـ ولو محدودة ـ نحو الحداثة والتجريبية بتقديم ألوان مختلفة من الغناء السوري بلغة معاصرة، والتوجه إلى الأطفال في أغان متطورة لتعميق مفاهيم الطفولة وقيمها ومبادئها وحقوقها كفعل ثقافي وحضاري ومدني، لكن التجربة كانت محدودة، مما اضطر الفنان دريد لحام، مدير المهرجان آنذاك، وفي الدورة السابعة، الى أن يعترف بأن إدارة المهرجان تواجه مشكلة التكرار، وبالتالي الوقوع في النمطية والمراوحة في المكان، خاصة ان المهرجان مرتبط بآلية واحدة بحكم اهدافه المحددة بصناعة الأغنية، ومن هنا ـ كما قال مدير المهرجان ـ كان من المستحيل التجديد ضمن الثوابت والتطوير ضمن التقاليد التي أصبحت راسخة.

* اقتراحات للتطوير

* طرحت عدة اقتراحات للتطوير لم يؤخذ بأكثرها ومنها:

1 ـ تحديد موعد ومكان ثابت للمهرجان، شهر يوليو (تموز) وفي قلعة حلب الأثرية.

2 ـ التحضير للمهرجان بشكل مبكر، منذ شهر مارس (آذار)، وتحديد مواعيد دقيقة وثابتة للاجتماعات الدورية للجان.

3 ـ تشكيل لجنة من الاختصاصيين تشتمل على نقاد وإعلاميين وموسيقيين وملحنين وشعراء لمتابعة فعاليات المهرجان ومنح الجوائز.

4 ـ وضع خطة عمل تنفيذية لقبول المشاركات من الفنانين في مواعيد دقيقة ومحددة، وإفساح فرصة التسجيل في استديوهات الإذاعة للذين لا يستطيعون تسجيل أغنياتهم على حسابهم.

5 ـ تكليف عدد من شعراء الأغنية ومن الملحنين إعداد أغنيات للمشاركين من أصحاب الأصوات الواعدة والموهبة الغنائية المتميزة.

6 ـ اختيار مسبق لأسماء المكرمين، ولفنان كبير رائد يتم تكريم اسمه في الدورة ويصدر عنه كتاب إذا كان من أصحاب التراث الفني الكبير.

7 ـ تكريم فنان أو أكثر من الوطن العربي يكون ضيف شرف في المهرجان.

8 ـ اختيار دقيق للإعلاميين والصحافيين المدعوين لتغطية المهرجان للانتهاء من الاستضافة العشوائية القائمة.

9 ـ الحرص على ألا يزيد عدد المشاركين في المهرجان على عشرين مشاركاً من المطربين والمطربات، بالاضافة إلى الفرق الاستعراضية المشاركة.

10 ـ اختيار مواضيع مناسبة للنشاط الثقافي الموازي للفعاليات الفنية كالمحاضرات والندوات والمعارض وتكليف المشاركين في وقت مبكر، كذلك تحضير المطبوعات الخاصة بالمهرجان بدل إلغاء هذه النشاطات والاكتفاء بالغناء.

11 ـ تنظيم موضوع التصوير الفوتوغرافي وتوزيع الصور بصورة دقيقة على الصحافيين بدل الحالة العشوائية السابقة، بحيث كان صحافي يأخذ مائة صورة ولا يستطيع صحافي آخر أكثر أهمية منه الحصول على خمس صور.

12 ـ تفعيل مكتب السكرتارية للمهرجان ورفده أثناء المهرجان بعناصر كافية.

13 ـ إرسال نسخ من الأشرطة التي سجلت عليها فعاليات المهرجان إلى الفضائيات العربية لتقوم ببثها.